الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق التضليل الأمريكي في مشكلة العراق

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


في مقابلة أجرتها صحيفة الواشنطن بوست يوم 2015/3/20 مع الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأمريكية في العراق في فترة نشوء الصحوات هناك في 2007-2008، قال "إن خطر المليشيات الشيعية أشد من خطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأكد أنه بعد خروج تنظيم الدولة من العراق فإن المليشيات وما تحمله من ولاء لإيران وأجندة طائفية سوف تكون الأكثر تهديدًا للاستقرار في العراق وللتوازن الإقليمي".


التعليق:


إن تصريح بتريوس هذا يكشف حقائق عدّة. الأولى أن تنظيم الدولة منذ نشوئه عام 2006 وظهوره البارز في الفترة التي كان فيها بتريوس الحاكم العسكري في العراق قد لعب دورًا بارزًا في التصدي للمليشيات الشيعية ذات الأجندة الطائفية، ما ساعد بشكل أو بآخر على تخفيف حدة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي. والأمر الثاني أن أمريكا قد نجحت باستعمال النزاع الطائفي في العراق في أبشع صوره، وقد وكلت إيران بإدارة هذا النزاع من خلال الجنرال سليماني، والذي وصفه بتريوس بأنه خصم صلب يستحق الاحترام. أما الأمر الثالث والأهم فيكمن في أن أمريكا هي التي صاغت العراق على شكل طائفي من خلال دستور بريمر. ومن هنا فإن بتريوس في تصريحه الصحفي يؤكد على أن المشكلة في العراق هي التناحر الطائفي ويصرف نظر الرأي العام الأمريكي والعالمي عن الدور الأمريكي البشع الذي بدأ في احتلال العراق وتقسيمها عمليًا وصياغتها على الوجه الذي يجعل من المستحيل التعايش فيه بين أبناء العراق. ومن ثم تظهر أمريكا على أنها جزء من الحل أو عرابة الحل بدلًا من أن يُنظر إليها على أنها أساس المشكلة ولب النزاع. وما تدخل أمريكا من خلال التحالف الذي أنشأته لمحاربة تنظيم الدولة في العراق والشام وسوقها وعملائها وأتباعها في المنطقة لتخوض هذه الحرب إلا تجسيدٌ عمليٌّ لهذا التضليل. ويزيد بتريوس بعدًا آخرًا لهذا التضليل بإعلانه أن المليشيات الشيعية ليست أحسن حالًا من تنظيم الدولة وأنها تقترف جرائم بشعة، ما يجعل أمريكا تظهر بمظهر حلاّل المشاكل وقاضي الخصومات، في الوقت الذي يداها تحملان ختم المليشيات من خلال إيران، والتي أدت كما يقول بتريوس إلى ظهور تنظيم الدولة ومن قبله القاعدة في العراق لمواجهة خطر المليشيات. بمعنى آخر عملت أمريكا على إشعال نار الحرب الطائفية، وخلقت المناخ الملائم واللازم لهذا التناحر، وجاءت لتقود أتباعها وعملاءها لتخمد الحرائق التي أشعلتها على عينها.


إن مشكلة العراق الرئيسة هي الاحتلال الأمريكي والنفوذ والهيمنة على العراق. وما تغول المليشيات وظهور الصحوات والقاعدة في العراق ثم تنظيم الدولة إلا نتيجة مباشرة للاحتلال الأمريكي وما تبعه من إجراءات تعسفية ظالمة استعمارية. وبالتالي فإن الحل لا يكون بتوجيه الحرب لتنظيم الدولة ولا للقاعدة والمليشيات، بل إن الحل يكمن في طرد النفوذ الأمريكي كاملًا من العراق، ومن المنطقة كلها، وذلك لا يمكن أن يكون إلا بنشوء دولة مبدئية قوية بنظامها وبما تحمله من مقومات الدول العظمى قادرةٍ على التخلص من النفوذ والهيمنة الأمريكية بل وقادرة على إعادة صياغة المنطقة كلها على أسس جديدة فكرية وسياسية وقيمية. وليس غير الإسلام بوصفه مبدًأ عالميًا قادرًا على إنشاء مثل هذه الدولة التي ما تزال أمريكا تشعل الحرائق وتخرق الخروقات لتحول دون ظهورها، وهي ظاهرة لا محالة. وعد الله ولن يخلف الله وعده.

 



كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع