- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الديمقراطية هي السبب الجذري للعنف الأسري
سجلت وزارة الداخلية في قرغيزستان 14293 حالة عنف أسري خلال 10 أشهر من هذا العام 2024. وهذا يمثل زيادة بنسبة 37% أو 3877 حالة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وكانت حوادث العنف العام الماضي أعلى بنسبة 32% عما كانت عليه في عام 2022. ووفقا للتقارير، فقد صدر 12001 أمر حماية لضحايا العنف، منها 11227 للنساء و529 للرجال. كما صدرت أوامر حماية لـ245 طفلاً. وأعد 3288 بلاغاً تحت مادة "العنف الأسري" وأحالها إلى الجهات القضائية من أجل مراجعتها. ونتيجة لذلك، اعتقل 1623 شخصا، وانخرط 1189 شخصا في العمل الاجتماعي.
ونظراً لأن العنف المنزلي المسجل ينتهي أحياناً بالقتل، فإن هذه القضية تكون موضع نقاش عام من حين لآخر. ورغم أن القضاء على هذه المشكلة من واجب الدولة، إلا أن البيانات الرسمية تؤكد أن العنف يتزايد كل عام. وقد تم تقديم عدد من المقترحات لمنع مثل هذه الانتهاكات، وهناك آراء كثيرة مختلفة حول عدم حماية حقوق المرأة. على سبيل المثال، كانت المنظمات غير الحكومية تؤكد أن حقوق المرأة لا تحظى بالحماية الكافية وتقترح قوانين اختبرت في الغرب. لكن الغرب نفسه عالق في دوامة هذه المشكلة ولا يستطيع إيجاد طريقة للتخلص منها. لأن نظام الديمقراطية التي تأتي من العقل البشري تسود في الدول الغربية، كما كان في قرغيزستان. ولذلك فإن العنف ضد المرأة يتزايد بدلا من أن يتناقص. على سبيل المثال، أفادت صحيفة "ذا ديبلومات" أن حوالي 35% من النساء في العالم يتعرضن للعنف الجنسي وأنواع أخرى من العنف. ولا يشمل هذا الرقم إحصائيات حول التحرش الجنسي. كلَّ دقيقة يتعرض 20 شخصاً للعنف المنزلي في أمريكا، و1900 فتاة تتعرض للاغتصاب كل يوم. أما في فرنسا، فقد قالت 4 ملايين امرأة، أي 12% من الفرنسيات، إنهن تعرضن للاغتصاب مرة واحدة على الأقل في حياتهن. وكل ثلاثة أيام تُقتل امرأة على يد شريكها. وكل 5 دقائق تتعرض امرأة واحدة على الأقل للاعتداء الجنسي أو غيره من أشكال الاعتداء في ألمانيا. وكل ثلاثة أيام، تموت امرأة واحدة بسبب العنف، على يد زوجها أو أحد أقاربها أو زميلها في العمل.
ومن المعروف أن السبب الرئيسي للعنف ضد المرأة هو القوانين الرأسمالية. ففي نهاية المطاف، أعطت الديمقراطية المسؤولية نفسها التي يتحملها الرجل للنساء الضعيفات بطبيعتهن تحت ذريعة المساواة بين الرجل والمرأة. وجلبتها إلى مجالات لا تناسبها، بحجة تمكينها واستقلالها عن الرجل. نتيجة لذلك، فقدَ الاستقرارُ في الأسرة وتزايدت الصراعات داخلها، لأن الرجال والنساء نسوا واجباتهم. ولذلك، فإن النظام الرأسمالي لا يستطيع القضاء على العنف الذي تواجهه المرأة. بل على العكس من ذلك، فإن هذه المشاكل تنشأ بسبب هذا المبدأ، والمرأة تحتاج إلى الحماية من "حرية" الغرب هذه. هذا ما تؤكده أيضاً تصريحات المسؤولين الغربيين. فوفقاً لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، فإن "النساء يشكلن 40% من إجمالي القوى العاملة، و43% من القوى العاملة الزراعية، ونصف طلاب العالم. ولذلك فإن قمع الإمكانات الاقتصادية للمرأة يعادل التنازل عن النقود الجاهزة، وهو أمر لا تقبله أي دولة". إن كلمات كلينتون هذه تعكس بوضوح واقع الرأسمالية. وبعبارة أخرى، وفقا للنظرة العالمية للرأسمالية، فإن المرأة ليست ربة منزل، بل هي عاملة في قوة العمل.
وفي المقابل، فإن العنف يظهر نادرا في المجتمع الإسلامي الحق. وعلى وجه الخصوص، فإن العنف ضد النساء والأطفال جريمة غير مقبولة في الإسلام. قال اللهُ عز وجل: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، وقد حذر رسول الله ﷺ المسلمين من العنف ضد المرأة فقال: «لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ» رواه البخاري
أولى الإسلام المرأة اهتماما كبيرا ونظر إليها على أنها ربة بيت يجب حمايتها. وبناء على هذه النظرة العالمية فإن الرجل يحمي زوجته ومحارمه. بالإضافة إلى ذلك، حددت الشريعة حقوق الرجل والمرأة وواجباتهما في الأسرة حسب طبيعتهما. وتقوم المرأة بواجبها الطبيعي في الأسرة، مثل ولادة الطفل، وإرضاعه، وتربيته. وتقضي معظم وقتها وجهدها في الوفاء بهذه المسؤولية، وتدرس أحكام الإسلام في هذا الشأن وتحاول اتباعها قدر استطاعتها. وتصبر على الصعوبات التي تأتي في اتباع هذه الأحكام. ومن ناحية أخرى فإن الرجل لكونه قويا وقادرا على العمل بطبيعته، هو المسؤول عن توفير الاحتياجات اليومية لأفراد أسرته. ومن السنة أيضاً أن يساعد الرجل زوجته في أعمال المنزل إذا كان لديه وقت أكثر من واجباته. ولذلك فإن تحميل مسؤوليات الرجل على المرأة بحجة المساواة بين الجنسين لن يؤدي إلا إلى مزيد من الصعوبات والمشاكل كما هو الحال اليوم. على سبيل المثال، لا يمكن للمرأة أن تكون ربة منزل أثناء مشاركتها في العمل الإداري، لأن كل وظيفة لها خصائصها الخاصة. وفي هذا الصدد يأتي قول رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» وقد وعد الله تعالى كل واحد منهما بمكافأة حسب قيامهما بهذه المسؤولية. روي عن عبد الرحمن بن عوف: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ».
وعلى الرغم من أن الواجب الرئيسي للمرأة هو كونها ربة منزل ومسؤولية الأمومة، إلا أن الشريعة تفرض عليها طلب العلم، وإعطاء الزكاة من مالها، والدعوة إلى الإسلام. كما يجوز لها العمل والتسوق وما إلى ذلك لنفسها في الأماكن الخاصة والعامة. ولا يحرم الشرع على المرأة هذه الأنشطة، وهذه لا تمنعها من أن تكون ربة منزل أو تقوم بواجباتها كأم. الإسلام لا يجعل المنفعة مقياسا للحياة كما هو اليوم، بل الحلال والحرام. ولذلك تتاح للمرأة الراغبة في العمل فرصة العمل في ساعات مناسبة. فمن المعروف على سبيل المثال أن المرأة شاركت بفعالية في المجال الاقتصادي في عهد الخلافة العثمانية. وتظهر السجلات التاريخية أن النساء امتلكن الأراضي الزراعية والبستانية والعقارات واستخدمن الدخل الذي حصلن عليه من خلالها. ووفقاً لسجلات المحكمة في حلب، كانت النساء يمثلن 63% من القضايا المتعلقة ببيع الممتلكات، في القرن الثامن عشر. ومن المعروف أن نظرة الإسلام للمرأة على أنها أم وربةُ بيت وعِرضٌ يجب أن يصان، لا تتعارض مع نشاطها الاقتصادي. على العكس من ذلك، فهو يضمن حياة مزدهرة في أي حالة. كما أن الإسلام يبني الحياة الأسرية على الحب. قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
وفي الختام، لقد أولى الإسلام دائما اهتماما خاصا لقوة الأسرة من أجل رفاهية المجتمع. وبالتالي فإن رفاهية المرأة والمجتمع بشكل عام يعتمد على تطبيق الإسلام في الحياة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممتاز ما وراء النهري