الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

القيم الإسلامية وليست اللقاحات هي أقوى دفاع ضد فيروس جدري القرود

 

(مترجمة)

 

في 23 تموز/يوليو 2022، أعلنت منظمة الصحة العالمية أخيرا أن تفشي جدري القرود يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا. وقالت على لسان رئيسها: "لدينا تفش انتشر في جميع أنحاء العالم بسرعة، من خلال طرق جديدة لانتقال العدوى، والتي لا نعرف عنها سوى القليل جدا. ولكل هذه الأسباب، قررت أن التفشي العالمي لجدري القرود يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا".

 

يسبب فيروس جدري القرود المرض في العديد من أنواع الحيوانات، وأول حالة انتقال تم تسجيلها من الحيوانات إلى البشر كانت في عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومنذ ذلك الحين، اقتصر جدري القرود إلى حد كبير على أفريقيا مع وجود متغيرين معروفين للفيروس: النوع الأكثر فتكا وهو من وسط أفريقيا (بمعدل وفيات، 10.6٪) والنوع الأقل شدة وهو من غرب أفريقيا (بمعدل وفيات، 3.6٪). وأول حالة ظهرت خارج أفريقيا كانت في عام 2003 في أمريكا، والتي تبين أنها بدأت في حيوانات أليفة مستوردة من غانا ثم انتقلت إلى حيوانات أليفة أخرى ومنها إلى البشر. ومنذ ذلك الحين، شوهدت العدوى بين الحين والآخر بين المسافرين العائدين من أفريقيا، ولكن انتقال العدوى منهم إلى أشخاص آخرين كان محدودا للغاية.

 

ولكن هذا العام، يوجد شيء جديد وغريب يحدث. حيث إن هنالك انتقالاً مستمراً لم يسبق له مثيل من شخص لآخر منذ الإعلان عن أول حالة في لندن في 7 أيار/مايو.

 

ومنذ ذلك الحين، أصاب فيروس جدري القرود 17,852 شخصا من 69 بلدا خارج أفريقيا، و243 شخصا من 6 بلدان داخل أفريقيا (منذ بداية العام) وفقا لبيانات من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية (CDC) نشرت في 25 تموز/يوليو. خارج أفريقيا: تمثل دول الاتحاد الأوروبي ثلثي الحالات، في حين إن الدولة التي لديها أكبر عدد من الحالات هي الولايات المتحدة مع 3846 حالة منتشرة على 47 ولاية. ولوضع الأمر في منظوره الصحيح، فلنأخذ بعين الاعتبار الوضع في أفريقيا على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث الفيروس متوطن والعدوى يحركها الاتصال البشري الطبيعي بالحيوانات المصابة: سجلت أفريقيا 7,376 حالة في عام 2020، و3,050 حالة في عام 2021 و2,030 حالة حتى الآن هذا العام. كانت أعداد الحالات ثابتة في أفريقيا على مدى السنتين الماضيتين، ولكنها ترتفع بشكل متسارع خارج أفريقيا.

 

إن البلدان التي فيها معظم الحالات هي تلك التي تقع في بؤرة "التسامح مع الانحراف الجنسي" المدفوع أيديولوجياً. حيث أظهر تقرير لمركز بيو للأبحاث في 25 حزيران/يونيو 2020 أن "الرأي العام حول قبول المثلية الجنسية في المجتمع لا يزال منقسما بشكل حاد حسب البلد والمنطقة والتنمية الاقتصادية"، مع كون قبول المثلية في عام 2019 أعلى بكثير في الغرب من أي مكان آخر. وبالنسبة للبلدان الخمسة الأولى في العالم التي تم تسجيل حالات جدري القرود فيها، كانت نسبة القبول هي الأعلى؛ 89٪ في إسبانيا التي ليس من قبيل المصادفة أنها الدولة الأوروبية التي لديها الآن أكبر عدد من الإصابات، تليها 86٪ في كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا التي تحتل المرتبة الثانية والثالثة والرابعة في أوروبا من حيث الإصابات. وفي الولايات المتحدة، 72٪ قالوا إن المثلية الجنسية يجب أن تكون مقبولة من المجتمع، مقارنة بـ37٪ في الهند و7٪ في نيجيريا. كما يوضح الرسم البياني أدناه العلاقة بين قبول المثلية الجنسية وعدد الحالات. وقد تم إعداده من خلال أخذ البيانات من البلدان الخمسة الأولى والدول الأوروبية الثلاث ذات المواقف الأقل لبرالية بكثير تجاه المثلية الجنسية ومن ثم حساب الإصابات لكل مليون من السكان باستخدام بيانات السكان الحالية للأمم المتحدة.

 

الرسم البياني للمقالة

 

 

من الواضح أن هناك ثمنا سيدفع مقابل الحض على ليبرالية المواقف تجاه المثلية الجنسية. فقد أظهرت دراسة أجريت على 528 حالة من 16 دولة تم نشرها في مجلة نيو إنجلاند الطبية بأن 98٪ من الحالات المسجلة خارج أفريقيا حدثت لدى رجال يعترفون بممارسة الجنس مع رجال آخرين، والذين أبلغوا عن معدل لممارسة الجنس مع 5 رجال آخرين خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وبشكل منفصل، أظهرت بيانات المملكة المتحدة الحكومية بأن 31٪ من المصابين كان لديهم ما لا يقل عن 10 شركاء جنسيين في الأشهر الثلاثة الماضية! وليس من المستغرب بأن 41٪ من المصابين بجدري القرود، كانوا أيضا بفيروس الإيدز (فيروس نقص المناعة البشرية).

 

إنه لا يتم التسامح مع المثلية الجنسية والعديد من الانحرافات الأخرى فحسب، حيث كانت ذات يوم مستهجنة في الغرب، ولكنه يتم تشجيعها من جانب المجتمعات الديمقراطية من خلال التشريعات ووسائل الإعلام والفنون. يعتبر المثليون جنسيا الآن "مجتمع أقلية" والذي، وبالتماشي مع الفكر التعددي الغربي، يحتاجون إلى أن يُعطوْا صوتا جنبا إلى جنب مع المتحولين جنسيا وغيرهم ممن يتبنون ممارسات منحرفة. وعلى مراحل، انتقلت المثلية الجنسية من كونها جريمة، إلى كونها مسموحا بها، إلى مقبولة اجتماعيا، ثم إلى كونها عصرية مع شخصيات مثلية يتم تقديمها وبشكل متزايد على أنها قدوة. أظهر بحث بيو أنه قبل عشرين عاما، كان 42٪ من الأمريكيين يعتقدون بأن المثلية الجنسية "لا" ينبغي أن يقبلها المجتمع، لكن هذا الرفض انخفض إلى نصف هذا المستوى مع معارضة 21٪ فقط من الأمريكيين للقبول المجتمعي للمثلية الجنسية في عام 2019. هذه المواقف المتغيرة، وبينما كانت جماعات الضغط الليبرالية تكتسب القوة، قابلها تمرير لتشريعات. ففي عام 2004، أصدرت إحدى الولايات الأمريكية تشريعا يسمح بزواج المثليين، وفي عام 2015 أصبح زواج المثليين قانونيا لجميع الولايات الأمريكية البالغ عددها 50 ولاية. وكانت هولندا أول دولة في العالم تشرع زواج المثليين في عام 2001، والآن أصبح زواج المثليين قانونيا في 32 دولة.

 

لقد حذر النبي محمد ﷺ من عواقب السماح للفجور بأن ينتشر. وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: التفت إلينا رسول الله ﷺ وقال: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ؛» وكانت أولى هذه الابتلاءات: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا».

 

يمكن لهذا الفيروس أن يصبح وباء عالميا مثل كوفيد-19، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بمدى خطورة ذلك. وعلى الرغم من أنه لم يتم الإبلاغ عن أية وفيات حتى الآن في أوروبا أو أمريكا، إلا أن جدري القرود يمكن أن يصبح أكثر خطورة. فالفيروسات تتحور بسرعة ويمكن أن تصبح أكثر تكيفا للانتشار فيما بين مضيف جديد (أي البشر)، وهناك أدلة على أننا بتنا نشهد ذلك بالفعل مع 6 إلى 12 ضعفاً مما كان متوقعا للطفرات التي تم اكتشافها في جينات الفيروسات من هذا التفشي. ويمكن لفيروسين متشابهين أيضا إعادة الاندماج بعضهما ببعض لتوليد فيروس جديد بأسوأ خصائص كليهما. وإن المتحور المنتشر حول العالم الآن هو المتحور الأقل حدة القادم من غرب أفريقيا. ومع ذلك، ومع زيادة عدد الإصابات، تزداد أيضا فرصة إصابة شخص ما وفي الوقت نفسه بمتغير وسط أفريقيا الأكثر حدة، ما يجعل من الممكن حدوث "حدث إعادة تركيب" يؤدي إلى ظهور متغير جديد ليس فقط شديد الانتقال بين الناس، وإنما أيضا أشد فتكا.

 

كما هو الحال مع وباء الإيدز الذي بدأ في الثمانينات، بدأ هذا الوباء (ولكن ليس على سبيل الحصر) مع الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. وقد أصاب جدري القرود مؤخرا الأطفال والرضع في الولايات المتحدة وهولندا وإسبانيا. وإذا بدأ الفيروس في الانتشار على نطاق واسع خارج ما يسمى بـ"مجتمع المثليين جنسيا"، فإن الكثيرين يخشون من أن الفئات الأكثر ضعفا من الناس ستعاني بشكل أسوأ، وخاصة الحوامل. ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

 

مع الترويج النشط للانحرافات والحيد عن النظام الاجتماعي الإسلامي في بلاد المسلمين من قبل أشخاص مضللين يتَّبِعون أجندات الوكالات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية وفقا للأجندة الأوروبية، يحتاج المسلمون إلى مواصلة الدفاع عن قيم الإسلام الثمينة وعدم التزام الصمت أمام الهجمة العلمانية التي تهددنا جميعا.

 

تريد الوكالات الصحية الغربية وقف انتشار فيروس جدري القرود، ولكنها تريد فعل ذلك عن طريق تلقيح الرجال الذين يمارسون الجنس مع 10 رجال آخرين كل 3 أشهر بلقاح كمياته قليلة جدا. إنهم لا يعترفون بأن الترويج العدواني للشذوذ الجنسي وتطبيعه في الرسوم المتحركة للأطفال وفنون وسائل الإعلام والمدارس وفي كل مكان هو ما يسمح لهذا الفيروس بالانتشار كالنار في الهشيم. إنهم يخدعون أنفسهم وهم واقعون في شراك أيديولوجية فاشلة لا تهدد اللياقة الإنسانية فحسب، بل تهدد الإنسانية نفسها على كل المستويات. يحذر القرآن من أن الفساد على نطاق واسع له عواقب، ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

 

ومع استمرار هذا الوباء بالانتشار، لا يزال الليبراليون الأيديولوجيون يطالبون بمزيد من حقوق الشواذ جنسيا دون الاهتمام بالمجتمع. إنهم أكثر انحرافا من المنحرفين أنفسهم. كل من يجرؤ على النطق بكلمة لصالح حق المرأة في استخدام المرحاض دون خوف من أن يحاصرها هناك رجل يتظاهر بأنه امرأة، يوصف هذا بأنه "كاره للمتحولين جنسيا" ويخاطر بتدمير حياته المهنية. إن بعض أعداء الإسلام يخاطرون في كل حين بإغضاب المسلمين في جميع أنحاء العالم من خلال رسم رسوم كاريكاتيرية مهينة للنبي محمد ﷺ أو للمسلمين، وفي هذه الحالات ستحميهم جميع قوى الدول الغربية. لكن لا أحد حقا يجرؤ على التفكير في نشر رسم كاريكاتيري للشواذ جنسيا أو المتحولين جنسيا في واحدة مما يسمى بالمجتمعات الحرة اليوم! هذا ليس اقتراحا للرسم، ولكن القضية توضح مدى القوة التي وصلت إليها جماعات الضغط الليبرالية، وكيف أصبحت المجتمعات الغربية فخورة بالانحرافات. حتى إنهم يطلقون التسميات على الكرنفالات من أجل جمع جميع أنواع المنحرفين معا لارتداء الملابس والسير والصراخ والرقص والقيام بأشياء أخرى تحت مسمى "الاعتزاز". وترتبط العديد من الإصابات بمثل هذه الاحتفالات، ولكن فقط أشجع السياسيين في الديمقراطية الليبرالية هم الذين يجرؤون على اقتراح إلغاء مثل هذه الأعمال.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور عبد الله روبين

 

المراجع:

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع