- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
آيا صوفيا بشرى خير في زمن الباطل
عدت بخيالي أعواماً وعقوداً بل قروناً عديدة ووصلت إلى الخلافة العثمانية وزمن السلطان مُحمَّد خان الثاني بن مُراد بن مُحمَّد، الذي عُرف اختصاراً بمحمد الثاني ثم لقبه الأشهر محمد الفاتح بعد أن تحققت بشارة رسول الله ﷺ على يديه في حديثه: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ»...
نعم.. عاد خيالي إلى هذا الزمن الذهبي وقت فتح القسطنطينية، الأمل المنشود للفاتحين المسلمين، عاصمة البيزنطيِّين.. حلم الأجداد وأمل الأجيال، والذي كان من أعظم الأحداث والفتوحات في تاريخ أمة الإسلام، ونقطة تحول في تاريخ العالم...
وتخيلت أنني أراه وهو يدخل آيا صوفيا أكبر كنيسة في العالم آنذاك، والتي تمثل القيادة الأولى ورأس الهرم الأرثوذوكسي في العالم وموازية ومساوية للفاتيكان في روما هذه الأيام...
يدخلها فاتحا منتصراً بعد حصار طويل ومعركة شاقة، لكن أيضاً يدخلها رحيماً عطوفاً؛ فقد سجد شكرا لله، ثم طمأن النصارى من الرهبان والناس على أنفسهم وأموالهم وحياتهم وأنه لا خوف عليهم، ثم اشتراها وحوّلها إلى مسجد ودفع الثمن كاملا من حرّ ماله للرهبان الأرثوذكس، ليجعله والأراضي المحيطة به وما عليها من مبانٍ وقفاً لصالح المسلمين كافة...
ثم قفزت بخيالي عقوداً عديدة إلى الأمام وصولاً لفترة من أقسى الأوقات في تاريخنا الإسلامي حين هدمت دولة الخلافة العثمانية في بداية القرن العشرين الميلادي؛ عام 1342 للهجرة، 1924 ميلادي...
فترة حزينة من تاريخنا.. ففي عام 1934م حوّل الهالك مصطفى كمال آيا صوفيا وقف السلطان محمد الفاتح إلى متحف يزوره الجميع بلا صلاة ولا أذان!
ثم عدت إلى أرض الواقع وإلى أيامنا هذه؛ حيث أُعيد آيا صوفيا ليكون مسجداً تُقام فيه الصلوات ويُرفع الأذان صادحاً عالياً.. (أعيد ولم يتم تحويله)، ونسمع الأصوات الفرحة والتكبيرات المهلّلة الصادحة في كل مكان في تركيا وخارجها في الشرق والغرب... وكذلك الأصوات الناعقة بعدم جواز ذلك متناسين أنه بهذا رجع للأصل الذي أوقفه عليه محمد الفاتح بعد شرائه، مع أنه وقتها لم يكن بحاجة لذلك.. لأنه وفقا للأعراف الدولية في ذلك الزمن وما تلاه فإن البلاد التي تفتح قسراً وعنوة لها طريقة معينة في التعامل تختلف عن البلاد التي تفتح صلحاً وسلماً... فيمكنه تحويل الكنائس إلى مساجد بلا لوم أو انتقاد.
وتبعاً لهذا أقول لمن يحسب هذا العمل لمحمد الفاتح خطأً مقارنة بموقف عمر بن الخطاب عندما فتح القدس إنه لا ينفع أن نقارن بين الموقفين؛ فعمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح القدس صلحاً بعد أن حاصرها جيش المسلمين، والناس داخل القدس فتحوا له الأبواب وأعطوه المفاتيح واتفقوا فيما بينهم، وكانت بنود هذه الاتفاقية تقضي ألا يمس المسلمون كنائس النصارى في القدس، أما البلاد التي تفتح قسراً فهي ملك للمسلمين ولا توجد اتفاقيات، ومع حقه في ذلك إلا أنه اشتراها، ثم حولها لمسجد.
فلتسكت أصوات النفاق والباطل بعدم جواز ذلك، وبعدم جواز إرجاعه الآن ليكون هذا المسجد.
وبإذن الله يتحقق قريباً الجزء الثاني من بشرى رسولنا ﷺ بفتح روما، كما ورد في ما رواه الحاكم في المستدرك وغيره عن عبد الله بن عمرو قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا، قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا بَلْ مَدِينَةُ هِرَقْلَ أَوَّلًا، يَعْنِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ» وما ذلك على الله بعزيز..
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي (أم صهيب)
وسائط
1 تعليق
-
بوركت يمناك أختنا الفاضلة وفتح عليك وبك