الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح62 الطهارة بالوضوء والغسل والتيمم ج1

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَ‌افِقِ وَامْسَحُوا بِرُ‌ءُوسِكُمْ وَأَرْ‌جُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُ‌وا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْ‌ضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ‌أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِ‌يدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَ‌جٍ وَلَٰكِن يُرِ‌يدُ لِيُطَهِّرَ‌كُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُ‌ونَ).


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء الثلاثين نتناول فيه الآية الكريمة السادسة من سورة المائدة التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَ‌افِقِ وَامْسَحُوا بِرُ‌ءُوسِكُمْ وَأَرْ‌جُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُ‌وا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْ‌ضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ‌ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِ‌يدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَ‌جٍ وَلَٰكِن يُرِ‌يدُ لِيُطَهِّرَ‌كُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُ‌ونَ).. نقول وبالله التوفيق:


أيها المؤمنون:


يقول صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: "إن الحديث عن الصلاة والطهارة إلى جانب الحديث عن الطيبات من الطعام والطيبات من النساء. وإن ذكر حكم الطهارة إلى جانب أحكام الصيد والإحرام والتعامل مع الذين صدوا المسلمين عن المسجد الحرام .. إن هذا لا يجيء اتفاقا ومصادفة لمجرد السرد، ولا يجيء كذلك بعيدا عن جو السياق وأهدافه .. إنما هو يجيء في موضعه من السياق، ولحكمته في نظم القرآن .. إنها أولا لفتة إلى لون آخر من الطيبات .. طيبات الروح الخالصة .. إلى جانب طيبات الطعام والنساء .. لون يجد فيه قلب المؤمن ما لا يجده في سائر المتاع. إنه متاع اللقاء مع الله، في جو من الطهر والخشوع والنقاء .. فلما فرغ من الحديث عن متاع الطعام والزواج ارتقى إلى متاع الطهارة والصلاة استكمالا لألوان المتاع الطيبة في حياة الإنسان .. والتي بها يتكامل وجود «الإنسان». ثم اللفتة الثانية .. إن أحكام الطهارة والصلاة كأحكام الطعام والنكاح, كأحكام الصيد في الحل والحرمة, كأحكام التعامل مع الناس في السلم والحرب ... كبقية الأحكام التالية في السورة ... كلها عبادة لله. وكلها دين الله. فلا انفصام في هذا الدين بين ما اصطلح أخيرا - في الفقه - على تسميته «بأحكام العبادات»، وما اصطلح على تسميته «بأحكام المعاملات» ..


أيها المؤمنون:


هذه التفرقة التي اصطنعها «الفقه» حسب مقتضيات «التصنيف» و«التبويب» لا وجود لها في أصل المنهج الرباني، ولا في أصل الشريعة الإسلامية .. إن هذا المنهج يتألف من هذه وتلك على السواء. وحكم هذه كحكم تلك في أنها تؤلف دين الله وشريعته ومنهجه, وليست هذه بأولى من تلك في الطاعة والاتباع. لا، بل إن أحد الشطرين لا يقوم بغير الآخر. والدين لا يستقيم إلا بتحققهما في حياة الجماعة المسلمة على السواء. كلها «عقود» من التي أمر الله المؤمنين في شأنها بالوفاء. وكلها «عبادات» يؤديها المسلم بنية القربى إلى الله. وكلها «إسلام» وإقرار من المسلم بعبوديته لله. ليس هنالك «عبادات» وحدها و«معاملات» وحدها .. إلا في «التصنيف الفقهي» .. وكلتا العبادات والمعاملات بمعناها هذا الاصطلاحي ..كلها «عبادات» و«فرائض» و«عقود» مع الله. والإخلال بشيء منها إخلال بعقد الإيمان مع الله! وهذه هي اللفتة التي يشير إليها النسق القرآني وهو يوالي عرض هذه الأحكام المتنوعة في السياق. «يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ...» .. إن الصلاة لقاء مع الله، ووقوف بين يديه سبحانه ودعاء مرفوع إليه، ونجوى وإسرار. فلا بد لهذا الموقف من استعداد. لا بد من تطهر جسدي يصاحبه تهيؤ روحي.


أيها المؤمنون:


ومن هنا كان الوضوء- فيما نحسب والعلم لله- وهذه هي فرائضه المنصوص عليها في هذه الآية: غسل الوجه. وغسل الأيدي إلى المرافق. ومسح الرأس. وغسل الرجلين إلى الكعبين .. وحول هذه الفرائض خلافات فقهية يسيرة .. أهمها هل هذه الفرائض على الترتيب الذي ذكرت به؟ أم هي تجزئ على غير ترتيب؟ قولان .. هذا في الحدث الأصغر .. أما الجنابة سواء بالمباشرة أو الاحتلام فتوجب الاغتسال .. ولما فرغ من بيان فرائض الوضوء، والغسل، أخذ في بيان حكم التيمم. وذلك في الحالات الآتية: حالة عدم وجود الماء للمحدث على الإطلاق .. وحالة المريض المحدث حدثا أصغر يقتضي الوضوء، أو حدثا أكبر يقتضي الغسل والماء يؤذيه .. وحالة المسافر المحدث حدثا أصغر أو أكبر ..


أيها المؤمنون:


وقد عبر عن الحدث الأصغر بقوله: «أو جاء أحد منكم من الغائط» .. والغائط مكان منخفض كانوا يقضون حاجتهم فيه .. والمجيء من الغائط كناية عن قضاء الحاجة تبولا أو تبرزا. وعبر عن الحدث الأكبر بقوله: «أو لامستم النساء» .. لأن هذا التعبير الرقيق يكفي في الكناية عن المباشرة .. ففي هذه الحالات لا يقرب المحدث حدثا أصغر أو أكبر الصلاة، حتى يتيمم .. فيقصد صعيدا طيبا .. أي شيئا من جنس الأرض طاهرا- يعبر عن الطهارة بالطيبة- ولو كان ترابا على ظهر الدابة، أو الحائط. فيضرب بكفيه، ثم ينفضهما، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يمسح بهما يديه إلى المرفقين .. ضربة للوجه واليدين. أو ضربتين .. قولان .. وهناك خلافات فقهية حول المقصود بقوله تعالى: «أو لامستم النساء» .. أهو مجرد الملامسة؟ أم هي المباشرة؟ وهل كل ملامسة بشهوة ولذة أم بغير شهوة ولذة؟ خلاف .. كذلك هل المرض بإطلاقه يجيز التيمم؟ أم المرض الذي يؤذيه الماء؟ خلاف .. ثم .. هل برودة الماء من غير مرض وخوف المرض والأذى يجيز التيمم .. الأرجح نعم ..


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, وشفاء صدورنا, ونور أبصارنا, وجلاء أحزاننا, وذهاب همومنا وغمومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا, وعلمنا منه ما جهلنا, وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار, على الوجه الذي يرضيك عنا, واجعله اللهم حجة لنا لا علينا.. آمين آمين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع