- الموافق
- 6 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
وحدكِ ستُخرجين الدّجاجة من الزّجاجة
وستتأكّدين أن لا خلاص لك وللإنسانيّة إلاّ... بالخلافة على منهاج النبوة
إنّ السبب فيما تشهده الأمّة الإسلامية من سفك للدّماء وهتك للأعراض ونهب للثروات هو فقدانها لحاميها وراعيها. فمنذ سقوط دولتها وتكالب دول الغرب عليها والمسلمون يعيشون حياة الذّلّ والهوان بعد العزّ والمنعة والقيادة.
تحوّلت خير أمّة أخرجت للناس إلى أمّة ذليلة عليلة تساق وتقاد لا حول لها ولا قوّة أمام نفوذ الغرب وأعوانه. صارت تعيش تحت وصايته وتمتثل لأوامره وما يخطط له بمساعدة أعوانه من الحكام الخونة.
وبعد أن كانت جسدا واحدا قويا فتيا يقاوم الأعداء ويصرعهم صارت مفاصلها مفككة وأراضيها مقسّمة وشعوبها مشتتة مفتّتة. وسهُل على عدوّها النيل منها والسيطرة عليها.
من المحزن أن تتملكّ أبناء الأمّة ثقافة العجز واليأس التي حاول الغرب زرعها وغرسها فيهم - إلا من هم على بصيرة بمخططاته ومؤامراته وهم على ثقة بوعد ربّهم - فتراهم ينظرون للتغيير على أنّه مستحيل أو على أفضل تقدير لم يئن أوانه.
ضعف فهم الإسلام وانحرفت الأمّة عن الفهم الصحيح له وتزعزعت المفاهيم الإسلامية وضعفت التّقوى في النّفوس وصار حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حكما غير معمول به بل مسكوتاً عنه وحتّى عن الكفر البواح... قضايا مصيرية فقدت أهمّيتها واعتبارها، ولم تقف الأمّة منها الموقف الصارم الذي يجعل منها قضية حياة أو موت.
تآمر الغرب على دولة الإسلام وساعده على إسقاطها العملاء، وكان لتخاذل المسلمين عن بذل دمائهم وأرواحهم رخيصة للدّفاع عنه دور كبير في نجاح ذلك، كما ساهم انصرافهم عن دفع هذا العدوان وهذه الحرب الصليبية التي أعلنت على الإسلام في تثبيت وغرز أنياب هؤلاء الأكلة المتوحّشين في جسم الأمّة لتصبح هذه الأمة العريقة مهددة بالفناء.
تعيش الأمة الإسلامية اليوم غربة عن أحكام ربّها وعن نظام الحكم الذي ارتضاه لها - الخلافة - مما أتاح الفرص وفتح الأبواب على مصاريعها لدخول المفاهيم الغربية التي عمل المستعمر الكافر على نشرها وتركيزها بكل وسائله وقضى بأن يكون نظامه الرأسمالي الذي يفصل الدّين عن الحياة هو النظام البديل لحياة الأمّة، وركّز حكّاما عملاء ينفّذونه، وأحدث جمعيات وأحزاباً لا همّ لها إلا العمل على نشر مفاهيمه وغرس ثقافته الرأسمالية، فتوسّعت الهوّة بين الإسلام والأمّة لتزيد غربتها وتحيا ذليلة مهانة في ذيل الأمم تتبع الغرب في كلّ ما يقوم به فتدخل جحر الضبّ وراءه.
سعي متواصل ودءوب من هذا العدوّ الأبدي للإسلام وأهله حتّى لا يعود نظاما يسيّر الحياة. يسخّر الحكام والعلماء والإعلاميين ويوظّفهم لذلك ولتمرير مخطّطاته حتّى تقبلها الشعوب من بني جلدتها وتقبل بالمفاهيم الغربية وهي تحسب أنّ فيها نهضتها وأنّها لا تتضارب مع مفاهيم الإسلام.
من أهم النقاط التي ركّز عليها الغرب جهوده هي المرأة التي يعلم جيّدا ما لها من دور فعّال ومهم في الأسرة وفي المجتمع وما لها من تأثير على حياة الرجل والأبناء، وكيف يمكنها أن تكوّن جيلا قويا فاعلا يخدم أمته كما يمكنها أن تعينه على إخراج جيل تائه مائع ضائع بين السبل كريشة تتقاذفها الرياح هنا وهناك لا تدري أين يكون محطّ ترحالها.
وعدوها ورسموا لها الآمال والأحلام وقالوا لها ستكونين ندا لندّ مع الرجل وستحظين بمكانة مرموقة وحياة هنيئة آمنة في ظلّ نظامنا هذا... زيّنوه لها وأظهروه في حلّة فارس الأحلام على الحصان الأبيض سينتشلها من الفقر والظلم والعنف يضمن لها الحياة الكريمة ولكن!!.. كانوا يبيعونها أوهاما وكانوا يعدونها أكاذيب وأباطيل لصرفها عن المشروع العظيم الذي فيه الضمان الحقيقي للحياة التي تنشدها. يسعون دون كلل ولا ملل لتشكيكها بمشروع دولة الخلافة والحكم بما أنزل الله... تشكيكها في أحكام ربّها وفي صلاحيتها لحل مشاكل حياتها، صوّروا هذه الأحكام على أنها منتوج انتهت صلاحية استهلاكه. عجبا لمن يقيس الكامل بالناقص؟!! عجبا لمن يزن أحكام الخالق القادر العالم بخزعبلات مخلوق ضعيف جاهل؟!!
إنّ ما تقدّمه منظّماتهم من إحصاءات وما يتباكى عليه دعاتهم من أرقام مفزعة لا زالت تطغى على إنجازاتهم وتلوّنها بلون السواد القاتم لدليل واضح على فشلهم في تحقيق وعودهم وعلى تنفيذ مشاريعهم وتصديق شعاراتهم.
قال لورنس جونسون من منظمة العمل الدولية "على مدى العقدين الأخيرين، لم يترجم تقدم المرأة في مجال التعليم وإنجازاتها إلى تحسينات في عالم العمل. وعلى الصعيد العالمي، فإن الفجوة بين الجنسين فيما يخص العمل قد انخفضت فقط بـ 0.6 في المائة بين عامي 1995 و 2015".
ونحن في هذا المقام لن نستعرض الأرقام ولا الإحصاءات، فقد استوفت الكثير من الكتابات والمقالات ذلك وتجلّى للقاصي والدّاني فشل هذه المنظّمات في تنفيذ وعودها وبان جليا كذبها وزيفها وخداعها وفاحت رائحة الخيانة والعمالة لنظام علماني فاسد يعمل جاهدا لتضييع الأمّة عن دينها وتغييبه بل واجتثاثه منها.
إنّنا هنا نريد أن نردّ عليهم مفاهيمهم الفاسدة نرمي بها إليهم ونلفظها ونقول لهم كفّوا عنّا سمومكم وإليكم عن المرأة المسلمة وعن الأمّة الإسلامية فلها مفاهيم عن الحياة ووجهة نظر تسيّرها، وهي ليست لقيطة تنتظر منكم نظاما يسيّر حياتها.
يقول عزّ وجلّ: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم﴾ فلن تتغيّر المفاهيم إن لم يسعَ المرء لتغييرها ولم يعمل على ذلك، واليوم مفاهيم عديدة فاسدة لا تمتّ للإسلام بصلة قد عششت في أذهان المسلمين وأخصّ بالذّكر المرأة المسلمة التي تستهدفها كل أسلحة الغرب، فإن لم تعملي على اجتثاثها فستبقين حبيسة لها رهينة لأصحابها يسيّرونك كما يشاؤون.
إنّك مسؤولة عن هذه المفاهيم وأنت من أدخلت الدجاجة في الزجاجة وإن لم تتبصّري وتعي الحلّ الصحيح فلن تتمكّني من إخراجها ووحدك ستفعلين، فمن يتمّكن من إدخال دجاجة في زجاجة وحده سيخرجها.
إنّ البحث عن الحلول لمشاكلك ولمشاكل الأمّة لن يكون خارج عقيدة هذه الأمّة ونظام حياتها، فالإسلام وحده الكفيل بتقديم العلاج الشافي ولا بدّ للإسلام من كيان تنفيذي ينفّذه ويحافظ عليه وينشره رحمة للعالمين. فمصير الأمة الإسلامية رهين عودة هذا الكيان والقضية قضيّة مصيرية... قضية حياة أو موت: فبهذا الكيان "الخلافة الراشدة على منهاج النبوة" وحده يعود الإسلام نظاما للحياة وبغيابه يبقى الإسلام غريبا بعيدا عنها.
يشوّه الغرب فكرة الخلافة وفكرة عودة الإسلام إلى الحياة ويستميت في غرسها لتكون مفهوما لا بدّ من التسليم به والإقرار بعجز نظام الإسلام عن حلّ مشاكل المرأة والإنسانية والإشادة بنظامه الرأسمالي فحسب. فلا تكوني معول هدم بين يديه وتقعي في حبائله كما تقع الفريسة بين خيوط العنكبوت.
لقد لمس الغرب تململ الأمّة الإسلامية وتوجّهها نحو المسار الصحيح لنهضتها، لمس تلهّفها لدولة الخلافة التي ستطبّق فيها أحكام ربّها فأسرع يبثّ ثقافة العجز فيها وينشر استحالة التغيير والتسليم بقوته وبجبروته فأشهر أسلحته وحارب الشعوب وأذاقها الويلات وجوّعها واستنزف ثرواتها حتّى تبقى تابعة له تنتظر منه المعونات والمساعدات ولا قدرة لها على ردّ إملاءاته وشروطه.
إنّ من تُغرس فيه ثقافة العجز والفشل لن ينجح في المواجهة ولن يحقق أهدافه، فقد وأد محاولته قبل أن تولد ومكّن عدوّه منه. وعليه لا بدّ لمن أراد التغيير الجذري أن يعمل له وهو على يقين بنجاح مسعاه لإعادة الرحمة التي أنزلها ربّنا لتخرج الناس من ضنك الحياة في ظلّ النظام العلماني الرأسمالي القائم الآن إلى حياة الهناء والأمن في ظلّ دولة الإسلام.
إنّ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ضرورة يفرضها الواقع وحقيقة يقرّها الشرع وهي مشروع وأمانة بين أيدي أبناء الأمة وعلى المرأة المسلمة أن تقوم بدورها وأن تعمل على أن تؤدّي هذه الأمانة وتكون قضيتها التي تحيا من أجلها وتطرد عنها كل المفاهيم المسمومة التي غرسها الغرب وأوهمها أنّ فيها خلاصها ونجاتها.
كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينة الصامت
6 تعليقات
-
جزاكم الله خيراً
-
جزاكم الله خيراً
-
إنّ من تُغرس فيه ثقافة العجز والفشل لن ينجح في المواجهة ولن يحقق أهدافه، فقد وأد محاولته قبل أن تولد ومكّن عدوّه منه. وعليه لا بدّ لمن أراد التغيير الجذري أن يعمل له وهو على يقين بنجاح مسعاه لإعادة الرحمة التي أنزلها ربّنا لتخرج الناس من ضنك الحياة في ظلّ النظام العلماني الرأسمالي القائم الآن إلى حياة الهناء والأمن في ظلّ دولة الإسلام.
-
جزاك الله خيرا وبارك جهودك أختاه
اللهم نصرك الذي وعدت..خلافة راشدة على منهاج النبوة -
الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فرضا بل هي تاج الفروض وامانة في اعناق كل المسلمين