الإثنين، 28 صَفر 1446هـ| 2024/09/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مفهوم السعادة

 

إن من الأمور التي أشغلت الإنسان على مر العصور هي البحث عن السعادة فظنها العقل البشري القاصر الرفاهية وإعطاء الجسد متعه. وأدى هذا المفهوم إلى التنافس والتصارع على الدنيا فعاشت الإنسانية بشقاء من أجل أن تستمتع الثلة القليلة من البشرية، وحتى هذه الثلة انتكست لأنها عاشتها في صحتها وغناها وغابت عنها في سقمها وفقرها وكيف لا وواقع الإنسان أنه ينتكس بالخلق؟ فبعد الشباب والقوة تأتي الشيخوخة والضعف. قال تعالى: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾.

 

والسعادة التي نبحث عنها هي الطمأنينة الدائمة وفي جميع الأحوال؛ الغنى والفقر، الصحة والمرض، المنح والمحن، السراء والضراء... وهذه لا توجد إلا عند المؤمن الذي يطمع في ثواب الله ويخشى عقابه، أي أن السعادة سببها الإيمان، فقد جعل الإسلام مفهوما للسعادة وهو رضوان الله، فهي راحة النفس الدائمة ولا يؤثر فيها أي شكل من أشكال الحياة المادية، وهي بمقدور أي إنسان ولا تحتاج إلى أكثر من إعمال نعمة العقل ليهتدي إلى الإله الحق فيمتثل شرعه طمعا برضوانه، وقد صغّر اللهُ في عين المؤمن كل شيء مادي قد يظنه السعادة، قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.

 

هذه هي السعادة التي عاشها المسلمون على مر العصور؛ سعادة في رضا الله وطمأنينة في ذكره، مصداقا لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، قبل أن يتعرضوا للغزو الفكري من الغرب الكافر ويعود بهم إلى ما قبل البعثة النبوية الشريفة، ويعطيهم مفهوما للسعادة غريبا عن عقيدتهم وفكرهم وهو إعطاء الجسد متعه وإطلاق الغرائز في إشباعها، فتحول المجتمع من مجتمع إنساني إلى مجتمع الحيوانية الذي تسوده شريعة الغاب؛ القوي يأكل الضعيف وتعمّه الأنانية وحب الذات، وتحقيق الرفاهية الشخصية ولو على حساب فساد وتعاسة المجتمع.

 

وخلاصة القول إن السعادة هي الطمأنينة الدائمة وهي ليست ماديات يحصل عليها بعض الناس والآخر لا، بل هي قضية فكرية وبمقدور كل إنسان أن ينالها إذا أحسن استخدام العقل الذي وهبه الله له وفضله به على سائر مخلوقاته فاهتدى إلى خالقه وآمن به وامتثل أوامره ونواهيه، نعم هذه السعادة التي قال عنها إبراهيم بن أدهم رحمه الله: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف"، وهي التي وعدها الله المؤمنين بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾.

 

اللهم اجعلنا من سعداء الدنيا والآخرة يا رب العالمين.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مازن الدباغ – ولاية العراق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع