الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

محكمة الجنائية الدولية ذراع من أذرع أوروبا لتنفيذ أهدافها السياسية

 

وصلت المدعي العام للمحكمة الجنائية فاتو بنسودا والوفد المرافق لها إلى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وأكدت إيمانها بأن العدالة ستتحقق حال مثول المتهمين أمام المحكمة وتأتي هذه الزيارة ضمن جولة وفد المحكمة لإقليم دارفور والتي بدأت بمدينة الفاشر، وكان في استقبالها في مطار نيالا وفد.

 

وقالت بنسودا إن المحكمة ظلت تتطلع لهذه الزيارة منذ سبعة عشر عاما، وأضافت بأن هذه الزيارة الهدف منها التأكيد على وصول محققي الادعاء في وقت قريب للتحقيق في كل قضايا انتهاك حقوق الإنسان ولمناقشة الحكومة الحالية في تنفيذ أوامر القبض التي لم تنفذ بعد. (سونا، 2021/5/31)، ومن جهة أخرى كشف مسؤول سوداني رفيع، عن أن السلطات السودانية وافقت على تسليم قياديين إخوانيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأشار المسؤول السوداني لـ"العين الإخبارية" - الذي فضل عدم ذكر اسمه - إلى أن الحكومة وافقت على تسليم أحمد هارون مساعد الرئيس المعزول عمر البشير، والإخواني جعفر عبد الحكم للمحكمة الجنائية الدولية.

 

يأتي ذلك بعد أيام من مطالبة مدعية الجنائية الدولية فاتو بنسودا، لحكومة الخرطوم بضرورة تسليمها وزير الداخلية السابق أحمد هارون، لارتباطه بملف قضية زعيم مليشيا علي كوشيب الذي تجري محاكمته في لاهاي حالياً، وقال المسؤول السوداني، إن التحقيقات مع المتهم علي كوشيب، أظهرت أيضاً أدلة كافية ضد الإخواني جعفر عبد الحكم بالاشتراك معه في جرائم حرب ضد الإنسانية في دارفور. وأضاف أن السلطات ألقت القبض على جعفر عبد الحكم في أحراش دارفور قبل يومين، وشرعت في نقله إلى الخرطوم تمهيدا لترحيله إلى لاهاي بمعية أحمد هارون لمحاكمتهما. واهمٌ كل الوهم من يظن مجرد ظن أن مثل هذه الهيئات الكفرية يمكن أن يجد فيها عدالة، فإن المحاكم والهيئات الدولية المنبثقة عن هيئة الأمم، أو اللجان المتفرعة عنها أو المستندة لقوانينها هي أدوات بيد المستعمرين والمتنفذين في الساحة الدولية لتكريس النظام العالمي الذي صممته للحفاظ على مصالحها واستعمارها واستعبادها للشعوب ونهب ثرواتها، ووضعت لذلك القوانين وأدوات التنفيذ والمحاكم الدولية، سواء أكانت محكمة العدل أم الجنائية الدولية لتكون حارسة على ذلك النظام العالمي الرأسمالي الاستعماري التصميم والفكرة.

 

وهي تتعامل مع مجرمي الحرب على حسب أوامر أسيادها فتغض طرفها عمن تشاء وتدين من تشاء، ومن جهة ثانية هي ليست لها الولاية على كل الدول بل على دول معينة حسب أوامر أسيادهم، وتصريح نتنياهو خير دليل على ذلك. فقد أوردت ص.ش/أ.ح (أ ف ب، رويترز) تصريحاً على لسان نتنياهو في 2021/4/8 قال فيه "(إسرائيل) لن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية"، وسبق أن اعتبر نتنياهو قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق حول "جرائم حرب" في الأراضي الفلسطينية "يعكس جوهر معاداة السامية" لكن البيان الصادر عنه الآن هو الأول الذي تعلن فيه دولة يهود صراحة أنها لن تتعاون مع المحكمة، فقد أعلنت رسميا أنها لن تتعاون مع تحقيق تجريه المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب قد تكون ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الخميس الثامن من نيسان/أبريل 2021 إن دولته ستبلغ المحكمة الجنائية الدولية بأنها لا تعترف بسلطة المحكمة، التي تعتزم التحقيق في جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية. وقال نتنياهو بعد اجتماع مع كبار الوزراء والمسؤولين الحكوميين قبيل انقضاء مهلة للرد على خطاب إخطار من المحكمة إن دولته لن تتعاون مع المحكمة لكنها سترسل ردا. وأضاف في بيان "سيتم توضيح أن (إسرائيل) دولة لديها سيادة قانون وتعرف كيف تحقق بنفسها". وسيقول الرد أيضا إنها "ترفض رفضا تاما" التأكيد على أنها كانت ترتكب أي جرائم حرب.

 

ودولة يهود ليست طرفا في نظام روما الأساسي الذي قامت عليه المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فهي ليست طرفا في المحكمة. وهذه دلالة واضحة على سيادة هذه المحكمة المنقوصة وهي هيئة سياسية من الدرجة الأولى، وإلا فأين هي هذه المحكمة الجنائية من جرائم أمريكا التي أباد حكامها أهل العراق وأفغانستان، أمريكا التي لها اليد الطولى في كل جريمة على وجه الأرض؟ فهل خضع أحد حكامها إلى عقوبة المحكمة الجنائية؟ وأين هي من روسيا كذلك التي تمارس وحشية منقطعة النظير في سوريا واستعمالها الأسلحة البيولوجية المحرمة دوليا؟ وأين هي من جرائم السيسي فرعون مصر الذي قتل المسلمين ركعا وسجدا في ميدان التحرير ورابعة العدوية؟ وأين هي من الإعدامات التي ينفذها كيف شاء ومتى شاء بدون حسيب ولا رقيب؟ فلا عدل عند مثل هذه المحاكم الكفرية ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف بمحكمة ينشد عندها العدل وهي تقوم على أساس النظام الرأسمالي الظالم؟!

 

ونقول للذين يسارعون إلى التحاكم إلى هذه المحكمة التي تقوم على أساس الكفر قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾ فلا عدل إلا في نظام الإسلام نظام رب العالمين الذي سمى نفسه العدل. وحقيقة العدل في الإسلام، أنّه ميزان الله على الأرض، به يُؤْخَذُ للضعيف حَقُّه، ويُنْصَفُ المظلومُ ممن ظلمه، ويُمَكَّن صاحب الحقِّ من الوصول إلى حَقِّه من أقرب الطرق وأيسرها، وهو واحد من القيم التي تنبثق من عقيدة الإسلام في مجتمعه؛ فلجميع الناس في مجتمع الإسلام على اختلاف أديانهم ومللهم ومذاهبهم وأفكارهم حَقُّ العدالة وحقُّ الاطمئنان إليها حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط، أي العدل بين الناس هو هدفاً من أهداف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾، قال ابن كثير: "لا يحملنَّكم بُغْض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كُلِّ أَحَدٍ؛ صديقاً كان أو عدواً".

 

فالنّاس جميعاً في نظر القضاء الإسلامي سواسية، الحاكم والمحكوم، الرجال والنساء، العرب والعجم، الأبيض والأسود، المسلم والنصراني واليهودي، فلقد ألغى الإسلام الفوارق بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو النسب أو الطبقة، أو الدين، أو المذهب، كلهم أمام القضاء سواء، فالعدل لا يتجزأ، ولا يوجد أحد فوق المساءلة، أو فوق القضاء مهما علت مرتبته، وجاءت ممارسة الفاروق لهذا المبدأ خير شاهد، ففي موطأ الإمام مالك بسنده عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ، فَقَضَى لَهُ"، كما نجده طبّق بنفسه حد القذف على صحابي، ولم يعفه من تطبيق الحد عليه لكونه صحابياً، وعندما جاءه مال فجعل يقسمه بين الناس، فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبي وقاص يزاحم الناس، حتى خلص إليه، فعلاه بالدّرّة وقال: "إنّك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض، فأحببت أن أعلمك أنّ سلطان الله لن يهابك". فلم يؤثره على الآخرين باعتباره أحد العشرة المبشرين بالجنة، وفاتح العراق ومدائن كسرى.

 

وإذا استعرضنا تاريخ الحكام المسلمين لوجدنا حياتهم مملوءة بالأمثلة الناضرة وضرب القدوة الفذة في تحقيق العدالة، قال أبو بكر في خطبته الأولى التي تعد بحق بمثابة دستور حكمه: "ولقد وليت عليكم ولست بخيركم.. الضعيف فيكم قوى عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه". وجاء رسول كسرى ورأى عمر بن الخطاب أمامه يحكي أروع الطمأنينة للحاكم العادل، وقال قولته الخالدة: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر". وتاريخ عمر كله سجل كامل للعدالة مع نفسه وفي بيته وفي مجتمع المسلمين، والفاروق الثاني، عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه... وهكذا كان ولاة المسلمين العدل عندهم أساس الحكم، لا فرق بين حاكم ومحكوم، وبذلك كانت دفة الأمور العامة في الدولة تأخذ طريقها دوما نحو شاطئ الاستقرار والطمأنينة.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع