رد على مقالة: العنف ضد المرأة لدى المسلمين أكثر من غيره
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نشر موقع المجلة بتاريخ 2014/4/15م مقالاً للكاتب أحمد الحناكي بعنوان: (العنف ضد المرأة لدى المسلمين أكثر من غيره) تحدث فيها عن مجموعة من العوامل اعتبرها سبباً للعنف ضد المرأة في المجتمع العربي، هذه العوامل هي: الدين والعادات والقوانين والتعليم، كما تحدث عن الاختلاف في مسببات العنف ضد المرأة بين المسلمين والغرب، فهو يرى أن الأسباب في الغرب عادة ما تكون نتيجة لإدمان المخدرات أو الكحول دونما نظرة دونية للمرأة، بينما أسبابنا تجمع فضلاً عن أسبابهم النظرة للمرأة على أنها طبقة أدنى وكفى.
وفيما يلي بعض النقاط التي نتحفظ عليها في المقالة:
1- أن العنف في الغرب عادة ما يكون دونما نظرة دونية للمرأة: إن النظرة الغربية للمرأة والمنبثقة من المبدأ الرأسمالي تقوم على اعتبار المرأة جزءاً مادياً نفعياً في حضارتهم، لا يُنظر إليها إلا كسلعة تجارية، أو موضعٍ لإشباع شهوة. فهم ينظرون إلى المرأة نظرة نفعية جنسية بحتة، فتتصدر هي وصورها العارية شاشات التلفاز والإعلانات التجارية، ومحلات البيع والشراء، وأماكن اللهو والترف والمجون، لترويج الملذات المُحَرَّمة والخمور ونوادي القمار ودور الدعارة، فقد أصبحت المرأة عندهم تقيم بمقدار إرضائها للزبائن وقدرتها على إغرائهم حتى إنهم لم يعودوا يستحون من اشتراط حسن المظهر والجمال في أية وظيفة شاغرة للمرأة متجاهلين أن للمرأة قيمة إنسانية ووظيفية تماماً كالرجل بغض النظر عن مظهرها، رغم أنهم يحاولون أن يبرروا شرطهم بأمور واهية ولكن الحقيقة أنهم امتهنوا المرأة وحطوا من قدرها، فتسابقت النساء عندهم إلى الأزياء والموضة وإلى مواد التنحيف ومستحضرات التجميل لأن المرأة إن كانت غير جذابة فليس لها أي قيمة عندهم. فتستغل في شبابها وتُرمى لتصارع شقاء المعيشة بعد انقضاء شبابها، أوليست هذه النظرة نظرة دونية للمرأة؟!
أليست هذه النظرة هي التي أدت إلى ظهور مشكلات اجتماعية خطيرة وكثيرة في الغرب، حتى صار التفكك الأسري سمة من سمات المجتمعات الرأسمالية، حتى على مستوى الأسرة النواة. وانتشر الفحش والفجور وغابت العفة والطهارة عن المجتمع فأصبحت الإحصائيات تتحدث عن عشرات حالات الاغتصاب وآلاف حالات الزنا والخيانة الزوجية في الدقيقة الواحدة حتى صار أكثر أبناء المجتمعات الغربية أبناء بلا آباء، فغابت السعادة والطمأنينة من المجتمع.
2- إنْ وجد من يسيء للمرأة وينظر لها نظرة دونية من المسلمين فهذا ليس سببه الإسلام وأحكامه، بل سببه بُعْدُ هؤلاء عن الدين وسوء فهمهم لأحكامه، فالإسلام رعى المرأة من خلال التشريع والتنفيذ من مهدها فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة، وقد وعدهم الله الجنة ونعيمها إن أحسن الأهل رعايتها وأدَّوا أمانة الله في حقها، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ عَالَ ثَلاثَ بَنَاتٍ يَكْفِيهِنَّ، وَيَرْحَمُهُنَّ، وَيَرْفِقُ بِهِنَّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، أَوْ قَالَ: فَهُوَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ». وفي شبابها فقد ضمن الإسلام للمرأة وهي شابة حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها وأحاطها بالحفظ والاحترام؛ فحرَّم عليها أن تعمل عملاً تأكل من خلاله بأنوثتها، بل اعتبرها درة كريمة مصانة، تزف لبيت الزوجية بشكل راقٍ مهيب لتصبح هناك ربة بيت وأماً وعرضاً يحرس ويصان ويفتدى بالنفس، إلى شيخوختها، كذلك فقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات.
كما أن المرأة كانت (ولا زالت) وصية نبيـِّنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فعن سليمان ابن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ... أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» سنن ابن ماجه. وقوله: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». وقوله عليه الصلاة والسلام: «رِفْقًا بِالْقَوَارِيرِ».
3- فيما يتعلق بالعادات والموروثات الاجتماعية المجحفة بحق المرأة والتي تنظر لها نظرة دونية وتعطي الأفضلية للمولود الذكر فليست مقياساً للمسلم، فالأمة الإسلامية أمة عريقة، تستمد فكرها وثقافتها من الوحي وتنظم علاقة الرجل بالمرأة على أساس الأحكام الشرعية وليس على أساس العادات والتقاليد، فالإسلام قد أبطل العادات والموروثات البالية والظالمة للمرأة، كالتي تحرمها من الميراث ومن حرية اختيار الزوج...، وحرم وأد البنات وذم من يتضايقون ويضجرون وينفرون من البنت، ونظر للمرأة بوصفها إنساناً كما الرجل هيأهما لخوض معترك الحياة بوصف الإنسانية وليس بوصف الذكر والأنثى.
4- إن القضاء على العنف ضد المرأة لا يكون بالقوانين والتشريعات الوضعية، فهذه التشريعات هي أصل البلاء، فهي تستند إلى المواثيق والاتفاقيات الدولية كاتفاقية سيداو، القائمة على أساس وجهة النظر الرأسمالية التي جعلت الناس يحيون في ضنك من العيش، ولم تفلح في القضاء على العنف، ومعدلات العنف عندهم في تزايد مستمر.
لذلك كان حَرِيّاً بالمضبوعين بالغرب وحضارته أن يعيدوا التفكير ملياً في هذا الواقع الفاسد الذي أنتجته حضارة الغرب، والذي يحاول الغرب تصديره لنا من خلال الحكومات والمؤسسات والجمعيات والمفكرين موهما إياهم أن فساد المجتمعات عندنا هو بسبب الإسلام، رغم أن الكل يعلم أن الإسلام غائب عن التطبيق في بلاد المسلمين منذ هدم دولة الخلافة عام 1924م، وأن الغرب لديه من المشكلات أضعاف أضعاف ما عندنا رغم عدم تطبيق شيء من أحكام الإسلام. فالمشكلة في الرأسمالية والديمقراطية ولا شك، فَلِمَ الافتراءُ على الإسلام؟!
إننا بأمس الحاجة اليوم إلى تطبيق نظام الإسلام كاملاً، لتنقذ البشرية وليس المرأة فقط من الشقاء في ظل الرأسمالية العفنة والأنظمة القمعية، ولن يكون ذلك إلا بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة القائمة قريباً بإذن الله.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم براءة