- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
اتحاد المرأة السودانية لا يمثل المرأة في السودان ولا يلامس قضاياها
يُعدّ اتحاد المرأة السودانية من المنظمات التي سارعت بالاستجابة لمبادرة الرئيس البشير التي جاءت في خطابه الشهير (الوثبة)، داعياً فيه إلى الحوار ووحدة الصف حيث التقط الاتحاد المبادرة آنذاك مؤكداً مقدرة المرأة على تنفيذ المبادرة، وأكد عمر البشير دعم ومساندة الدولة لكافة برامج الاتحاد العام للمرأة السودانية، وذلك لدى مخاطبته للاحتفال الذي نظمه الاتحاد بقاعة الصداقة بمناسبة العيد الوطني للمرأة رقم 26 تحت شعار (عطاء - إنجاز- وفاء).
وحيّى الرئيس البشير المرأة السودانية ومجاهداتها على مر الزمان وقال إن دعم الدولة للمرأة يأتي من قناعتها بأن المرأة هي الأقدر على تحقيق أي تحول في المجتمع.
وامتدح دور المرأة في الانتخابات السابقة ودورها الحالي في الحوار الوطني والحوار المجتمعي مشددا على أن الدولة ستعمل على تمكين المرأة في الدستور القادم وتمكينها في كافة المؤسسات وأعلن البشير عن الشروع في إنشاء صندوق لدعم المرأة الريفية.
وقالت الأستاذة مريم جسور الأمين العام للاتحاد إن العيد يتزامن مع الجهود الحثيثة التي يبذلها الاتحاد من أجل سلام ووحدة السودان، وهو ينفذ خطته للحوار المجتمعي التي انتظمت كل ولايات السودان، بجانب الخطط والبرامج الخاصة الرامية لنشر الوعي بين نساء دارفور حول الاستفتاء في ولايات دارفور.
وخلال الاحتفال يقوم الاتحاد بتسليم السيد الرئيس ملخص مخرجات وثيقة المرأة حول الحوار المجتمعي التي اتفقت على الدور المهم للمرأة في إنجاح الحوار باعتبارها ركيزة الأمن والاستقرار للأسرة والمستفيد الرئيس من السلام الذي يقود للتنمية الشاملة، والتزام النساء بدعم ورعاية الحوار المجتمعي، وأن الحوار هو أفضل وسيلة للوصول إلى التراضي والتوافق حول القضايا الوطنية المطروحة، وعلى أهمية نبذ التفرقة والعصبية بكل أشكالها.
إن ما يسمى بالعمل النسوي في السودان تاريخيا كان متأثرا بما جرى في مصر وقد تم إنشاء الاتحاد النسوي السوداني في كانون الثاني/يناير 1952م.
وعملت في رئاسة الاتحاد قيادات شيوعية وعلمانية معروفة المرجعية الفكرية ما سهل في انضمام الاتحاد لما يسمى الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي بسرعة.
مما لا شك فيه أن المرأة المسلمة في السودان كان لها دور كبير في النضال ضد الاستعمار وقد شاركت بعد ذلك في كل الانتفاضات التي اجتاحت البلد وعند مجيء حكومة الإنقاذ تفننت في جذب انتباه المرأة لاستخدام طاقاتها النضالية للعمل ضمن منظومتها الفكرية فجاءت قوانين مفوضية العمل الإنساني وقانون تنظيم العمل الطوعي لتطويع أنشطة المرأة حسب رغبات الحكومة.
وبعد حين منحت تلك القوانين الحكومة سلطة الإشراف الرقابي الكامل على نشاطات المجتمع المدني بل منحتها سلطة الموافقة على التسجيل وتجديد التسجيل والحق في رفضه، وأكثر من ذلك فقد منحت حكومة الإنقاذ نفسها الحق في تحديد مبادئ وأهداف العمل الطوعي (الإنساني كما أسموه) والتي اعتبرتها السلطة من شروط شرعية العمل الأهلي. وضعت هذه القوانين مؤسسات الجهد الطوعي السوداني في بيت الطاعة السلطوي الذي كان أساس قيامها من البداية هو السعي للانعتاق منه فكان كمن فسر الماء بعد جهد كبير بالماء.
تزامن عمل اتحادات المرأة ومنهجيته مع ظهور وانتشار مفهوم المجتمع المدني العالمي واعتباره أحد الأدوات الضرورية للمحافظة على الديمقراطية التي تتفنن في تعزيز القيم النفعية بشكل فردي، بعيدا عما سيكون عليه المجتمع، ودون تحميل الدولة مسؤوليتها تجاه رعاية النساء وتوفير الحياة الكريمة لهن. وانتشرت شبكات الدفاع عن حقوق المرأة والمنظمات الحقوقية المختلفة بشكل متجاوز للجغرافيات والحدود القطرية استجابة لمنظومة القيم التي فرضتها الرأسمالية؛ خاصة ما يخص حقوق المرأة.
قد تكون المؤسسات النسوية ومنها اتحاد المرأة هي العنوان الأبرز ورأس الحربة في طرح ما يسمى بـ"قضايا المرأة"، إلا أن هذا الأمر متعدد الأطراف وممتد الجذور، وبينما أساس جذوره هي لدى الغرب الاستعماري، وفي المؤسسات الغربية والدولية والأمم المتحدة والمواثيق الدولية التي تحرك كل العمل النسوي فإن أطرافه تمتد في كثير من "البنى السياسية" والمؤسسات "الوطنية" في بلاد المسلمين، ولقد صار موضوع المرأة وحقوقها مكونا رئيسيا من الثقافة الرأسمالية "العلمانية" التي يراد تسويقها ونشرها من قبل الغرب وذلك من خلال منظومة كبيرة من "المثقفين" والأحزاب والمنظمات غير الحكومية والجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات الحقوقية والإعلامية وكذلك الحكومات ومؤسساتها، وقد صار الأمر مطروقا بشكل كبير حتى وجدت المساقات الجامعية بل والتخصصات المتعلقة بالمرأة وأبحاثها، وتكاد تتفق هذه المؤسسات بل تتطابق على طبيعة المفاهيم والأفكار المتعلقة بالمرأة والمراد ترويجها في اجتزاء يخالف واقع المشاكل التي تحدث للناس جميعا بغض النظر عن نوع الإنسان ذكراً كان أم أنثى، بل أصبح اتحاد المرأة منفذاً لسياسات الدولة بامتياز فاق تنفيذ المؤسسات الأخرى الرسمية.
مع أن النشاط الأساسي المقصود هو ترويج المفاهيم الغربية الرأسمالية التي تتعلق بالمرأة، إلا أن ذلك يغلف بما يطلقون عليه أنشطة "توعوية" لحقوق المرأة وقضاياها حيث يتم من خلالها بث مفاهيم الرأسمالية الخطرة، ويجري كل ذلك في أجواء مشبوهة لتثبيت أنظمة الحكم، وبالرغم من أن الكثير من الأعمال هي إغاثية الطابع إلا أن الناحية الإغاثية والصحية ليست هي المقصودة، اللهم إلا من كونها وسيلة ومدخلاً للتواصل مع النساء وتغطية لبث المفاهيم المسمومة، حيث لا توجد الأعمال الإغاثية أو الصحية إلا ويخالطها ورشات "التوعية" و"التثقيف" والتي هي في الحقيقة تخريب وإفساد وتغريب للمرأة وإبعاد لها عن قضاياها.
كل ذلك يؤكد غربة هذه المؤسسات في النشوء والنشاط. بل وتتعمد استحداث حالات معينة من المشاكل للظهور إعلاميا وذلك لتكوين ما يعرف بـ "قضايا المرأة" لتبنيها، مع محاولة التأكيد على أن ذلك يرجع بشكل أساسي إلى ما يسمونه القيم الذكورية للمجتمع التي تؤكد قوامة الرجل ومسؤوليته عن المرأة، وإلى الأعراف والتقاليد. والمدقق في أنشطة هذا الاتحاد يرى الكم الكبير من الدراسات والأبحاث التي تقوم على هذا الأساس.
إن هذه المؤسسات هي مراكز أجنبية الفكر والارتباط ولا تمس واقع مشاكل المرأة التي التهمت الحرب بيتها وأخذت زوجها وابنها وأخاها وضاقت بها الأرض بما رحبت من فقر يصنع على عين الغرب وحكومات التبعية المذلة، ولذلك ينبغي محاربتها لأنها أدوات مشبوهة بيد الاستعمار لتحقيق أغراضه ومنها التدخل المباشر، لإنجاح سياسات الدولة من انتخابات وحوار وغيرها التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها استراتيجيات غربية ملعونة لتمزيق البلد وإطالة أمد الحكم الفاشل المتخبط ونقله لمرحلة أخرى من قبول الناس بعد أن لفظوه لفساده وتخبطه وبُعده التام عن شريعة الرحمن الرحيم.
وينبغي محاربتها كذلك لأنها تقوم على أساس من الأفكار الرأسمالية المناقضة لوجهة نظر الإسلام حول المرأة، ذلك أن الإسلام يعالج المشاكل للإنسان بوصفه إنسانا سواء أكان ذكرا أم أنثى، وهو الذي انتظم علاقة المرأة والرجل ضمن نظام فريد كان للمرأة فيه المكانة الكريمة التي أنزلها إياها رب العالمين، وهي مناقضة كذلك للنظرة الصحيحة التي ترى أن سبب الواقع السيئ للمرأة هو نفسه سبب الواقع السيئ للرجل بل للأمة جمعاء وهو تحكم المبدأ الرأسمالي الديمقراطي في حياة المسلمين، وأن النهضة لا تكون إلا بتطبيق الإسلام كاملا والتخلص من تلك الرأسمالية البغيضة والديمقراطية العفنة وليس اتخاذها نموذجا لا للرجال ولا للنساء والسعي الجاد لتحكيم شريعة الله رب العباد في دولة تعز المرأة بمكانتها التي أنزلها إياها ربها العليم الخبير.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار – أم أواب / الخرطوم
3 تعليقات
-
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
-
جزاكم الله خيرا
-
بوركت يمناك أختاه