- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
89 في المائة من شباب قرغيزستان يرغبون في الهجرة
89% من شباب قرغيزستان يريدون السفر إلى الخارج للعمل أو الدراسة العليا. كشف عن ذلك في استطلاع نظمته وزارة الثقافة والإعلام والرياضة وسياسة الشباب بمساعدة الأمم المتحدة. نُشرت في 5 كانون الثاني/يناير نتائج الدراسة الاستقصائية بعنوان "مؤشر الرفاه والتنمية للشباب في قرغيزستان في عام 2022".
وبحسب المعلومات أفاد 13.3% من الشباب الذين شاركوا فيها بأنهم لم يخططوا للعودة إلى قرغيزستان بعد الهجرة. وأخبر 30% منهم أنهم هم أو أفراد عائلاتهم كانوا بالفعل في هجرة العمالة. وشارك في الاستطلاع شبان وشابات تتراوح أعمارهم بين 14 و28 عاماً من جميع مناطق قرغيزستان.
كما هو معروف فإن ممثلي الجيل القادم فقدوا الأمل في مستقبل البلاد. نود التركيز على موضوع التعليم والهجرة في الاستطلاع بشكل منفصل.
إن السبب الأساسي وراء رغبة الشباب في الدراسة العليا في الخارج هو أنهم يتعلمون الثقافة الغربية منذ سن المدرسة الابتدائية. وبصورة أكثر تحديداً فإن تدريس التاريخ والقانون والأدب واللغة للمبدأ الرأسمالي يُعْتَبَرُ أولوية في المدرسة. ونتيجة لذلك هم لم يتأثروا بكتب تاريخ ابن كثير وابن إسحاق وابن هشام، بل أصبحوا متأثرين بتاريخ الديمقراطيين والاشتراكيين. إنهم يرفعون لواء الديمقراطية تحت غطاء الحرية وهم جاهلون فقه الإسلام الشامل الذي يوفر الحلول لكل مشكلة حتى يوم القيامة. لم يتعلموا الأدب الذي يعكس شجاعة الأنبياء والصحابة والمسلمين بل أجبروا على تعلّم الأدب الغربي الذي ينشر الفساد. كما ابتعدوا عن اللغة العربية، لغة القرآن، وتمسكوا باللغة الإنجليزية التي هي أداة لنشر ثقافة الغرب. بالإضافة إلى ذلك، فإن المدارس الحكومية التي يتعلم فيها معظم الأطفال لا تراعي جودة التعليم، ورواتب المعلمين منخفضة جدا، والبنية التحتية التقنية للمدارس في حالة سيئة. يتعلم حفنة من أبناء الرأسماليين في مدارس خاصة عالية الجودة، ويُتقنون معرفة ثقافة الغرب ويستمرون في الدراسة في جامعات غربية، ثم يجلبون لبلدنا ثقافة الديمقراطية، وليس الاكتشافات أو الاختراعات العلمية. إن الثقافة تحتل مكانة مهمة في استعمار أي مجتمع، ولذلك فإن شبابنا اليوم يعتبرون الذهاب إلى الغرب من أجل التعليم والعيش هناك إنجازاً.
أما بالنسبة لمسألة الهجرة إلى الخارج، فقد استولى حفنة من الرأسماليين في البلاد على السلطة والقطاعات المدرّة للدخل. وهم لا يحسبون أنفسهم مسؤولين عن توفير العمل اللائق للناس، بل يتذكرون حالتهم فقط أثناء الانتخابات. وفقاً لمعلومات لجنة الإحصاء الوطنية، تقدم 28 مرشحاً لشغل وظيفة شاغرة واحدة في خدمات التوظيف. في الوقت نفسه، اعتبر 72.8% من المشاركين في الاستطلاع أن البطالة هي مشكلة الساعة في الوقت الحالي. إن تلك الإحصاءات عن حالة البطالة لا تعكس الوضع الحقيقي في الدولة، لأنهم يشملون فقط الأشخاص الذين كانوا يبحثون عن عمل في الشهور الثلاثة الأخيرة. ومع ذلك، فإن أولئك الذين يبقون في بيوتهم، وأولئك الذين يعملون بشكل موسمي والذين لم يبحثوا عن وظيفة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، يتم استبعادهم من هذه الإحصائيات. ومن ناحية أخرى، تؤكد الحكومة - كحل لمشاكل الفقر والبطالة - إرسال رعاياها إلى العديد من البلدان الأجنبية كعمال مهاجرين.
في الواقع، السبب الوحيد للبطالة هو هيمنة النظام الرأسمالي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في قرغيزستان. وفقاً للنظام الاقتصادي الرأسمالي، انتقلت المعادن المفيدة والأراضي والمراعي إلى أيدي الرأسماليين الرسميين بحجة الخصخصة. كما احتكروا التجارة الخارجية والإنتاج المحلي. لذلك، أصبحوا تلقائياً أرباب عمل. من وجهة نظر الربح الرأسمالية، فإن هؤلاء أرباب العمل - من أجل تحقيق أرباح ضخمة - يوظفون عددا أقل من العمال الذين يعملون بأسعار زهيدة في إنتاجهم. ونتيجة لذلك، يتم إنشاء جيش من العاطلين عن العمل.
إن الدول الغربية، مهد الرأسمالية، احتلت دول العالم الثالث من خلال الاستعمار الذي هو طريقة نشر الرأسمالية. على الرغم من أن الشركات التي تدخل تحت غطاء المستثمرين تتحدث عن خلق فرص العمل وإفادة الدولة إلا أن أهدافها مختلفة؛ فهم يأتون لاستغلال شعبنا بوصفه عمالة رخيصة ومن أجل سرقة ثرواتنا. لذلك ما دامت الرأسمالية تهيمن على العالم، فلن تتمكن بلادنا من الخروج من مستنقع البطالة والفقر.
بالإضافة إلى ذلك، القوى المستعمرة تسمح لدول العالم الثالث مثل قرغيزستان بالعمل فقط في الزراعة وتربية الحيوانات والصناعات الخفيفة. وحتى المنظمات الدولية تسمح باستخدام القروض في هذا الاتجاه فقط. لن تسمح الدول المستعمرة أبداً لدول العالم الثالث بتطوير الصناعات الثقيلة أو الصناعات العسكرية أو تطوير الهندسة الميكانيكية. لقد تم إنشاء الأمم المتحدة لخدمة مصالح هذه الدول. إنها تسيطر على هذه الدول من خلال القانون الدولي. إن دول العالم الثالث هي مصدر المواد الخام للدول الرائدة. بينما تلك الدول تقتصر على الزراعة، والتقنيات اللازمة للزراعة في أيدي هؤلاء المستعمرين.
وفي المقابل، فإن النظام الاقتصادي في الإسلام يهدف إلى تلبية الاحتياجات الأساسية لجميع الرعايا وتهيئة الظروف لاحتياجاتهم الأعلى. الناس الذين تُلبى احتياجاتهم الأساسية لن يكونوا فقراء ولن يخشوا البطالة. ومع ذلك، يجب عليهم العمل ليوفروا النفقات التي فرضت عليهم مخافة من الله وإلا ستجبرهم الدولة على العمل. بادئ ذي بدء، كلف الإسلام الدولة بتوفير فرص العمل لجميع الرعايا الملزمين بالعمل. بينما الحكومات في ظل الرأسمالية لا تتعهد مثل هذه المسؤولية، فإذا قامت الشركات الخاصة بالتوظيف فسيتم توفير العمل للناس ولكن إذا تم طردهم فسيكونون عاطلين عن العمل! أما في الإسلام، إذا أصبح الناس عاطلين عن العمل، فإن الدولة ملزمة بتوفير العمل لهم.
في الإسلام هناك نوع من الملكية يسمى الملكية العامة، وكل المعادن تدخل تحت هذا النوع. فهي لا تملك للأفراد أو للدولة كما هي في الرأسمالية، بل يجب أن ينتفع بها كل فرد في الدولة، ويجب على الدولة إدارتها لكي يستفيد منها الناس، وبالتالي، مع وصول أرباح المعادن، سيعيش الناس وهم لا يعرفون الفقر، وستخلق الدولة وظائف كبيرة لرعاياها من خلال بناء وتشغيل مصانع لإنتاج المعادن.
كما تشجع الدولة الناس على فلاحة الأرض وتقدم مساعدات مالية وفنية مجانية للمزارعين، وإذا كان معسراً، فسوف تمنحه قروضاً بدون ربا. وتمنع تأجير الأراضي، وتأخذ الأرض التي لم تتم زراعتها لمدة ثلاث سنوات متتالية وتعطيها للمزارعين. كل هذا بدوره يخلق وظائف إضافية. والمراعي كذلك تُعدّ من الملكية عامة، لذا لا يمكن لحفنة من الناس التعدي عليها.
في المجتمع الرأسمالي، هناك العديد من الحوافز الأخرى التي تكون الثروة دُولةً بسببها بين الأغنياء. على سبيل المثال، الربا، والاحتكار، وكنز المال، وما إلى ذلك. الإسلام يحرم ذلك كله.
كما ذكرنا أعلاه، توفر الدولة أولاً فرص عمل للقادرين على العمل، وإذا لم يكف راتب أحد نفقاته يُفرض معاشه على أقاربه الأغنياء الذين سيرثونه. وإذا لم يوجد بين وارثيه أغنياء، فيعطي له من مال الزكاة في بيت المال. وإذا كانت الزكاة لا تكفي، تتحمل الدولة مسؤوليته. هذه الرعاية التي تحمي الناس من الفقر.
بالإضافة إلى ذلك، في الرأسمالية، تعيش الدولة على حساب الضرائب التي يتم تحصيلها من الناس، وهناك أنواع عديدة من الضرائب وتقع أعباؤها الثقيلة على عاتق الناس. ولكن في الإسلام، يتم فرض الضرائب على الرعايا الأثرياء فقط عند الضرورة، ولا يقبل من الفقراء حتى لو تبرعوا.
سيؤدي تطبيق هذه الأحكام إلى القضاء على الفقر بشكل طبيعي، ومن كان في مأمن من الفقر لن يخاف من البطالة. لذلك، لا يستطيع أصحاب المشاريع الخاصة - مثل الرأسماليين - تهديد الناس بالبطالة.
كل هذه الأحكام يتم تنفيذها بتطبيق النظام الاقتصادي في الإسلام. ومع ذلك فإن هذا النظام الاقتصادي لا يمكن تطبيقه تحت رعاية أنظمة الكفر منفصلا عن الإسلام. لذلك لا يمكن تحقيق هذا الاقتصاد إلا في ظل الدولة الإسلامية التي تطبق الإسلام كاملا.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممتاز ما وراء النهري
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في قرغيزستان