السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الكتاب

يا علماء المسلمين: احذروا أن تنسلخوا من آيات الله فتكونوا من الغاوين

 

 

 

قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 175-177].

 

جاء في تفسير السعدي:

 

"قول تعالى لنبيه ﷺ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا﴾ أي: علمناه كتاب الله، فصار العالم الكبير والحبر النحرير. ﴿فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ﴾ أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات الله، فإن العلم بذلك، يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب الله وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس. فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان، أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين، فأزه إلى المعاصي أزاً. ﴿فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ بعد أن كان من الراشدين المرشدين. وهذا لأن الله تعالى خذله ووكله إلى نفسه، فلهذا قال تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا﴾ بأن نوفقه للعمل بها، فيرتفع في الدنيا والآخرة، فيتحصن من أعدائه. ﴿وَلَكِنَّهُ﴾ فعل ما يقتضي الخذلان، فأخلد إلى الأرض، أي: إلى الشهوات السفلية، والمقاصد الدنيوية. ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ وترك طاعة مولاه، ﴿فَمَثَلُهُ﴾ في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه إليها، ﴿كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾ أي: لا يزال لاهثا في كل حال، وهذا لا يزال حريصا، حرصا قاطعا قلبه، لا يسد فاقته شيء من الدنيا. ﴿ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ بعد أن ساقها الله إليهم، فلم ينقادوا لها، بل كذبوا بها وردوها، لهوانهم على الله، واتباعهم لأهوائهم، بغير هدى من الله. ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في ضرب الأمثال، وفي العبر والآيات، فإذا تفكروا علموا، وإذا علموا عملوا. ﴿سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ﴾ أي: ساء وقبح، مثل من كذب بآيات الله، وظلم نفسه بأنواع المعاصي، فإن مثلهم مثل السوء. وهذا الذي آتاه الله آياته، يحتمل أن المراد به شخص معين، قد كان منه ما ذكره الله، فقص الله قصته تنبيها للعباد. ويحتمل أن المراد بذلك أنه اسم جنس، وأنه شامل لكل من آتاه الله آياته فانسلخ منها. وفي هذه الآيات الترغيب في العمل بالعلم، وأن ذلك رفعة من الله لصاحبه، وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به، وأنه نزول إلى أسفل سافلين، وتسليط للشيطان عليه، وفيه أن اتباع الهوى، وإخلاد العبد إلى الشهوات، يكون سببا للخذلان". انتهى الاقتباس

 

يا علماء المسلمين المخلصين: إنكم تعلمون أكثر من غيركم أن هذه الآيات تطال كل من ينسلخ عن آيات الله بعد أن علمها وفهمها وحفظها ودرسها وشرحها.

 

إنكم تعلمون، حفظكم الله، أن من بين علماء المسلمين، وللأسف كثر، من انسلخ من آيات الله واتبع هواه وهوى الحكام والملوك ففسد وأفسد وعاث في الأرض الفساد وأفسد فيها بعد إصلاحها.

 

إنكم تعلمون وجود تيار من العلماء الذين والوا الحكام والملوك والظلمة ووادعوهم وركنوا إليهم، وإنكم تعلمون كيف أنهم صاروا يدسون السم في الدين، ويلوون أعناق النصوص لتتناسب مع ما يمليه الحكام والملوك وأصحاب القصور.

 

إنكم تعلمون، يرحمكم الله، كيف أن الحكام جيشوا علماء لهم ليحلوا لهم التطبيع مع كيان يهود قتلة الأطفال والنساء والشيوخ.

 

إنكم تعلمون أن حكام المسلمين قد جيشوا علماء كثراً ليقروا أنظمتهم وحكمهم وجعلهم حكاما شرعيين وأولياء أمور مع أنهم حكام اتفاقية سايكس بيكو ولا يحكمون بما أنزل الله.

 

يا علماء المسلمين المخلصين الأفاضل: احذروا أن تنسلخوا من آيات الله كما فعل غيركم، احذروا أن تكونوا من الغاوين. اعلموا أن بفسادكم تفسد أمة محمد ﷺ، وبصلاحكم صلاح لها. فالله الله في أنفسكم، والله الله في أمتكم، والله الله في دينكم، والله الله في أقصاكم. وليكن علمكم ودعوتكم حسنات جاريات لكم بإذن الله، وجنّبكم الله أن يكون علمكم ودعوتكم سيئات جاريات لكم بعد مماتكم.

 

جعلنا الله وإياكم ممن قال فيهم في سورة الأعراف نفسها: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع