الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  التلويث الفكري والإعلامي في العالم الإسلامي من إرث المفكر السياسي الدكتور عايد الشعراوي- يرحمه الله ح5

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه- ج1

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

انتهينا في الحلقة السابقة مستمعينا الكرام من الحديث عن أساليب الإعلام الخبيث،  وفي هذه الحلقة نبدأ معكم إن شاء الله مع السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه.

 

أولاً: سياسة الإغراق بالمشاكل الحياتية اليومية:

 

ويقصد من وراء هذه السياسة إلهاء الناس في مشاكلهم المعيشية وهموم الرزق حتى تستهلك وقتهم وتستحوذ على تفكيرهم بحيث لا يبقى لديهم الوقت اللازم للتفكير في غير همومهم الشخصية الآنية المتجددة والمتعددة، وهذه السياسة تتبع في معظم الأقطار المنتمية إلى ما يسمونه العالم الثالث والذي يشكل العالم الإسلامي غالبية سكانه، ويقوم الإعلام بتغطية هذه السياسة كما ترسمها الأجهزة التي خططت لهذه الحالة، وتتوخى الأجهزة من وراء ذلك إيصال الرأي العام إلى مجموعة من القناعات والتي لم يكن بالإمكان إيصال جمهور الناس إليها بدون وسائل الضغط والتركيع والإذلال، بحيث يصبح كل حل أقل إذلالاً أو أخف وطأة ليس مقبولاً فقط بل مطلباً شعبياً، والأمثلة على ذلك كثيرة في العالم الإسلامي وليس أقلها طوابير الناس التي تنتظر دورها للحصول على السلع الضرورية وليس هنالك بلد أحسن حالاً من غيره بل التفاضل هو في من هو الأسوأ ومن هو الأقل سوءاً.

 

ثانياً: سياسة الإلهاء بالرياضة والنشاطات الشبابية:

 

مثل إقامة المباريات بشكل دائم وسباقات الخيل والسيارات والإبل، والإكثار من النوادي والتركيز الإعلامي بالنقل الحي، وجعل متابعة نتائج المباريات على كل شفة ولسان للشباب المراهق، وتنصيب وزراء وأمراء للشبان والرياضة، فالرياضة كرياضة لا شيء فيها أما أن تستعمل وسيلة لتخدير الطاقات الشابة وإلهائها عما يدور حولها فتلك مصيبة من المصائب التي تعاني منها أمتنا الإسلامية، فعندما يريد الحاكم التعتيم على قضية أو صفقة محلية أو دولية فإنه يلجأ إلى استعمال المخدر وحشد جميع وسائل الإعلام لتغطية المباريات المحلية أو الدولية أو الأولمبية، وليس مستغرباً أن نجد الآلاف من شباب هذا الجيل تحفظ أسماء أعلام الرياضة والسينما والمسرح أكثر مما تعرف من أسماء أبطال الإسلام والصحابة الكرام، ويحضرني في هذا المقام عبارة للدكتور رفيق سكري يقول فيها "إن إلهاء الشعب بمباريات كرة القدم والمصارعة والأفلام والمسلسلات الجنسية والمغامرات على الطريقة الأميركية لا يورث إلا الجهل والقهر وبلادة الحس عند المواطن" هذا عدا عن أن تقسيم البلد إلى فرق متنافسة من شأنه أن يثير الشحناء والبغضاء والتعصب القبلي والقومي والإقليمي، مما يؤدي إلى تفسخ المجتمعات.

 

ثالثاً: سياسة الإلهاء بنعيم الدنيا الزائل وكل مظاهر الترف واللهاث وراء المال:

 

ففي حمأة هذا الصراع المحموم لجمع المال لحيازة أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا من سلع كمالية يهدر الوقت وتضيع الطاقات الشابة التي يعتمد عليها في التغيير، ولا يجد الراكض وراء المال متسعاً من الوقت للتفكير في هموم أمته ولا للمساهمة العملية في إنقاذها، فلقد استحكم هوس جمع المال في عقول هذه الأجيال، وأصبح التفكير الرأسمالي هو السائد، مع ما يرافق ذلك من أنانية فردية وتغليب المصلحة الذاتية على المصلحة العامة وقضايا الأمة المصيرية، وفي ذلك ما فيه من مخالفة شرعية حيث يقول عليه الصلاة والسلام "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" والملاحظ أن الأنظمة الحاكمة تسهل سبل المنافسة على الدنيا، وتشجع ذلك السباق المحموم وتفتح المجالات الواسعة عن طريق وسائل الدعاية والإعلام لكي يغرق الناس في الترف الزائف، والسفر شرقاً وغرباً للمجون والقمار وتبذير المال واقتناء آخر ما صنعته مصانع الغرب من سيارات باهظة الأثمان، لأن كل ذلك يصرف أنظار الناس عن السياسة وعن الحكام وهو المطلوب.

 

رابعاً: سياسة كم الأفواه:

 

وهذه السياسة يلتزمها الحكام الدكتاتوريون القمعيون، الذين لا يقيمون وزناً للإنسان حتى في حقه في التظلم والشكوى من ظلم الحاكم وزبانيته، وإتباع هذه السياسة من شأنه أن يولد في نفوس الناس الخوف والجبن والقبول بالأمر الواقع رغم قناعتهم بوجوب تغييره، ويصبح لسان حالهم يقول ما كان يردده المصريون أيام عبد الناصر "الحيطان لها ودان" " عايزين نأكل عيش" " مش عايز أروح اللومان"، وإمعاناً من الحكام في إثارة الرعب في قلوب الناس أوجدوا هالة من الرعب حول معتقلاتهم بمجرد ذكر أسمائها وهذا التخويف مقصود لردع كل من تسول له نفسه مخالفة الحاكم أو إبداء نوع من المعارضة لحكمه، فكيف بمن يحاولون قلعه وتغييره، لذلك روج الحكام وزبانيتهم لأسماء معتقلاتهم حتى تحفظها الناس وتكون مصدر ترهيب لهم مثل سجني أبي زعبل وطره في مصر، وسجن الحطة في الأردن، وسجن قصر النهاية في العراق، وسجن الرمل في لبنان قبل أن يهدم، وسجن الحصان الأسود في ليبيا قبل نقل مكانه وتوسيعه، تلك السجون وغيرها الممتدة على طول العالم الإسلامي وعرضه والتي يقبع في زنزاناتها الآلاف من المظلومين الذين يمارس ضدهم كل أنواع التعذيب النفسي والجسدي، إرضاءً للغرب الذي يحكمنا بطريقة (الريموت كنترول) وكأن الحكام يقولون لأسيادهم المستعمرين ما زلنا على العهد، نستعمل نفس السجون التي بنيتموها في أيام استعماركم المباشر، ونزج فيها كل من لا يعجبه الغرب ونظمه وحضارته والتبعية له، وكل من يصدق أن هنالك حقوقاً للإنسان وتنطلي عليه هذه الخدعة.

 

نتوقف هنا مستمعينا الكرام على أن نتابع معكم السياسات المتبعة لإلهاء الرأي العام وترويضه كما بينها لنا الدكتور عايد الشعراوي يرحمه الله في الحلقتين القادمتين إن شاء الله .

 

وإلى ذلك الحين نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع