الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
منظمة العمل: 85 مليون طفل يمارسون أعمالا خطرة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

منظمة العمل: 85 مليون طفل يمارسون أعمالا خطرة

 


في محاولة للملمة خسائرهم وخيبة مبدئهم وشروره وعجزه عن تلبية متطلبات البشر، وفي خطوة ترقيعية وحلول وضعية تفتقر للجذرية في القضاء على المشكلة وإقصائها والتخلص منها، تعقد منظمة العمل في 12 من حزيران/يونيو من كل عام وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، مؤتمرات تصنف فيها مآسي الأطفال وتعرضهم للإساءة والاستغلال، حيث نبهت منظمة العمل الدولية في مؤتمرها الأخير الذي عقدته بمقرها في جنيف إلى أن عُشر أطفال العالم يعملون في مختلف المهن لمساعدة عائلاتهم وأسرهم، ويقدرون بنحو 170 مليون طفل، منهم 85 مليونا يمارسون أعمالا خطرة، وبعضهم لا يتجاوز الخامسة من عمره.


وتحت شعار "لا لعمل الأطفال، نعم لجودة التعليم"، وكما تجري العادة دائما في طرح القضايا ومناقشتها والبحث عن حلول لها - فدائما القشور والظاهر هو ما يبحث ويتغاضى عن أساس الداء والبلاء - فتغيب المصداقية والعمق عن مؤتمراتهم، والحلول الشافية الجذرية عن قراراتهم..


ومن جهتها، ذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن قرابة مئة مليون طفل من الجنسين تتراوح أعمارهم بين خمس وسبع عشرة سنة يعملون في قطاع الزراعة.


وقد أبرمت العديد من الاتفاقيات وفرضت من قبل منظمة العمل وعلى الدول الأطراف فيها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تتكفل بحماية الأطفال، وبشكل خاص وضع حد أدنى لسن الالتحاق بالعمل، ونظام ملائم لساعات العمل وظروفه، وفرض عقوبات مناسبة لضمان فعالية تطبيق هذه النصوص، وقد صادقت على هذه الاتفاقية معظم الدول العربية والعديد من دول العالم. وكانت الجمعية العامة لحقوق الطفل قد أقرت إعلانا نص على "وجوب كفالة ووقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال، وأن لا يتعرض للاتجار به بأي وسيلة من الوسائل، وأن لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسب، وأن لا يسمح له بتولي حرفة أو عمل يضر بصحته، أو يعرقل تعليمه، أو يضر بنموه البدني أو العقلي أو الأخلاقي..


ولكن ما تناسته هذه المنظمة وغضت الطرف عن الحديث فيه أثناء تعريجها على النتائج واسترسالها في وضع القوانين والعقوبات، هو أن عمالة الأطفال ودفع أسرهم لهم في سوق العمل لم يكن اختياريا أو لغاية ترفيهية أو لتحقيق طموح ما، بل هي وليدة ظروف قاسية ومضنية، إذ يرجع في معظم الأحيان وأغلبها إلى ازدياد الأزمات والصراعات الدائرة رحاها في البلاد، ومنها العالم الإسلامي وما يسمونه بالدول النامية والفقيرة والتي أنهكتها الحروب والصراعات السياسية والفتن الطائفية، حيث تزيد ظروف الأطفال فيها سوءا، فيقعون ضحايا هذه الظروف التي لا قبل لهم بدفعها بل ينساقون معها جبرا وعنوة فيكيفون ظروفهم ومعاشهم حسبها..


فتكون نتيجة الحروب والصراعات كارثية حيث يتمخض عنها الفقر والعوز والحاجة وفقدان المعيل وصعوبة الظروف واستحالة المعاش، إلا إذا تكاتف كل أفراد العائلة على تخطي أزمتهم لتستمر حياتهم دون استجداء، فالفقر هو من الأسباب الرئيسية لعمل الأطفال وانخراطهم في سوق العمل يكابدون قسوته ويتحملون ضعف قدراتهم من الأعمال الشاقة والمضنية، ومن أسوئها وأكثرها ضررا بالطفل الرق بكافة أشكاله وأنواعه والعمل القسري، واستخدام الأطفال واستغلالهم وتجنيدهم في الصراعات المسلحة، واستخدامهم أو عرضهم لأغراض الدعارة، أو لإنتاج أعمال إباحية واستخدامهم أو عرضهم لمزاولة أنشطة غير مشروعة وخاصة في إنتاج المخدرات والاتجار بها.


عدا ذلك فإنه كثيراً ما يعمل الأطفال في ظروف بيئية غير صحية تؤثر عليهم بشكل مباشر، وقد يتعرضون لمخاطر عديدة أثناء عملهم، فهناك الأطفال العاملون في مصانع كيماوية أو ورش السيارات، والذين يتعرضون للمواد الكيميائية وخطر التعامل مع الآلات الميكانيكية والكهربائية، وهناك الأطفال الباعة المتجولون المعرضون باستمرار لحوادث السيارات والغبار والأتربة والضوضاء، بالإضافة إلى ظروف الحر والبرد وسوء التغذية والإرهاق الشديد نتيجة العمل لساعات طويلة دون راحة، وهناك الكثير من الأطفال ممن يقضون نهارهم في المزارع والمصانع والمحاجر في ظل ظروف عمل سيئة، وأطفال يعملون كخدم في المنازل أو يعيشون في الشوارع.. وأطفال يجبرون على الانخراط في الجيوش وحمل السلاح والقتال..


ولو حصرنا الأمر وضيقناه أكثر لوجدنا المجتمعات في بلاد الإسلام تعاني ظروفاً مختلفة كالزيادة السكانية، والحروب والنزاعات والفتن، والتفاوت في المستويات الاقتصادية، وعجز الأنظمة عن تقديم الحلول، ومعالجة المشاكل والقضاء عليها، ورعاية شؤون رعيتها خاصة في مجالي الصحة والتعليم، بالإضافة إلى انخفاض الدخل الفردي نتيجة تلك الظروف. مما أدى إلى استحداث مشكلات اجتماعية واقتصادية، واتساع نطاق مشكلات أخرى كان من بينها مشكلة عمل الأطفال دون السن القانونية، الذين دفعت بهم أسرهم إلى سوق العمل لسد احتياجاتها الضرورية، فتحولوا بذلك من أفراد معالين إلى مشاركين في الإعالة الاقتصادية..


إن واقع الطفولة في العالم الإسلامي في غاية القسوة، ومن الصعب تجميله بالخطابات، فهناك أكثر من حوالي 10 ملايين طفل مسلم محرومون من التعليم، وهناك أكثر من 20 مليون طفل معاق لا يلقى سوى 25 % منهم العناية. مع أن هذا الطفل من حقه أن يحظى بالاهتمام والاحترام والإحساس بالأمان والرعاية الصحية والحماية من العنف أو الاستغلال، ومن حقه أن يلعب ويضحك ويتعلم بلا معاناة.. إنهم بحاجة إلى الحماية من الإهمال والنبذ.. إنهم بحاجة إلى الحماية من كل من لا يخاف الله فيهم وفي براءتهم.


فالأطفال في كل أنحاء العالم يموتون من الجوع والفقر، فنرى أيتاماً ينقصهم الأمن والرعاية، كما أن كثيراً منهم يعانون من ويلات الحروب ويعيشون كلاجئين، ومنهم من هو محروم من أبسط حقوقه وهو التعليم والرعاية الصحية. وفي الوقت الذي تتعدد فيه الوثائق الداعية إلى حماية الطفل وإقرار حقوقه وحرياته، وتعقد المؤتمرات والندوات الدولية لمناقشة حقوقه.. تشهد الإنسانية ما لم تشهده من قبل من انتهاكات صارخة لحقوق الطفل في أماكن عديدة من العالم.


كل هذا الواقع الأليم الذي يحيط بواقع الطفل المسلم مخالف تماماً لذلك الاهتمام الكبير الذي أولاه الإسلام له خاصة وللإنسان عامة فيما يتصل بالحقوق الواجبة لهما التي حفلت بها شريعة الإسلام من قرآن كريم وسنة نبوية شريفة قبل أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن.


إن العالم بمجمله يئن من نظام استفرد بالبشر فقضى على إنسانيتهم، وأعدمهم حقوقهم، وحولهم لآلات منتجة ومستهلكة، أشغلهم بلقمة العيش وأغفلهم عن سبب وجودهم والغاية من خلقهم، أفقرهم وسرق أحلامهم وغير مجرى حياتهم، نعم إنه نظام العلمانية الرأسمالية المقيتة، التي أشعلت العالم حروبا وصراعات وفتناً وتسيطر وتنهب خيرات ومقدرات البلاد..


كيف بها تعقد المؤتمرات وتصوغ المواثيق وتجبر العالم على احترامها وتحاسبه على التقصير فيها، وهي من اعتمد مجموعة من القيم الاقتصادية التي من شأنها، ليس فقط توسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وإنما ضم الطبقة الوسطى، صاحبة الأغلبية، إلى عالم الفقراء المعوزين.. وألقمت المعدمين للأغنياء، وأطلقت أيديهم في ثروات البلاد ومقدراتها وحرمت الفقراء البسطاء المستضعفين الذين ليس للدولة معهم أي مصالح ومنافع ترتجى منهم عكس النخبة..


فقد أدت زيادة معدلات الفقر وانتشار البطالة وتضخم أسعار ومتطلبات المعيشة والخدمات الاجتماعية إلى التآكل التدريجي لهذه الطبقة، وهو ما انعكس على العلاقات الأسرية، ومن ثم ظهرت السلبيات الاجتماعية التي أصابت في الأساس أطفال الأسر الفقيرة والمعدمة. فكيف يعالجون آفة هم من تسبب بها وأنتجها ودفع البشرية لخوضها والتضرر من ورائها؟؟


والعالم اليوم ومن ضمنه العالم الإسلامي وبحكم تطبيقه للنظام الرأسمالي المجحف بحق البشرية تعاني الأسرة فيه الفاقة والعوز مما يدفع بأفرادها بكافة أعمارهم لتجنب الفاقة والاستجداء وخوض غمار العمل ولو كانت شاقة... فهذا ما جرته الأنظمة التابعة الذليلة للغرب على الأمة والمجتمع، وهذا ما جلبه نظام الاقتصاد الرأسمالي على الشعوب، نظام نهب وسلب واستعمار..


فلا نجد عزاءنا وعلاجنا لهذه الآفات والأمراض إلا بالإسلام، نظاما مطبقا يعالج مشاكل الحياة بكافة أشكالها.. سياسية واقتصادية واجتماعية ونظام حكم.. وليس ذلك لغير الإسلام ودولته...

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رائدة محمد

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع