الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الأندلس الفردوس المفقود من الفتح إلى السقوط -ح5- عقبات الفتح وكيفية حلها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ونعود إليكم مجددا ونتابع سلسلة الأندلس ذلك الفردوس المفقود والذي نرجوا الله عزّ وجلّ أن يعيده إلى بلاد الإسلام والمسلمين قريبا إن شاء الله
تحدثنا في الحلقة السابقة عن بعض الصعوبات التي واجهت موسى بن نصير في طريقه لفتح الأندلس وبينا كيف أن هذا القائد الذي علم مدى مسؤوليته تجاه الإسلام واهله كيف انه قام بحل هذه العراقيل والمشاكل ، وسنكمل إن شاء الله اليوم ونتحدث عن باقي العراقيل ونتحدث عن كيفية حله لها, لقد كان قلة عدد المسلمين وضعف قوتهم بمقابل قوة النصارى حيث كانت القوات قوية بعدتها واعدادها الضخمة بجانب قوة عدتهم وكثرة قلاعهم وحصونهم، وإضافة إلى ذلك فهم تحت قيادة لوزريق القائد القوي المتكبر.


وكانت قوات المسلمين الفاتحين التي جاءت من جزيرة العرب ومن الشام واليمن قوات محدودة جدا، وكانت في نفس الوقت منتشرة في بلاد الشمال الإفريقي، فإن قام بسحبها منه خاف أن تنقلب عليه بلاد الشمال الأفريقي ومن جهة أخرى خاف أن يستطيع فتح الأندلس بهذا العدد القليل من المسلمين.


ولحل هذه العقبات عمد موسى بن نصير إلى تعليم البربر الإسلام في مجالس خاصة لهم كما الدورات المكثفة تماما، وبدأ في تكوين جيش الإسلام منهم وهذا الصنيع من الصعب إن لم يكن من المستحيل أن نجده عند غير المسلمين؛ فلم توجد دولة محاربة أو فاتحة غير الدول الإسلامية تُغيّر من طبائع الناس وحبهم وولائهم الذي كانوا عليه، حتى يصبحوا هم المدافعين عن دين هذه الدولة المحاربة أو الفاتحة، خاصة وإن كانوا ما زالوا حديث عهد بهذا الفتح أو بهذا الدين الجديد، فهذا أمر عجيب حقا، ولا يتكرر إلا مع المسلمين وحدهم، فمهما حاول الغرب الحاقد اليوم تغيير ولاء المسلمين فلن يستطيع ذلك ، فالعقيدة الإسلامية وإن علاها التراب عند البعض إلا أنها صافية نقية في أعماقهم ولله الحمد.


علّم موسى بن نصير البربر الإسلام عقيدة وعملا، وغرس فيهم حب الجهاد وبذل النفس والنفيس لله سبحانه وتعالى، فكان أن صار جُلّ الجيش الإسلامي وعماده من البربر الذين كانوا منذ ما لا يزيد على خمس سنين من المحاربين له.


وبما أن القائد هو قبلة الجيش وعموده، بهذا الفهم قام وسى بن نصير بتولية القائد البربري المحنك طارق بن زياد، على الجيش المتجه إلى الأندلس ذلك القائد الذي جمع بين التقوى والورع والكفاءة الحربية وحب الجهاد والرغبة في الاستشهاد في سبيل الله، ورغم أنه كان من البربر وليس من العرب إلا أن موسى بن نصير قدمه على غيره من العرب ، فهو يعلم أنه ليس لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر فضل إلا بالتقوى، فقد وجد فيه الفضل على غيره والكفاءة في القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن دعوة الإسلام ليست دعوة قبلية أو دعوة عنصرية تدعو إلى التعصب وتفضل عنصرا أو دعوة قبلية أو طائفية تفضل طائفة على طائفة؛ إنما هي دعوة للعالمين: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء:107)


إضافة إلى الكفاءة فقد كان طارق بن زياد من البربر، وذلك أدعى للقضاء على أيٍ من العوامل النفسية التي قد تختلج في نفوس البربريين الذين دخلوا الإسلام حديثا، ومن ثم يستطيع قيادة البربرجميعا وتطويعهم للهدف الذي يصبو إليه، ثم ولكونه بربريا فهو قادر على فهم لغة قومه؛ إذ ليس كل البربر يتقنون الحديث بالعربية، وكان طارق بن زياد يجيد اللغتين العربية والبربرية بطلاقة، ولهذه الأسباب وغيرها رأى موسى بن نصير أنه يصلح لقيادة الجيش فولاه إياه.


وقد تحدثنا في الحلقة السابقة كيف قام موسى بن نصير بتأمين ظهر المسلمين بفتح جزر البليار وكيف انه عقد الاتفاق مع يوليان حاكم سبته لمساعدته بفتح الأندلس ، وقلنا أن موسى بن نصير وافق على مساعدة بوليان في استرداد الاراضي الذي قام لوذريق بسلبها من اولاد غيطشة أولاد حاكم الاندلس الذي قتله لوذريق ، ولكن اشترط شرطا ألا وهو إرسال سرية من المسلمين لاختبار بلاد الأندلس وبالفعل قام موسى بن نصير بتجهيز سرية من خمسمائة رجل وجعل رأسهم طَريف بن مالك- أو ملوك كما جاء في روايات أخرى- وكان طريف أيضا من البربر كما كان القائد طارق بن زياد، وهذه ميزة تفرد بها الإسلام كما ذكرت، خاصة وأن طريف من البربر حديثي العهد بالإسلام وهو الآن وبعد أن كان يحارب الإسلام صار قائدا مدافعا عن الإسلام وناشرا له،سار طريف بن مالك من المغرب على رأس خمسمائة من المسلمين صوب الأندلس، وقد وصلها في رمضان سنة واحد وتسعين من الهجرة، وقام بمهمته في دراسة منطقة الأندلس الجنوبية والتي سينزل بها الجيش الإسلامي بعد ذلك على أكمل وجه، ثم عاد بعد انتهائه منها إلى موسى بن نصير وشرح له ما رآه، وفي أناة شديدة وعمل دءوب ظل موسى بن نصير عاما كاملا بعد عودة طريف بن مالك يجهز الجيش ويعد العدة، حتى أعد في هذه السنة سبعة آلاف مقاتل، وبهم بدأ الفتح الإسلامي للأندلس رغم الأعداد الضخمة لقوات النصارى هناك.


فكيف كان الفتح وكيف كان اصدام جيش المسلمين بجيوش العدو ، هذا ما سنتحدث عنه الحلقة القادمة إن شاء الله ، نلقاكم على خير الأسبوع القادم لنكمل سلسلتنا فأنتظرونا ،، نترككم في رعاية الله وحفظه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع