السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في ظلِّ الرأسمالية ضاعت القيم

 

في ظل سلطان الإسلام كانت الأمة الإسلامية تتفيأ تحت راية رسول الله e فنعمت وعزّت وسادت فيها المثل والقيم العليا في المجتمع، سواء أكانت القيمة الروحية أو القيمة الخلقية أو القيمة الإنسانية أو القيمة المادية، فدين الله تعالى الإسلام قد وازن بين هذه القيم، بحيث لا تطغى قيمة على حساب أخرى، فكانت الأمة تعيش في رغدٍ من العيش ردحاً من الزمن حيث القيم العظيمة والمثل الرفيعة والسلوك الراقي والشخصية الإسلامية المتميزة، والعفة والطهارة والنقاء والصفاء، فكانت الأمة الإسلامية بحق خير أمة أُخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، فكانت الأمة مهابة الجانب يحسب لها ألف حساب وحُقّ لها ذلك حيث كانت تستظل تحت دولة الخلافة حامية الدين والعِرض والبلاد والمقدسات، فالخليفة كان يجيش الجيوش من أجل امرأة، فالمرأة المسلمة عِرض يجب أن يصان تهون الأرواح والمهج من أجل حمايتها والدفاع عنها، فمَن قتل دون عرضه فهو شهيد، والرسول eيقول: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ». والمثل والقيم جاءت من أجل صيانة المجتمع وضع الإسلام لها أحكاماً شرعية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ولا تتطور، فالمحافظة على نفس الإنسان، وعلى نوع الإنسان، وعلى العقل، وعلى الكرامة الإنسانية، وعلى الدين، وعلى الملكية الفردية، وعلى الأمن، وعلى الدولة، أهداف عليا لصيانة المجتمع، ووضع الإسلام للمحافظة عليها عقوبات صارمة لضمان نقاء المجتمع وسلامته لأنها أوامر ونواه من الله، لا لأنها تحقق قيماً مادية.

 

وما إن هدم الكافر المستعمر دولة الخلافة، وغابت شمسها، وأقصي الإسلام عن سدة الحكم، حتى جاء النظام الرأسمالي ليسدّ محلّ دولة الخلافة، وأخذ الكافر المستعمر يطبق الرأسمالية على المسلمين التي تخالف عقيدتهم ومفاهيمهم عن الحياة، ومن جرّاء ذلك ساد الظلم والفساد والبغي والعدوان، وساد الهرج والمرج، وخيم على الناس البؤس والحرمان والشقاء، وانتشر الجوع والفقر المدقع، وغاب العدل والأمن والأمان والطمأنينة، وانتشرت الفاحشة والرذيلة...

 

وفي ظل الرأسمالية ضاعت المثل والأخلاق الحميدة والقيم النبيلة سوى القيمة المادية، فالرأسمالية تقوم على المنفعة والمادة وتجعلها مقياس الأعمال في الحياة، ولا تقيم وزناً لباقي القيم والمثل، ولا تراعي أي اهتمام للإنسان وشخصيته وحقوقه. ولا أدلُّ على ذلك مما حصل من احتلال أفغانستان، والعراق بلاد الرافدين، من أمريكا الكافرة الحاقدة التي أهلكت الحرث والنسل ونهبت الخيرات هناك، وما يحصل في بلاد الشام واليمن وليبيا وغيرها من بلاد المسلمين، من قتل وتدمير للشجر والحجر ولجوء ونزوح، ونهب وسرقة للممتلكات والخيرات على يد أمريكا وروسيا والغرب عموماً خير دليل على ذلك.

 

في ظل الرأسمالية شاعت الميوعة والفاحشة وغاب الاحترام وفقدت العفة، وأصبحت حياة الناس حياة بؤس وحرمان وذل وهوان وشقاء، وستظل البشرية عموماً والأمة الإسلامية خصوصاً تعيش ضنك العيش وبؤس الحياة، وفاقة وحرماناً وتيهاً وتشرذماً وضياعاً للقيم والمثل ما دامت تعيش وتحيا وتتفيأ تحت سقف الرأسمالية العفنة الجشعة المعادية للإنسانية.

 

فالأمة الإسلامية إذا أرادت أن تحيا حياة العزة والنصر والتمكين، ورغد العيش، وطهارة ونقاء النفس، وثوب العفة، وتميز في السلوك والقيم الرفيعة والأخلاق الحميدة، فما عليها إلا أن تؤوب إلى رمز عزتها وعنفوان قوتها وكرامتها ومجدها ألا وهو دين ربها الذي ارتضاه لها، ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيناً﴾، ولله درّ فاروق الأمة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال مقولته المشهورة "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله"، والله سبحانه يقول: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾. [سورة فاطر: 10]

 

ولن يكون ذلك إلّا بالعمل الجاد والمخلص مع العاملين لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وحينئذٍ تسود القيم النبيلة والمثل العليا الرفيعة، ويصان المجتمع من كل رذيلة، وتنعم البشرية بالأمن والأمان.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ خالد عبد الكريم حسن – فلسطين

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع