الخميس، 26 محرّم 1446هـ| 2024/08/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق نوليوود وسياسة الإلهاء في نيجيريا

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


أصبحت نوليوود (لقب السينما النيجيرية) ثاني أكبر صناعة سينمائية بعد هوليوود بـ ٢٠٠٠ فيلم سنويا متفوقة على بوليوود. وهي صناعة نشطة جداً فمتوسط إنتاج الفيلم يستغرق 10 أيام فقط، وتكاليفه حوالي 15،000 دولار. وتتميز صناعة السينما في نوليوود بقلة التكاليف والنصوص الهابطة التي تغيّب المشاهد عن واقعه وتسرح به بعيدا في قصص السحر والشعوذة والخلافات الطائفية. واللافت أن هذه الصناعة بدأت من لا شيء منذ أقل من عقدين ونمت بشكل سريع واكتسبت شعبية بين الـ130 مليون نسمة في هذا البلد الذي يجمع بين الغنى والفقر المدقع. قفز هذا القطاع من لا شيء ليصبح له أهمية ومكانة بل ويساهم بـ 1,2من إجمالي الناتج المحلي ويوفر فرص عمل لأكثر من مليون شخص (الإكونومست).


وتصل أرباح السينما النيجيرية إلى 100 مليون دولار في السنة؛ وقد انتعش هذا القطاع في الفترة الأخيرة نتيجة اهتمام هوليوود بالسينما النيجيرية، وتخصيص صالات عرض للسينما الأفريقية في أمريكا ودعمها في المهرجانات الدولية.


التعليق:


لا يكاد يمر علينا يوم أو أسبوع إلا ونطالع خبرا يتحدث عن هجوم هنا أو تفجير هناك في أرض الإسلام نيجيريا، ذاك البلد الذي يضم أكبر عدد من المسلمين في أفريقيا. وقد زُرع عدم الأمن والأمان هناك بأيدٍ خبيثة آثمة، لا ترقب فينا إلا ولا ذمة وسكتت عنه حكومات متآمرة ومتخاذلة. نقول: لو أردنا أن نشبه واقع المسلمين والناس هناك سينمائيا لقلنا أنهم يعيشون فيلم رعب قاتل. في مقابل هذا المشهد على أرض الواقع نطالع خبرا كالذي سبق، فكيف نفسر ذلك؟ ولماذا تُحشى العقول بهكذا مشاهد؟ ولماذا تسمح الجهات المختصة بهكذا إنتاج رخيص تسطيحي مُلهٍ؟


كتب الناقد الروسي أ.ف. كاراغانوف عن السينما وتأثيرها على المعتقدات والأفكار، وصياغتها للعقول: "النظام الرأسمالي يستخدم ليس فقط السجن والعنف وقوى الشرطة، وإنما أيضاً الثقافة والإعلام، بصورة فعالة، من أجل السيطرة على عقول الشغيلة، ويلعب الفن السينمائي دوراً كبيراً لا بل دوراً حاسماً في التأثير على الإنسان، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الصحافة والتلفزيون، فشبكات التلفزيون تتعاون مع المؤسسات السينمائية من أجل تشكيل أفكار معينة لدى المواطنين".


ارتبط الفن السينمائي بصراع الأفكار وترويجها واتخذ في فترات معينة طابعاً سياسيا مميزا. فمثلا حرصت السينما الأمريكية على إظهار الجندي الأمريكي بعد انتكاسة فيتنام، كمحارب شرس لا يقهر، باستطاعته هزيمة جيش لوحده، ينقذ الناس من الظلم والأسر والاعتقال ويقتل المارة الأبرياء في سبيل تحقيق هدفه ويتوج في النهاية كبطل أوحد. وتبعتها في ذلك بوليوود في الهند التي تفننت في الإلهاء وتغييب الملايين من المعدمين المقهورين عن واقعهم المزري وتجميل البون الشاسع بين المعدمين وأصحاب الملايين وبالغت في تبسيط وتسطيح القضايا. فأصبحت بوليوود مضرباً للمثال في الوهم والبعد عن الواقع وباتت السينما بحق أفيونا للشعوب.. مجرد أكاذيب يُحتفل بها وتقام لها المهرجانات، حتى أصبح القائمون عليها نجوما للمجتمعات ومرجعية للإعلام المسخ في القضايا السياسية والاجتماعية بينما يُهمش أهل الرأي والحكمة والعلم.


هذا حال هوليوود وبوليوود، أما نوليوود فقد تفوقت على الجميع وصنعت من الفقر قصصا، ومن الفساد ملهاة، وروجت السحر والشعوذة وانتهاك الحرمات بأسلوب فج ومبتذل. نشرت القبح بكثافة بذريعة الواقعية ومعالجة قضايا الناس، ولكن حقيقة الأمر أنها تركز الواقع الفاسد وتثبته في أذهان الناس وتعمق الجهل وتكبل المشاهد في القاع. وإذا كانت مشاكل السحر والشعوذة مشكلة رئيسية في البلاد فالأصل أن يقوم الإعلام الواعي بطرح المشكلة والتركيز على علاجها بدلاً من التمدد والتعمق في طرح الواقع الفاسد ونشره والتفصيل فيه فيكون الإطناب في إيراد الحلول وإيصالها للناس لا في نشر التخلف. هذه السينما التي تروَّج بين الناس كفنٍّ راقٍ لا تساهم في خلق وعي على القضايا بل تساهم في تسطيح فكر المجتمع وإبعاده عن التفكير بعمق في المشاكل التي يعيشها وفهمها ومن ثم الرجوع إلى قواعد فكرية لوضع معالجات صحيحة تنبع مما آمن به أفراد المجتمع.


إضافة لما سبق فإن إلهاء الرأي العام عن قضايا حيوية يعيشونها يساهم في تخدير الناس وإشغالهم بقصص خيالية لصغار المفسدين واللصوص لصرف نظرهم عن حقائق يشهدونها لنهب كبار اللصوص لحقوق العباد والبلاد. كما وأن الحراك الكبير الذي تعيشه الأمة الإسلامية منذ مدة ليست بالقصيرة، وبدأ يتشكل الآن بصورة أفضل، يخيف الغرب وأعوانه من أن يصل لـ130 مليون شخص فيحدث زلزالا في القارة كلها جنوب الصحراء فتطاح عروش وتسقط تبعية الحكام للغرب هناك، فكانت نوليوود أداة للفت انتباه الناس وإلهائهم بالفكر السقيم والمتعة الرخيصة عن الفكر العميق المنتج الذي يؤدي للتغيير الصحيح الكامل الشامل. بإزاء هذا الواقع السيئ فإنا ندعو المسلمين لنبذ كل أشكال الفكر الرخيص واللهو العبثي وندعوهم للتمسك بدين ربهم والدعوة إليه وجعله يسود ويطبق في الأرض إسعادا للبشرية جمعاء وإخراجا لها من الضنك الذي تعيشه.


يقول تعالى: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّ‌نَا وَنُرَ‌دُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّـهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْ‌ضِ حَيْرَ‌انَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْ‌نَا لِنُسْلِمَ لِرَ‌بِّ الْعَالَمِينَ﴾.

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع