اليونان ومنطقة اليورو إلى أين..؟! 2- انهيار الرأسمالية أم انهيار اليورو وإفلاس اليونان..؟!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إفلاس اليونان:
اليونان منذ خمس سنين وهو يعيش حالة تقشف وركود اقتصادي أدى إلى المزيد من العاطلين عن العمل، والمزيد من الديون والفوائد الربوية المرتفعة، وما أن أزف الوقت، ولم يحصل على مليارات الحزمة الثالثة من الاتفاقية، حتى أعلن رئيس الوزراء اليوناني أنه سيذهب إلى استفتاء، ليأخذ رأي الشعب اليوناني، هل يوقع على الاتفاقية مع وزراء اليورو والتي وصفها بالمذلة؛ لأنها تفرض المزيد من الضرائب والتقشف، وتخفيض عائدات التقاعد، والذهاب لخصخصة بعض أملاك الدولة.
ورغم كل ما سبق من إجراءات تقشف، وحال اليونان يسير من سيئ إلى أسوأ، وهذا هو حال من يستدين، ويعيش على القروض الربوية، فهو كالظمآن يسير خلف السراب يحسبه ماء، فيزداد عطشا ويهلك، وعليه: لا بد من إعلان الإفلاس، ووقوع الكارثة على الجميع عاجلا أم آجلا.
\n
تفكك وانهيار منطقة اليورو:
أما منطقة اليورو فقد أوجدت منطقة اتحاد، ولكنها لم تستطع إيجاد منطقة وحدة، وشتان بين الأمرين، فلا رابط يوحد بين الأوروبيين سوى النفعية الرأسمالية، والتي تفرق ولا توحد، فكل دولة تسعى إلى منفعتها الخاصة، بل كل فرد في الدولة الواحدة يسعى لمنفعته الخاصة قبل المنفعة العامة، ولذلك كانت المفاوضات الأخيرة بين الرئيس اليوناني ووزراء دول اليورو شاقة وخرج من الاجتماع بلا رجعة، ولذا كانت تلك المفاوضات ليست إنقاذًا لليونان بل إغراق له، فألمانيا وفرنسا اللتان تقودان المفاوضات حيث هما الدائنتان الرئيستان لليونان، تسعيان لمصالحهما، وعدم تكبد خسائر حتى لو أدى ذلك إلى إغراق اليونان، وتجويع الشعب اليوناني، لدرجة أن بعض النواب والوزراء الألمان صرح قائلاً: \"لتبع اليونان إحدى أجمل جزرها السياحية لسداد ديونها\". وهذا تدخل سيادي وسياسي في شأن اليونان، وهذا أحد أهم نتائج القروض، والعيش ببحبوحة الفوائد الربوية المركبة، وأما منطقة اليورو التي بنيت على أطماع الدول الاقتصادية الغنية بالدول ذات الاقتصاد المتواضع، فإن الطمع والجشع الربوي نتائجه وخيمة، فهي ستواجه خسائر فادحة لبنوكها وأسواقها المالية، بمئات المليارات، وهذا ما لا يطاق، وسيكون سابقة لدول مدانة أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا، وهذا ما لا يمكن تحمله، وبالتالي سيكون هناك تفكك وانهيار لمنطقة اليورو ولليورو نفسه، وعودة كل بلد أوروبي إلى عملته القديمة، وبقيمة ضعيفة، يمتد الضعف لسنوات.
\n
التأثيرات الداخلية والعالمية لأزمة اليونان:
في الشأن الداخلي يجري الحديث عن كل ما هو سيئ وبلا أدنى حرج، سواء على ارتفاع الأسعار، والعاطلين عن العمل بازدياد ملحوظ، ومزيد من الركود الاقتصادي، وهجرة للخارج، وتهريب الأموال، والمزيد من الفساد وأهمه الرشوة، لدرجة أن الدولة أغلقت البنوك لحين إجراء الاستفتاء، ولم تسمح بالسحب لأكثر من 60 دولاراً يوميًا.
\n
الخسائر العالمية:
أما على الصعيد العالمي فقد بدت البوادر قبل انتهاء مدة مهلة سداد الديون بأيام، فكانت الخسائر بالمليارات في الأسواق المالية العالمية، سواء الأسهم أو السندات، والسلع والعملات، وخصوصًا الأوروبية، حيث قاعدة رأس المال الجبان، فإن أي حدث يؤدي إلى خسائر بالأسهم وأسعار العملات يصل إلى المليارات، ناهيك عن شراء الصناديق السيادية لسندات اليونان، وكذلك للشركات الاستثمارية التي تتعامل بشراء السندات، فإن الخسائر ستكون بشكل مباشر بالمليارات، وهذا سيؤثر على أكثر دول العالم بشكل مباشر أو غير مباشر.
\n
خسائر أسواق الخليج العربي:
أكثر الدول الخليجية تضررًا هي الإمارات والسعودية والكويت، وخصوصًا بنك الإمارات دبي الوطني، وبنك الخليج الأول، وبنك المشرق، وكذلك بنك سامبا، والبنك العربي الوطني السعودي، ومن ثم الشركات الاستثمارية التي ستضطر بحكم القانون للإفصاح عن خسائرها بسبب شرائها للسندات السيادية اليونانية، ووصلت الخسائر إلى كل أسواق الخليج المالية قبل موعد انتهاء مهلة السداد اليونانية، وهي 6/30 الجاري، على أن الخسائر الكبرى المتوقعة التي ستكون في اليوم التالي عالميًا في كل الأسواق المالية حال إعلان اليونان عدم القدرة على السداد.
\n
خسائر غير مباشرة لأزمة اليونان:
من الخسائر غير المباشرة عالميًا لأزمة اليونان: تعمق الركود وإغلاق وإفلاس بعض البنوك، مما يؤدي إلى التأثير على المصانع وإنتاجها، وبالتالي على أسعار النفط عالميًا، وهذا سيكون تأثيره على دول الخليج بشكل ملحوظ، حيث هوت أسعار النفط ثلاثة دولارات قبل الإعلان واقتراب مهلة السداد، فكيف سيكون الأمر بعد الإعلان؟ فيقدر بعض المحللين خسائر السعودية بهبوط النفط دولارين إلى ثلاثة، ستكون الخسائر ثلاثين مليون دولار يوميًا، وهذا يعني ملياراً شهريًا من الخسائر المتوقعة للسعودية على سبيل المثال، أما اليورو فهوى إلى 1،09 أمام الدولار.
\n
انهيار الرأسمالية.. والبديل:
لا مجال للرأسماليين للمزيد من المكابرة والترقيع للمبدأ الرأسمالي، حيث دأب منظرو المبدأ الرأسمالي إلى إيجاد حلول وترقيع مبدئهم، أما وقد استفحل الأمر واستشرى السرطان، وكان المبدأ الرأسمالي سببًا للأزمة المالية الأمريكية في عام 2008م، حيث كانت تسونامي ماليًا واقتصاديًا مركزه أمريكا، وطال العالم كله بسبب تلك الورقة الخضراء التي أقصت الذهب عن عرشه، وتربعت بقوة وغطرسة الجندي، ونتاج الحرب العالمية الثانية، فكان أن استعبدت أمريكا وأصحاب رأس المال كل العالم بشكل مباشر وغير مباشر، ولا مجال للعالم إلا أن يطمر الرأسمالية لأن رائحتها أزكمت الأنوف، وقتلت الملايين واستعبدت الناس، والناظر إلى كل أحداث العالم بعين المفكر والمحلل السياسي، يستشرف أن مخاضا عالميًا سينجب مولودًا، سيكون ناطقًا واعيًا من أول أيامه، ومنافسًا على كرسي العرش، ولكن بعدل ورحمة للبشرية، وليس استعبادا ونهبا وقتلا، ونرجو الله تعالى أن يكون قريبًا، ألا وهو دولة الخلافة على منهاج النبوة. قال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾. [البقرة: 276-281]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ وليد نايل حجازات - أبو محمد
\n