السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الأضحية... والعيد... والوحدة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال تعالى: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ))، في هذه الآية الكريمة يظهر المعنى السامي للأضحية، حيث ربط الله سبحانه وتعالى الأضحية بالعبودية والانقياد له والالتزام بما أمر، وقد كانت الأضحية التي قدمت لسيدنا إبراهيم عليه السلام بمثابة مكافأة على طاعته المطلقة لله تعالى وتجديد العهد معه على الحنيفية السمحة حيث كانت دعوة إبراهيم عليه السلام إلى اتباع شرع الله عز وجل وشكلت خطورة على الشرائع الجاهلية والتي تشبه الشرائع الديمقراطية والمدنية والاشتراكية في زماننا، وكذلك دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أمته لتحكيم شرع الله عز وجل والخلاص من الجاهلية المنحطة.


إن الالتزام بما أمر الله سبحانه من أحكام، وما سنه الله للعيد، وإحياء سنة إبراهيم عليه السلام ودعوته لتطبيق شرع الله لا يمكن أن تختزل في شعيرة إراقة دماء الأضاحي وتوزيع لحومها كما يريد أصحاب الولاء لليهود والنصارى والذين ينهلون من شرعهم الطاغوتي؛ حيث إن الأنظمة الحاكمة كعادتها وأذرعها في الأوقاف والمؤسسات التابعة لها ومداخنها الإعلامية التي تبث دخانها الرأسمالي والغربي والتي تسعى لفصل الدين عن الحياة وجعل الدين طقوسا مشاعرية فقط لتتماشى مع سياسات الغرب الكافر وعلى غرار الأديان الأخرى المحرفة؛ فقد تمَّ تفريغ هذه العبادة وغيرها وإبعادها عن معناها الحقيقي تماماً، فلم تعد تعني عند البعض سوى ذبح ذبيحة وتوزيع لحمها على بعض الفقراء، في حين أن الأضحية لا تعني ذبح الحيوان بصورة روتينية، بل هي تعبير مادي عن الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى لينال التقوى منا قال تعالى: ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنْكُمْ))؛ فالمسلمون من خلال قيامهم بهذه العبادة يعلنون أنهم سيطيعون الله طاعة مطلقة في كافة أوامره في كل زمان ومكان وإقامة أحكامه التي لا تكون وفق منهج الله إلا بدولة خلافة راشدة على منهاج النبوة وكما أراد.


إن المسلمين اليوم تواقون للاقتداء بهذه السنة ويتسابقون لتقديمها، غير أن أسعار الأضحية قد ارتفعت بشكل كبير جراء سياسات الاقتصاد الفاشلة المطبقة قي دول العالم الإسلامي؛ حيث يستغل التضييق الاقتصادي ورفع الأسعار لشراء الذمم والابتزاز السياسي من الأمة جمعاء لتنفذ أجندة الغرب الكافر على المسلمين.


ولأن هذه الأنظمة تنفذ الأجندة الأجنبية فلا يمكن أن تكون الرعاية الحقة هدفا لها؛ فلم تحاول الأنظمة الحاكمة خفض أسعار الأضاحي أو قوت المسلمين بشكل عام لتكون في متناول اليد رغم غنى العالم الإسلامي وثروته الهائلة في مجال الأنعام، فالأنظمة باستطاعتها خفض أسعار اللحوم والأضاحي إلى النصف خلال عام واحد إذا ما تم توجيه الناس لعدم ذبح إناث الأنعام ورسم سياسة عملية صادقة كما يقول الخبراء، هذا من الجانب التقني التنظيمي، أما الجانب العملي الرعوي الصحيح والذي يحل المشكلة حلا جذريا يوافق شرع الله فهو وحدة المسلمين بدولة واحده يحكمها شرع الله، حيث إن ثرواتها هائلة جدا؛ فالعالم الإسلامي يمتلك أعداداً كبيرة من الأنعام بسبب توافر مساحات واسعة من المراعي في بلاد إسلامية عدة بينها السودان والصومال وتركيا وإيران وأوزبكستان.. ومن بين الدول المربية للأبقار بنغلادش؛ إذ يبلغ عدد الرؤوس لديها 24 مليون رأس، فيما يبلغ عدد الرؤوس في السودان 22 مليون رأس، و17 مليون رأس في باكستان، و16 مليون رأس في نيجيريا، و11 مليون رأس في إندونيسيا...


وأما الأغنام فيبلغ عدد الرؤوس في إيران 45 مليون رأس، و39 مليون رأس في تركيا، و33 مليون رأس في كازاخستان، و28 مليون رأس في باكستان، و23 مليون رأس في السودان، وتشكل 27 بالمائة من الإنتاج العالمي. وتتمثل الدول المربية للإبل بالصومال إذ يبلغ عدد الرؤوس لديها 29 مليون رأس، وفي السودان 2.7 مليون رأس، وفي باكستان مليون رأس، وموريتانيا مليون رأس، وفي تشاد 5 ملايين رأس، و33 مليون رأس في كازاخستان، ‏وتشكل 79 بالمائة من الإنتاج العالمي. إذن فالمشكلة في ارتفاع سعر الأضاحي وقوت المسلمين هي مشكلة سياسية يتم حلها جذريا لكل مسلم بالوحدة الإسلامية في دولة خلافة على منهاج النبوة.


ومن جانب آخر فإن حرص المسلمين على أداء سنة الأضحية نابع من دينهم، وإن إصرارهم على هذه الشعيرة يدفعنا لسؤالهم لماذا لا يظهر هذا الحرص لتنفيذ سائر أحكام الله وأوامره؟ لماذا لا يحرصون على إقامة أحكام الإسلام بدولة إسلاميه مخلصة؟ لماذا لا يأمرون الحكام بالمعروف وينهونهم عن المنكر وهم يشاهدون المنكرات من الأفراد ومن الدولة؟ لماذا يقف المسلمون غير مبالين تجاه تنفيذ أحكام الكفر عليهم؟؟ لماذا لا يحرصون على إقامة سياسة اقتصادية لا تقوم على الربا والضرائب؟ لماذا لا يحرصون على تطبيق سياسة تعليمية قائمة على أساس إعداد شخصيات إسلامية قادرة واعية تقود العالم؟؟ لماذا لا يحرصون على تغيير السياسة الخارجية التي تقوم على موالاة يهود والكفار المستعمرين؟


إن التسابق للأضحية لدليل خير يجب أن ينعكس على أمة التضحية التي هي سمة أمة الإسلام وعنوان وجودها برفعة وعلو، ولقد آن الأوان لأمة الإسلام أن تلتزم بكافة أوامره والانتهاء عن كافة نواهيه. قال تعالى: ((ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق))!! لقد آن الأوان للعمل لإقامة تاج الفروض، دولة الخلافة، وإنهاء حاكمية الكفر والوقوف في وجه الكفار المستعمرين. فبادروا إلى العمل الجاد الدؤوب لإعادة الخلافة الراشدة وإعادة البهجة لأعيادنا الحزينة وتوحيد أمة الإسلام في دولة الخلافة الراشدة الثانية فقد حان وقتها؛ فإن أمير المؤمنين القادم بوعد الله ومشيئته لسوف يحثو المال حثواً ولا يعده عداً، ولكنَّ هذا الأمر وهذه المرحلة تسبقها مرحلة على الأمة أن تستعين بالله عليها وأن تجعل نصب عينيها قوله سبحانه وتعالى: ((وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)) لتنهي مرحلة الحكم الجبري وتوحيد أمة الإسلام. فكم هي الوحدة واستئناف الحياة الإسلامية ضرورية لكل مسلم ولكنها لا تتم إلا بالتضحية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والحمد لله رب العالمين.

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شاكر المعلم - فلسطين

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع