بيان صحفي أزمة الكهرباء في زنجبار أزمة أيدلوجية بالمقام الأول
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ العاشر من كانون الأول 2009 وجزيرة زنجبار تغص في عتمة الليل بسبب توقف تزويد الناس بالكهرباء. وفي التصريح الأول لوزير الماء والطاقة والأراضي الذي أدلى به للصحافة في 11/12/2009 قال بأنّ إعادة استئناف تزويد الناس بالكهرباء بشكل طبيعي يحتاج إلى ثلاثة أسابيع. وبعد أسبوعين من ذلك عاد التيار الكهربائي إلا أنّه لم يدم أكثر من خمس دقائق، وفي 21/12/2009 صرح الوزير المذكور بأنّ إعادة التيار الكهربائي سيحتاج إلى شهر إضافة للأسبوعين. وبعد ذلك صرح مرة ثالثة بأنّه يتوقع إعادة التيار في 20/2/2010 أي بعد أكثر من شهرين ونصف من بدء أزمة التيار الكهربائي!
بدأت الأزمة بسبب الانفجار الذي حصل في محطة الكهرباء في فومبا بزنجبار، حيث يتم تزويد المحطة بالتيار الكهربائي من راس كيموني في تنزانيا. إلا أنّ جذور هذه المشكلة لا تعود إلى ما قبل شهر فقط، إذ أنّ أصل المشكلة يعود إلى معدات المحطة القديمة وقطع الغيار وغياب الصيانة المناسبة للمحطة منذ إنشاء المحطة عام 1976.
إنّ هذه الأزمة زادت من صعوبة حياة الناس الصعبة أصلا. فقد اضطرت بعض الشركات لإغلاق أبوابها من مثل شركة زابكو وشركة زنجبار للبلاستك (صحيفة الأخبار اليومية، الاثنين 28/12/2009) بينما تكبد الناس تكاليف إنتاج الكهرباء عالية الكلفة، متحملين الارتفاع في أسعار النفط، في ظل انعدام وجود مياه نظيفة صالحة للشرب، وانعدام للأمن، وارتفاع في أسعار تذاكر المواصلات العامة، وفي ظل غياب أمن الناس على ممتلكاتهم حيث زادت حوادث السرقة والسطو في الليل، وانتشرت الأوبئة بين الناس من مثل الكوليرا (صوت زنجبار 27/12/2009) وكثُر إصابة الناس بالحروق بسب استخدامهم للمحركات، إضافة لكل ذلك فقد ارتفعت أسعار الأرز.
في ظل هذه الأزمة المأساوية وصعوبة حياة الناس تتصرف الحكومة وكأنّها لا تعرف عن هذه الأزمة، وكذلك حزب المعارضة بقي صامتاً لا يحرك ساكنا! والأكثر عجباً أنّ بعض المشايخ والمنظمات الإسلامية المعروفين بمناوأتهم للحكومة ظلوا صامتين صمت أهل القبور، بدلاً من الضغط على الحكومة لإيجاد حل عاجل لإنقاذ حياة الناس. بل وبدلاً من ذلك فقد لجأ بعضهم إلى تدريس المسلمين بأنّ الذي حصل هو قضاء من الله سبحانه وتعالى، وتوعدوا أولئك الذين يرفضون الواقع بنار جهنم. فأي فاجعة هذه التي تسمي التقصير والإهمال بالقضاء؟! كما أنّ بعض المعاهد الإسلامية تزود الناس بتعاويذ وتحضهم على الصلاة الجماعية وعقد المهرجانات لتخدير الناس وتنويمهم بدلاً من توعية الناس على حقيقة المشكلة والحل لها.!!
إنّ حقيقة أزمة الكهرباء هي مشكلة ذات جذور ليست في زنجبار فقط بل وفي جميع تنزانيا، بالرغم من مشاركة الحكومة لـ35% من الاقتصاد الوطني، أي أنّ الخسائر التي تتكبدها الحكومة أكثر من 1.7 بليون شلن كل شهر، بينما تتكبد بعض القطاعات الاقتصادية أكثر من 10% من الخسائر، والأسوأ من ذلك أنّ 15% فقط من المواطنين في تنزانيا يستفيدون من هذه الخدمات.
وغني عن التذكير بأنّ الحكومة وقعت في مشاكل متعددة متعلقة بإنتاج المحركات للكهرباء في محطات إنتاج الكهرباء من مثل محطة "سن غاز" ومحطة "هالي" حيث تعطلت هذه المحطات بالرغم من إنتاجها ل30 ميغاوت فقط.
إنّ جذور هذه الأزمة ليست قلة في المصادر أو حاجة المحطات إلى ترميم أو قلة في قطع الغيار لها، بل هي أكبر من ذلك، فهي مشكلة الأيدلوجية الرأسمالية التي فشلت في رعاية شئون الناس بشكل عادل، فهي الأيدلوجية الاستعمارية التي فُرضت من قبل الكافر المستعمر من الدول الغربية على رؤوس الأمم الفتية والضعيفة، والتي لا تهتم بعامة الناس وخصوصا الفقراء منهم.
لقد بنيت الأيدلوجية الإسلامية على عقيدة صلبة ربطت سلوك الإنسان في هذه الحياة بما يصلح له عيشه وبالحياة الآخرة. فهي مبنية على الاعتقاد بوجود خالق خلق الكون والإنسان والحياة، وأنّ بعد الحياة يوم الحساب حيث يحاسب الله سبحانه وتعالى جميع البشر على أعمالهم في الحياة الدنيا. كما أنّ الإسلام لا ينظر للإنسان على أنّه أداة للإنتاج والمنفعة، بل ينظر له على أنّه عبد كرمه الله سبحانه وتعالى وخلقه لعبادته لا يظلُم ولا يُظلَم. ومن أجل تحقيق العبودية لله فقد نظم الإسلام حياة الناس بشكل تفصيلي بحيث لا يسمح لآحاد الناس بالاستحواذ على الثروات لمصلحته الخاصة حارماً الآخرين من الانتفاع بها. لذلك فإنّ الإسلام فرق بين الملكية الفردية وملكية الدولة والملكية العامة، وحرص على أن لا يستحوذ الأفراد على ما يحتاجه عامة الناس من الملكية العامة فرسول الله صلى الله عليه و سلم قال "الناس شركاء في ثلاث، الماء والكلأ والنار" والنار هنا تضم المحركات التي تنتج الطاقة.
من هنا فإنّ الطاقة تعتبر بحسب الأحكام الشرعية من الملكية العامة التي يجب أن يتم تزويد الناس بها. فعلى الدولة بذل الوسع في ضمان توفير الكهرباء بشكل يسد حاجة الناس وبسعر الكلفة إن لم يكن توفيرها بالمجان، فيجب أن لا تنظر الدولة للكسب المادي من تزويد الناس بالكهرباء كما لا يجوز تخصيص تلك المرافق.
كما أنّ السياسة في الإسلام هي رعاية شئون الناس بحسب الأحكام الشرعية المستمدة من مصادر التشريع. والسياسيون والحكام في الإسلام هم ممن يتقون الله سبحانه وتعالى ويخشون يوم الحساب ونار جهنم، ويطمعون بالجنة. فالسياسة ليست حرفة لجني الثروات الطائلة بشكل سريع كما هو الحال في الأيدلوجية الرأسمالية.
والخلاصة، فإنّ حزب التحرير يدعو المسلمين لرص صفوفهم معه في العمل لإقامة دولة الخلافة التي نعمل لإقامتها في البلدان الإسلامية الرئيسة حيث القدرة الكافية، ومن ثم انتشارها وتوسعها في جميع أنحاء العالم. وإنّنا ندعو أصحاب العقول من غير المسلمين إلى الإسلام وحده، فهو القادر على حل جميع مشاكل البشر، في الوقت الذي يشهد العالم فيه فشل الرأسمالية في حل تلك المشاكل، بل وحطم المجتمعات.
]... وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [
مسعود مسيلم
نائب الممثل الإعلامي لحزب التحرير في شرق أفريقيا
تلفون: +255[0778]870609
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.