الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أهل الشام بين مطلب دار الإسلام واللجوء إلى دار الكفر!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أهل الشام بين مطلب دار الإسلام واللجوء إلى دار الكفر!

 

 

قال تعالى: ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾ [النساء: 100]


يقول القرطبي في تفسيره: "ومن يفارق أرض الشرك وأهلها هربا بدينه منها ومنهم إلى أرض الإسلام وأهلها المؤمنين يجد هذا المهاجر في سبيل الله مهربا ونجاة ورحابا فسيحة" بتصرف يسير.


لا شك أن للعيش في بلاد المسلمين آثاره الظاهرة على الإنسان على مستوى عباداته وطاعته وتربية أبنائه. بالمقابل هناك آثار سلبية للعيش في بلاد الكفار مثل:


- مخافة الافتتان في الدين بسبب حال المجتمعات من فساد ديني وانحلال أخلاقي


- الخشية على الأبناء ومستقبلهم لترعرعهم في مجتمع لا يراعي الدين والأخلاق في المدارس وجميع مرافق الحياة الإسلامية


- خطورة القوانين الوضعية وما تحويه من مخالفة للشريعة


- خشية الافتتان بالكفار والرضا بدينهم بسبب طول معاشرتهم


لا يجوز للمسلم الإقامة في بلاد الكفار واللجوء إليها إذا خشي الفتنة على دينه أو انعدم وجود الأمان على المال والعرض والنفس لأن الله توعد الذين يتركون الهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام فكيف بمن هاجر إليها ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء: 97]


إن بلاد المسلمين اليوم هي دار كفر، فهي خاضعة لأحكام غير المسلمين وأمانها وسلطانها بغير أمان وسلطان المسلمين برغم من أن أهلها مسلمون، لذا وجب لزاما على المسلمين إقامة دار الإسلام التي يكون أمانها بأمان الإسلام واحتكامها لأحكام شرع المسلمين وخاضعة لسلطانهم.


على هذا المشروع قامت ثورة الشام المباركة المتمخضة من الثورات العربية التي سبقتها، لكنها تميزت عنها بمطلبها الذي بدا جليا في شعاراتها: "يا أوباما اسمع اسمع خلافتنا راح ترجع"، "لا حزب الله ولا إيران بدنا نحكم القرآن"، "الخلافة فرض ووعد وحق"... الأمر الذي أرق مضاجع الغرب الكافر الحاقد على الأمة الإسلامية والساعي لإخماد ثورتها التي تتجه للانعتاق من التبعية له والتحرر من نظامه الرأسمالي المستبد الذي يؤمن القائمون عليه بقيام دولة الخلافة في حين يشكك فيها بنو جلدتنا!! ومن أقوالهم للذكر:


"- طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق 2005 "إننا نجابه حركة تسعى لإزالة دولة إسرائيل وإخراج الغرب من العالم الإسلامي وإقامة دولة إسلامية واحدة تحكم الشريعة عن طريق إقامة الخلافة...".


"- دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق 2005 "ستكون العراق بمثابة القاعدة للخلافة الإسلامية الجديدة التي ستشمل الشرق الأوسط وتهدد الحكومات الشرعية في أوروبا وإفريقيا وآسيا".


إن الغرب يوقن أن قيام دولة الخلافة على منهاج النبوة سيسفر عن سقوط نظامه المتهاوي الذي يسعى بشتى الطرق لترميمه بعد أن بان للعالم عجزه على أن يكون نظاما حيا شاملاً للبشرية؛ لذا نراه يتكاتف ويدعم ويمول ويجمع كل القوى للإبقاء على نظام بشار ويحول دون سقوطه، تكاتف مع إيران وحزبها في لبنان، وعقد مؤتمري جنيف 1و2 وأوجد الائتلاف كما تحالف مع تركيا وركز فيها قاعدته العسكرية.


أما فيما يخص بشار فقد أذاقهم الويلات حيث رماهم بالرصاص الحي والقنابل الفسفورية والعنقودية المحرمة دوليا والبراميل المتفجرة وهدم البيوت على ساكنيها ودمر المساجد على روادها وخطف وعذب وأحرق وذبح واغتصب ولم يسلم من بطشه رضيع ولا شيخ.


مع خطورة الوضع وانعدام الأمان واشتداد الأزمة مقابل إصرار أهل سوريا على مشروعهم اضطروا للهجرة كرها لا طواعية منهم؛ فراراً من بشار وزبانيته وبطشه، فلم يجدوا في بلدان الجوار إلا الذل والمهانة من حكام أسقطوا الأقنعة عن وجوههم القبيحة ولم يغيثوهم؛ فقتلوهم برداً في مخيمات تركيا، وحرّاً وبلدغات العقارب في صحراء الأردن؛ فكانت المخيمات أشبه بمقابر جماعية لهم انعدمت فيها أدنى مظاهر الإنسانية.


ومع تحصين هذه الدول لحدودها وبنائها لجدران عازلة اضطروا للجوء إلى أوروبا رغم المعاناة التي تنتهي إما بموت أو اعتقال من السلطات، أو تشرد في محطات القطارات والحدائق العمومية، أو بغرق في البحر الذي اعتبروه أملهم للوصول إلى ألمانيا التي قبلت لجوءهم، حيث صرحت وزيرتها أنجيلا ميركل "يوما ما سنخبر أحفادنا كيف هرب المسلمون عبر قوارب الموت إلينا رغم أن مكة أقرب إليهم".


كما ظهرت حملات فيسبوكية شعبية في أيسلندا لاقت استحسانا كبيرا تدعو لاستقبالهم في منازلهم.


أهكذا يفعل بأهل خيرة أرض الله؟


هي شام العز والإباء وعقر دار الإسلام وأرض باركها الله وبارك أهلها، ووجب على المسلمين نصرتها إذ لا خير فينا إن فسدوا وهلكوا.


هذه حال إخواننا في سوريا اليوم، فقد صاروا مهاجرين من البلاد التي كانوا يسعون لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فيها لتكون لهم ولجميع المسلمين دار إسلام يهاجَر إليها لا يهاجر منها ويعيدوا بذلك مجد المسلمين وعزهم.


فليعلم كل من تخاذل وتواطأ وساهم في تشريدهم من حكام العرب والمسلمين أنه سيحشر بأرضهم أرض الشام المباركة، وليعلم كل من يقبلهم ليستغلهم ويمن عليهم من الغرب أن الدولة الإسلامية سبق وأن استقطبت وجذبت إليها الغربيين برقيها وازدهارها في شتى المجالات وكانت وجهة لهم، وأنها ستعود كذلك، كما سيعود المسلمون يوما ما بأساطيل فاتحين لا بقوارب الموت هاربين مهاجرين.

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فتحية الشلي - تونس

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع