بين الحقيقة والسراب- نقد إعلامي هادف ح3
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ... أهلا بكم مجددا في حلقة جديدة من حلقات بين الحقيقة والسراب ...
سنعود ونسلط الضوء اليوم مرة أخرى على قناة الجزيرة الممتلئة بالبرامج المتخومة بأفكار استعمارية مسمومة ، وسنتناول في حديثنا لهذا اليوم برنامج منبر الجزيرة صاحب الشعار المعهود "منبر من لا منبر له"،مما يوحي للمتلقي أن البرنامج خصص لإعطاء الفرصة لكل من يشارك بطرح رأيه في موضوع البرنامج وبكل حرية وبدون تكميم للأفواه، وأن كل الآراء تطرح بلا حرج ، والجزيرة كما تعلمون ترفع شعار الرأي والرأي الآخر، فتعطي انطباعا أنها قناة تنعم بالحرية وتجعل من يشاهدها ينعم بالحرية، فالبرنامج يدعي أنه يترك المجال للمشاهد حتى يختار الرأي الذي يعجبه مما يتم طرحه من مشاركات كتابية كانت أو هاتفية خلال الحلقة ، وهذا أول تضليل للمتلقي الذي يبحث عن حلول للقضايا التي تطرح فيسمع عدة أراء شخصية فقط.
البرنامج تقدمه منى سلمان يوم الأحد ، وفي حلقته التي بثت بتاريخ 19/7/2009 ، تحدث البرنامج عن إغلاق مكتب الجزيرة في الضفة الغربية ، حيث بدأت مقدمة البرنامج بقولها:
الخبر ليس جديدا، فليست المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق أو تعليق عمل أحد مكاتب الجزيرة على خلفية تغطيتها لقصة إخبارية، وإذا كانت السلطة الفلسطينية قبل ساعات قليلة من بث هذه الحلقة قد تراجعت عن قرار تعليق مكتب الجزيرة في الضفة الغربية والذي كانت قد أصدرته قبل أربعة أيام بسبب تغطية القناة لتصريحات القدومي إلا أنها أحالت الأمر إلى القضاء متهمة الجزيرة بالتحريض ضد السلطة ومنظمة التحرير على حد وصف رئيس الوزراء الفلسطيني، الأمر الذي يجعل السؤال يبقى قائما لنطرحه عليكم مشاهدينا، في رأيكم أنتم ما هو الحد الفاصل في رسالة الإعلام بين نقل الحقيقة وبين الانحياز والتحريض؟ وكيف يمكن للإعلام في عالمنا العربي أن يقوم بدوره تحت سياط التهديد بالحجب والإسكات؟
وقد بدأ البرنامج بمشاركة وليد العمري ، مدير مكتب الجزيرة برام الله ، الذي وضح أن هناك اصطدامات بينه وبين السلطة في رام الله وقد استدعي من قبل رئاسة الوزراء لإبلاغه بأن تعليق عمل مكتب الجزيرة قد أوقف، لكن السلطة ستقاضي الجزيرة، وأضاف قائلا: نحن فعلا نواجه وضعا شديد التعقيد والحساسية سواء كان هنا في الضفة الغربية أو في قطاع غزة أو في داخل إسرائيل، فنتعامل مع ثلاثة نظم مختلفة، مفاهيمها مختلفة وقوانينها مختلفة،المسألة ليست سهلة نحاول أن نؤكد على الحقائق في نقلنا للأخبار سواء كان من خلال التقارير أو من خلال تغطية الأخبار الموجودة لكن مع الأسف الشديد أن القوى السياسية الناشطة يحاول كل طرف فيها أن يقسم الناس ويقسم وسائل الإعلام إما أن تكون معي أو أنت عدوي وهذه مسألة خطيرة للغاية تحد من هامش الحرية الذي يضيق من يوم لآخر في كافة الأراضي الفلسطينية.
مستمعينا الكرام ... البرنامج يريد وبكل قوة أن يركز على أن الجزيرة هي قناة مستقلة وإعلام حر، وليست منحازة لأي جهة ، وبذلك يريدون تثبيت القناة كأنها تهتم لقضايا الأمة الإسلامية وبالذات القضية الفلسطينية بالرغم من مضايقات سلطة فتح وحماس، وبالرغم من ملاحقات إسرائيل لهم وذلك يعني أن القناة منفصلة عن الحكومات، بينما المتتبع لباقة قنوات الجزيرة يفهم أنها قناة ممنهجة وموجهة حسب سياسات معينة ، فالجزيرة تحاول أن تظهر كأنها تتبنى مصالح الأمة الإسلامية ولا تنحاز لأي جهة.
وقد استفادت الجزيرة إعلاميا من قرار الحظر الذي أصدر بحقها ثم رفعه؛ لأن في ذلك إعلان لها كقناة مستقلة وهذا ما تريد أن توحي به للمشاهد المسلم العربي والذي بات لا يخدع بهذه الأساليب، وذلك واضح من خلال المشاركات ، فالمطلوب ليس الاهتمام بقضايا الأمة التي يحددها الساسة في ظل هذه الأنظمة الفاسدة والتي تستخدم المؤسسات الإعلامية كأداة لترويج آرائها عن هذه القضايا ، بل المطلوب من الإعلام العمل مع الأمة الإسلامية لقلع الأنظمة الفاسقة من جذورها ولتبني القضايا المصيرية للأمة من وجهة نظر عقيدتها الإسلامية ، ولا نرضى بأقل من ذلك.
فالمشاهد المسلم اليوم يبحث عن الإسلام وعن مناقشة قضايا المسلمين في الإعلام من ناحية العقيدة الإسلامية النقية ،فذلك ما يبحثون عنه وتلك حاجتهم التي لا يجدونها عند الوسائل الإعلامية في زمننا هذا.
البرنامج بشكل عام يطرح آراء كثيرة لا تقف على أساس معين ، بمعنى أن المشاهد يخرج في نهاية الحلقة لا رأي له أو لا اتجاه مع حق أو باطل، إضافة لكون البرنامج حي يجعل حجم التضليل أكبر ، فالمتلقي العادي يهمه الظاهر فيقول كيف للجزيرة أن تكون مضللة وهي تستقبل آراء العامة وعلى الهواء مباشرة وتفتح لهم المجال لقول ما يريدون؟؟
من هنا تكسب الجزيرة ثقة الناس بها، فالبرنامج الحي المباشر يكون أقرب للمتلقي من البرامج المسجلة، لأن بعض البرامج الحية تكون فيها فرصة للحديث والمشاركة في البرنامج ، لكن هل هذه الفرصة متاحة للجميع؟؟ لا بد أن الفضائيات تستعمل أسلوب الانتقاء فيمن سيتحدثون عبر برامجها،وإن ظهر من يناقضها نرى مقدمي البرامج هنا يسارعون إلى احتواء الأمر أو إغلاق الخط على المتحدث بحجة انقطاع الاتصال أو أي حجة أخرى.
وقبل أن أنهي كلامي حول الإعلام أذكركم مستمعينا الأكارم، أنه لا بد لنا أن نبقى حذرين متيقظين لما يحيكه الإعلام لنا من مؤامرات، فمنذ عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_ والإعلام والدعاوة تعمل عملها لفت عضد الدعوة للإسلام، فإن نحن وقفنا لهذا الإعلام البالي بالمرصاد فلن تقوم له قائمة بإذن الله ...
وإلى أن نلتقي بكم في تفنيد آخر لبرامج أخرى ،أترككم في رعاية الله وحفظه ...