- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
"قوى الحرية والتغيير" تغييرها على طريق العلمانية
والمطلوب شرعاً التغيير على منهاج السنة النبوية
تصف الوثيقة الدستورية "جمهورية" السودان بأنها "دولة مستقلة ذات سيادة، ديمقراطية، برلمانية، تعددية، لا مركزية، تقوم فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الثقافة أو الجنس أو اللون أو النوع أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرأي السياسي أو الإعاقة أو الانتماء الجهوي أو غيرها من الأسباب"؛ كلمات مليئة بمفاهيم الكفر وبعيدة كل البُعد عن مفاهيم الإسلام، فما هي مسؤولية كل مسلم حيال ما يجري في السودان من تطبيق العلمانية الصريحة؟! وهل يجوز أن يقبل المسلم بالأمر الواقع الفاسد أم يجب عليه أن يطالب بتطبيق الشرع؟!
لقد فرض الله تعالى على المسلمين تحمُّل المسؤولية تجاه هذا الواقع الفاسد! فهذه سنة سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام: فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي ﷺ، قال: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعاً» (رواه البخاري).
ففي هذا الحديث يرسم سيدنا رسول الله ﷺ صورة من صور المجتمع المتميز بعقيدته ونظامه والذي يعيش بين شعوب ودول مختلفة عنه في عقائدها وأفكارها... وأنه أشبه بسفينة في البحر معرضة للأخطار والعواصف فلجأ ركاب السفينة (وهم المجتمع) إلى القرعة لتقاسم السفينة، فكان للقائمين على حدود الله الملتزمين بأوامره ونواهيه أعلى السفينة يقودونها عبر المخاطر المحدقة بها إلى بر الأمان، وكان للواقعين في حدود الله المخالفين لأحكامه والمنتهكين لحرماته أسفل السفينة يعيشون لأنفسهم ولإشباع غرائزهم وحاجاتهم على هواهم غير مكترثين بمصير السفينة ولا بسلامة مجتمعها، وكانوا كلما مروا على من فوقهم للتزود بالماء فيتأذى الأعلون من تصرفهم هذا فثقل ذلك على من في الطابق السفلي ولم يفكروا بالتفاهم مع من فوقهم فيقولون إنما نخرق في نصيبنا! هؤلاء مثل دعاة الحرية يفعلون ما يشاؤون دون قيد أو نظام، وفي هذا الجو المفعم بالخلاف يأتي العلاج الناجع والبلسم الشافي من العليم الحكيم، من خالق هؤلاء البشر المتفاوتين في تفكيرهم والمتباينين في مصالحهم، يأتي مخاطباً القائمين على حدود الله على لسان النبي ﷺ «فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعاً».
فالمجتمع الإسلامي كالجسد الواحد يعمل كل عضو لصالح هذا الجسد، وإن أصابه مرض تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فلا بد للحكام أن يكونوا قائمين على حدود الله يرعون شؤون الأمة بأحكام الشرع، وعلى المحكومين أن يقوموا بواجباتهم الشرعية في محاسبة الحكام على تقصيرهم؛ فالأمة الإسلامية تتقاذفها أمواج الحقد والعداوة للإسلام والتآمر عليها، فالحكام يضللونها سياسياً ويتآمرون عليها فكرياً باسم الوطنية والديمقراطية والحرية، فجعلوا من الذل نصراً، ومن الاحتكام للقوانين الوضعية والقرارات الأممية دستوراً، كما يريد حمدوك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية العلمانية وحاضنته السياسية (قوى الحرية والتغيير) ومعهم المجلس العسكري من بعثة الأمم المتحدة "يوناميد" التدخل في شؤون البلاد وإدارتها ووضع السودان تحت الوصاية الدولية، مخالفين بذلك الوثيقة الدستورية التي وضعوها من الأساس، فهذه البعثة لها صلاحيات واسعة؛ من تعداد سكاني وتحضير للانتخابات وصياغة دستور؛ أي أنها تلغي دور الدولة بالكامل! وهي ليست بعثة للمساعدة، بل هي استعمار بوجه جديد مما يثبت أن معنى التغيير عند هذه الحكومة هو تنفيذ ما يطلبه الغرب الكافر المستعمر.
لقد جعلت الحكومة في السودان، كما هو الوضع في سائر بلاد المسلمين اليوم، جعلت من العلمانية والكفر منهاجاً للمسلمين في الحكم وفي الاقتصاد وفي مناهج التعليم... لإبعاد أبناء الأمة عن دينهم وتمييع مجتمعهم، ويريدون أن يزعزعوا العقيدة في نفوس المسلمين وإقناعهم بعدم صلاحية الإسلام للعصر؛ فالحرب على الإسلام هي حرب عالمية تسير على نمط واحد والعدو واحد، فلا بد من التشمير عن ساعد الجد والعمل مع الواعين المخلصين القائمين على حدود الله لردع الواقعين في حدود الله المنتهكين لحرماته والتغيير عليهم بالطريقة الشرعية التي بينها الله جل وعلا حتى تكون النجاة للجميع، فطريق النجاة واحد ومستقيم وهو العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإسقاط رموز العلمانية وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر (أم منيب) – ولاية السودان