الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
القومية: جدار عازل يقف حائلا أمام إنقاذ إندونيسيا لأطفال ونساء الروهينجا المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القومية: جدار عازل يقف حائلا أمام إنقاذ إندونيسيا لأطفال ونساء الروهينجا المسلمين

(مترجم)

 


مرت ثلاث سنوات ومأساة الروهينجا لم تنته بعد. آلاف المسلمين لا يزالون يقتلون ويذبحون. ونتيجة لذلك، لم يكن أمامهم إلا أن يفروا إلى بلدان مجاورة على متن طوافات خشبية. والآن، هنالك الآلاف من الروهينجا الذين أصبحوا ضحايا لجماعات الاتجار بالبشر وقد تقطعت بهم السبل في بحر آتشيه. إنهم ينتظرون أي مدد وأية مساعدة من إخوانهم المسلمين. من إخوتهم وأخواتهم في العقيدة. فهل سيحصلون على الحماية كما كانوا يتوقعون؟ وهل من الممكن أن تضع إندونيسيا نفسها - كونها أكبر بلد إسلامي في العالم - حامية ومساعدة رئيسية أساسية للمسلمين الذين يتعرضون للاضطهاد في أماكن كثيرة مختلفة وبخاصة نساء وأطفال الروهينجا المسلمين؟


إن موقف الحكومة الإندونيسية في مواجهة هذه المشكلة واضح الآن. فالحكومة لا ترغب في أن يشكل الروهينجا أي عبء عليها ولا أن يتسببوا لها بالمشاكل فحسب. لذا، لا عجب في أن الجيش الإندونيسي نهى الصيادين في آتشيه عن مساعدة اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل بل وفرض عقوبات على كل من ينتهك ويخالف ذلك. كما أكدت الحكومة الإندونيسية مرارا وتكرارا أن ما قدمته كمساعدة للروهينجا أكثر من كاف. وقال وزير الخارجية الإندونيسي بأن الحكومة قد انتهجت سياسات تجاوزت المطالب الدولية باسم المساعدات الإنسانية. وفي الواقع، فقد تغير موقف الحكومة قليلا بعد أن نشرت وسائل الإعلام الوطنية والعالمية وعلى نطاق واسع عملية الإنقاذ لمئات اللاجئين الروهينجا على يد صيادين من آتشيه الشهر الماضي. وقد دفع الإلحاح الشديد لمكونات المجتمع المختلفة فيما يتعلق بوجوب عدم التخلي عن اللاجئين الرئيس جوكوي إلى الموافقة على إيواء الروهينجا لعام واحد. وقد وعد القائد العام للجيش الوطني الإندونيسي (بانغليما) بنشر قوات لتحديد مواقع ومساعدة الروهينجا الذين لا يزالون عالقين وسط البحر الإندونيسي. وقد وعد القائد العام للشرطة (كابولري) بضمان أمن الروهينجا حيث سيتم إيواؤهم لعام كامل في البلاد. لكن دعونا نقف عند الحقيقة ونراها بوضوح، فإن الحكومة الإندونيسية باهتة المشاعر لم تنتهج سياسات تقدم حقا العون والغوث والحماية إضافة إلى ضمان مستقبل هؤلاء اللاجئين. كما أنهم يوضعون في مخيمات لاجئين متهالكة متداعية ويعاملون فيها كمتسولين يقفون في طوابير للحصول على الطعام بعد أن يتم تسجيل هويتهم.


الاستفادة من أزمة الروهينجا


يبدو بأن استيعاب اللاجئين من الروهينجا وإيواءهم لمدة عام يحقق ميزات واضحة للحكومة. ففي خضم تراجع ثقة الناس بهذه الحكومة الجديدة بسبب السياسات ذات الطابع الليبرالي الحديث الذي يتم تسليط الضوء عليه وانخفاض النمو الاقتصادي، جعل من قضية الروهينجا "شيئا" بالنسبة للحكومة. فبهذا تستطيع الحكومة الإندونيسية أن تكسب قلوب الناس وبخاصة المسلمين منهم. وقد ردت الحكومة بلطف على الاحتجاجات والمظاهرات التي قامت بها عناصر مختلفة من المجتمع لحث البرلمان ودعوته إلى التحرك، وتعاملت بلطف كذلك مع الضغوط التي قامت بها منظمات مختلفة متعهدة بأنها لن تعيد قوارب الروهينجا إلى البحر (سياسة الإرجاع للخلف) كما فعلت أستراليا.


إن جدية الحكومة الإندونيسية في إنهاء معاناة إخوتنا وأخواتنا من الروهينجا المسلمين أمر مشكوك فيه بالفعل. ففي الاجتماع الذي عُقد في تايلاند (2015/5/29) والذي دعي ممثلو 17 دولة للحضور إليه، لم يكن فيه أي مسؤول على المستوى الوزاري من إندونيسيا. ما الذي يمكن توقعه من الاجتماع؟ في وقت سابق تحدث وزير الخارجية الإندونيسي أثناء زيارته إلى ميانمار في (2015/05/21) بأن قضية الروهينجا جزء من جدول أعماله. ولكنه لم يُدن وبشدة ما يجري بل إنه لم يقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام ميانمار الذي يغطي ويوافق على المجازر التي ترتكب بحق مسلمي الروهينجا. وعوضا عن ذلك، فقد دعا الوزير إلى مزيد من التعاون لتحقيق مصالح اقتصادية وتجارية مع إندونيسيا. كما ناقشت حكومتا إندونيسيا وميانمار أيضا إمكانية التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتعليم والبنية التحتية والاتصالات. ووفقا لبيان رسمي لوزارة الخارجية جاء فيه: "كلا البلدين ملتزمان بزيادة حجم التبادل التجاري وهدفنا هو الوصول إلى المليار بحلول عام 2016". وقد وافقت ميانمار في النهاية على زيادة حجم الواردات من بعض المنتوجات الإندونيسية. كما أن إندونيسيا وميانمار اتفقتا على بضعة أمور متعلقة بالإفراج عن صيادين غير شرعيين كانوا لا يزالون محتجزين في إندونيسيا. ولا تزال قضية الروهينجا مبهمة غير واضحة، ولا تذكرها الحكومة إلا لمعالجة قضية الهجرة التي تتم وعلى نطاق واسع أطلقت عليه اسم "التنقلات غير المنتظمة".


وحتى هذا اليوم، لم تُدل الحكومة بأي خطاب يقدم مستقبلا واضحا لمسلمي الروهينجا. بل إن الحكومة رفضت حتى إعادة مسألة التوطين التي كانت تقوم بها سابقا بل قامت بها بالفعل عند تعاملها مع النزوح الجماعي لسكان فيتنام بسبب الأزمة السياسية التي اجتاحت بلادهم أواخر عام 1970، وذلك عندما قامت بجمعهم ووضعهم في جزيرة غالانج، باتام.


سموم الوطنية تقتل الأخوة


إن سبب فتور شعور المسلمين بإخوانهم هو سموم الوطنية، فالحدود المرسومة بين الدول تحول دون الإحساس بالقلق والمسؤولية تجاه الآخرين. فالوطنية ليس معناها الوحيد هو حب المكان الذي ننتمي إليه، الذي لم ينه عنه الإسلام. إنما مفهوم الوطنية هو المفهوم الذي يجعل المسلم يتخلى عن الإسلام كقيادة فكرية من أجل ما يسمى المصلحة الوطنية أكان الوطن على صواب أم على خطأ. إن الحكومة الإندونيسية تعتبر أنه يكفي أن توفر مساعدة وملجأ مؤقتين للروهينجا، بلا حماية، ولا رعاية ولا أمن من أجل مستقبلهم، والسبب حسب رأيها هو أن الشعب الإندونيسي كثير العدد وله مشاكل متعددة يجب الاهتمام بها جديا، فالمصالح الوطنية يجب أن يكون لها الأولوية على مساعدة الغرباء، يعني أنها تعتبر أن إخواننا من المسلمين غرباء!!


إن حكومة إندونيسيا الرأسمالية هي أيضا سبب في فشل إيجاد إخواننا الروهينجا مستقبلا في هذا البلد. وقد وضعت الحكومة الرأسمالية خطوطا عريضة تفرض أن تولّد جميع السياسات منافع مادية. إن الحكومة الإندونيسية لا تملك أي حل لأزمة الروهينجا وبقيت تختبئ وراء قرار عدم التدخل الذي اتخذته رابطة أمم جنوب شرق آسيا، لأنها لا تريد أن تعطل مصالحها الاقتصادية مع ميانمار ودول آسيوية أخرى. لن يكون هناك أي قرار بقطع العلاقات أو مقاطعة لهذا النظام المجرم في ميانمار، لأن المسألة لا توفر منافع مادية. فما يمكن للحكومة القيام به هو مجرد إقناع النظام في ميانمار البوذية بوجوب وقف نزوح الروهينجا الذي يمثل مشكلا بالنسبة للدول المجاورة.


أما الأعمال البطولية التي قام بها الصيادون الفقراء في 'آتشيه' لإنقاذ قوارب الروهينجا، يجب أن تكون مثالاً يحتذي به الجميع. في الواقع فإن الطبيعة الإنسانية ستشجع أي شخص على مساعدة من هو في حاجة إليه بكل ما يقدر وبصدق، على الرغم من الخصاصة التي به. عندما تحقق الحكومة هذه الطبيعة الإنسانية من خلال شكل سياساتها، فمن المؤكد أنها ستساهم بشكل كبير في إنقاذ المسلمين الروهينجا. فليس من الصعب على هذا البلد توفير أرضية مناسبة لهم وتوفير سبل العيش للرجال بزراعة الأرض أو موارد أخرى. أليس هناك مئات من الجزر المهجورة بلا سكّان والغنية بالموارد الطبيعية؟ فمن السهل على الحكومة الإندونيسية نشر قواتها لردع نظام ميانمار الوحشي وتحرير المسلمين وأطفالهم الذين تُركوا مرعوبين في البلاد. لكن في الحقيقة، فالوطنية والرأسمالية قتلت هذه الشخصية الطبيعية داخل السلطات وسياساتها، وأدت هذه المفاهيم الكفرية إلى انخفاض درجات الإنسانية إلى الانعدام.


أما بالنسبة للمسلمين الذين يدركون مسؤوليتهم تجاه إخوانهم المسلمين فهم كالجسد الواحد، فهذا الرابط العقدي أهم من حقوق الإنسان والإنسانية. رابط الأخوة لا يميز بين القبلية والعرقية ويتجاوز المناطق الجغرافية.كلنا نعلم أن الروهينجا تم إذلالهم وقمعهم بوحشية لمجرد أنهم مسلمون. ولكن حكام المسلمين يفتقدون كل مسؤولية، ويمنعون جيوش المسلمين والمسلمين في هذا البلد من إنقاذ إخوانهم وبناتهم من شراسة البوذيين. ففكرة الوطنية والقومية تعيق المسلمين في إعطاء الروهينجا حقوقهم، وقد أثبتت هذه الفكرة إضعاف قوة المسلمين وإضعاف رابط الأخوة الإسلامية الذي يجمعهم. وقد كان من الواضح أيضا أنها تعيق المسلمين في إندونيسيا عن إنقاذ أخواتهم وأبنائهم الروهينجا من الظلم الذي يواجهونه كل هذا الوقت.


حاجة ملحة لإرادة سياسية


أزمة الروهينجا يجب أن تنشر الوعي لدى جميع الأطراف بفشل النظام السياسي الديمقراطي وأنظمته في تحقيق حل للمشاكل الإنسانية، وكذلك في حماية دم وشرف المسلمين من كل أشكال الظلم. يجب على الأمة الإسلامية أن تمارس فورا جميع إمكانياتها لتحقيق وحدة الأمة وإيجاد السلطة السياسية التي تكون قادرة على تنفيذ جميع أحكام الله في كل نواحي الحياة. فقط بوجود إرادة وقوة سياسية سيتم الحفاظ على دم وشرف المسلمين من الهتك وكذلك سيتم تحقيق العدل والرفاهية وحماية حقوق المسلمين في العالم كله، أما هذه السلطة والإرادة السياسية فهي دولة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة.


باختصار، رابطة الأخوة الإسلامية تلزم جميع المسلمين بتوحيد صفوفهم من أجل تطبيق الشريعة في ظل الخلافة. لأن المسلمين أمة واحدة فالمحنة التي يعيشها الروهينجا هي بالأساس محنة لجميع المسلمين في العالم، بما في ذلك المسلمين الإندونيسيين، بكاؤهم بكاؤنا، معاناتهم معاناتنا وتجاهل معاناتهم ضرب لرابطة الأخوة الإسلامية وزعزعة لعقيدة المسلم. بالمقابل، فإنه يجب على كل مسلم في كل مكان أن ينظر إلى هذه القضية باعتبارها مسألة خطيرة مرتبطة بالعقيدة وبرابطة الأخوة. وعلينا جميعا، وخاصة العلماء وقادة المجتمع ووسائل الإعلام، أن نكون في الطليعة لتمهيد الطريق لحل شامل لأزمة الروهينجا.


قال رسول الله ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ»

عفة أينور رحمة
الناطقة الرسمية لحزب التحرير في إندونيسيا

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع