من هو المسؤول عن محاسبة منفذي محاولة اغتيال الإمام عبيد كوري نازاروف؟
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في الثاني والعشرين من شباط/فبراير في مدينة سترومسوند في السويد قام (مجهولون) بمحاولة اغتيال الإمام عبيد كوري نازاروف، إمام المسجد المحلي أثناء ذهابه للصلاة. لقد اقترف المجرمون هذه الفعلة بحقد فظيع. ونتيجة لهذا الاعتداء أصيب الإمام بجروح خطيرة ودخل على إثرها في غيبوبة عميقة. وبحسب أقوال ابنه وأقاربه فإنه الآن يتعافى من جراحه ويشعر بتحسن والحمد لله.
عبيد كوري نازاروف كان مشهورًا كإمام لمسجد (توختبويفتشا) في طشقند، ويعتبر أحد الأئمة المراجع في أوزبكستان. في بدايات التسعينات كان نشطا في نشر الإسلام من على منبر المسجد، ولذلك فإن حكومة كريموف بدأت بملاحقته، وعندما لم يوافق على ما طلب النظام منه قام النظام بتعذيبه والضغط عليه مما اضطره للهجرة أولا إلى كازاخستان ومن ثم للسويد.
هناك، في مكان بعيد عن وطنه استمر الإمام في نشر دعوة الإسلام، فلم يرق هذا الأمر لنظام كريموف ولا للسكان المحليين الذين يكرهون الإسلام، ولذلك شرع المجرمون بعمل شرير مثل محاولة قتل الإمام. إن هذه الجريمة البشعة بحق الإمام هي لتخويف كل المسلمين الأوزبك الناطقين بكلمة الحق غير آبهين بتهديدات الطغاة. إن محاولة اغتيال الإمام تعتبر محاولة للتعدي على الإسلام والمسلمين، لأن عبيد كوري نازاروف هو مسلم نشيط في نشر الإسلام ويمثل المسلمين في هذه المدينة.
هذا الإمام الفاضل أعرفه ليس عن طريق السمع. فقد قدر لي أن أستمع لبعض خطبه في مسجد مدينة سترومسوند وفي مناسبات الأعياد. عبيد كوري نازاروف يتميز بأخلاقه الإسلامية، اعتاد دعوة الناس لبيته كضيوف وتقديم طعام البلوف. في إحدى المرات وأثناء عقد قران في مناسبة العيد قام بدعوتي إلى بيته على طعام البلوف. لقد تحدثنا بصورة طيبة، وقد حدثنا عن الآراء المختلفة المتعلقة بصلاة النافلة (تحية المسجد)، وفي نهاية اللقاء أهداني عبيد كوري نازاروف كتابا عن فقه الإمام أبي حنيفة.
من جهتي أستطيع أن أسرد أمورا جيدة كثيرة عن الإمام عبيد كوري نازاروف. هنا نظم الإمام المسلمين في هذه المدينة الصغيرة، واستطاع فتح مسجد، حيث حفظ كثير من الناس القرآن غيبًا، وعمل الكثير من الخيرات. إن المحنة التي مرت بها عائلة الإمام هي محنتنا كلنا. إن من يسعد لما حل بالشيخ وعائلته فيه خصلة من نفاق، فالمسلم لا يمكنه أن يفرح لمصيبة أخيه، والمسلم أخو المسلم ويتمنى له كل خير.
لقد مرت سنتان منذ محاولة اغتيال عبيد كوري نزاروف، وقد أجرت حكومة السويد تحقيقًا ولكن لم يتم القبض على المسؤول عن هذه الجريمة. إنها ليست مجرد جريمة، بل هي عمل من أعمال الترهيب والتخويف، وهذا الإمام هو إمام مؤثر وذو ثقل، ولذلك ينظر إلى هكذا عمل على أنه عمل إرهابي. إن محاولة اغتيال الإمام عبيد كوري نازاروف هي اغتيال لعائلته وأقاربه وأيضا لمن يرتادون المسجد، نعم بفعلتهم هذه أرهبوا واعتدوا على الجميع.
لمدة عامين، وإخوة الإمام وعائلته وجماعة المسجد يتوجهون إلى السلطات السويدية بطلب عام لإيجاد ومعاقبة المجرمين. إن تزويد السلطات السويدية لنا ملجأ من طاغية مستبد مثل كريموف يتضمن أيضا حمايتنا الشخصية كأفراد. فمحاولة اغتيال الإمام ارتكبت هنا في السويد، والحكومة يجب أن تفي بالتزاماتها، للعثور على الجناة. والجدير ذكره أن مطلب تحقيق العدالة لا يعني أننا نعتقد بصحة قوانين السويد. فإن القانون العادل هو قانون الله وحده، والإنسان عاجز في هذا الأمر.. علاوة على أن كل بلد في الغرب ينتهج سياسة الكيل بمكيالين.
لقد جرت عادة الدول الغربية أنها حين تقيم علاقات تجارية مع حكام بلداننا، فإنها تطالبهم بإجراء تغييرات ديمقراطية وبشعارات الديمقراطية مثل "حرية التعبير"، و"حرية الدين" وغيرها. وفي الوقت نفسه لا تتحرج الدول الغربية من كسب المال فوق أشلائنا ودمائنا. وكمثال على ذلك الفضيحة التي انتشرت حول الشركة السويدية (تيليا سونيرا)، حيث انتشر خبر أن الشركة دفعت رشوة لغولنارا بنت إسلام كريموف من أجل أن تدخل سوق الاتصالات في أوزبكستان. وخلال العام المنصرم، مئات المسلمين قتلوا على يد نظام الطاغية كريموف في السجون في أوزبكستان. وعندما تعلق الموضوع بوضع عقوبات وتحديد العلاقات مع نظام أوزبكستان فإنهم يقولون لنا أن الأمر معقد ويأخذ وقتًا طويلاً. ولكن السؤال هو كم ستأخذ السويد وقتًا وهي تقتات على دماء مسلمي أوزبكستان؟
ما هي السياسة تجاه المسلمين في السويد نفسها؟ ألم تهاجم العديد من الأسر اللاجئة من أوزبكستان من قبل سلطة الخدمات الاجتماعية، وتم أخذ الأطفال من والديهم؟ يتحدثون عن الديمقراطية وحرية الدين، ويجبرون أطفالنا ليصبحوا كافرين. يسمونهم بالجنس الثالث، ويطلبون من الفتيات السباحة عاريات مع الأولاد. ما هو نوع حرية الدين، عندما نضطر إلى التخلي عن شرائع ديننا؟ أم هل أخبركم، إن كنتم لا تعرفون، المشكلة التي تحدث كل يوم جمعة، عندما يجبر المعلمون الطلاب على ترك صلاة الجمعة، وإلا سوف يحرمون من المزايا الاجتماعية؟ أم عن صاحب العمل غير الراضي عن صلاتك خمس مرات ولحيتك الطويلة؟، يمكنني أن أذكر أمثلة كثيرة، حيث نواجه صعوبات كبيرة بسبب ممارسة دينهم، أم أنكم لا تعرفون ذلك؟
الإسلام أرسل للإنسانية كسبيل للنجاة والخلاص ورحمة من الله. وإن الامتثال لأحكام الإسلام ممكن فقط في دولة تقوم على أساس الإسلام وتنفذ قوانين الإسلام في الحياة، وبذلك فإن المشاكل المذكورة أعلاه التي تحدث عند أداء واجباتنا الدينية، سوف تختفي ببساطة. بل إن الدولة الإسلامية نفسها سوف تشجع الجميع على القيام بذلك. الدولة الإسلامية نفسها ستبني المساجد، وسوف تحميها من الحرق والاستفزازات، وكل من يجرؤ على إضرام النار في مسجد سيعاقب عقابا شديدا. إن حاكم الدولة الإسلامية لن ينتظر حتى نأتيه ونطالبه بالتحقيق في محاولة اغتيال إمام المسجد وإنما سيتصرف من تلقاء نفسه للقبض على الجناة. وحتى إذا احتاج الأمر إعلان الحرب فإنه سيفعل، وقصة يهود بني قينقاع ماثلة في التاريخ.
أتوجه لإخوة الإمام وأصدقائه وأقربائه بالقول: إنه ليس لأحد أن يجد مجرمي محاولة الاغتيال هذه إلا إمام المسلمين، فإن إيجاد المجرمين هي من واجباته وهو مسؤول أمام الله عن حماية ورعاية المسلمين. فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، عندما حكم المسلمون العالم كان يطلق على البحر الأبيض المتوسط (بحر المسلمين)، وعندما كانت أسماء علماء المسلمين الأوزبك على كل الشفاه. كل هذا عندما كان للمسلمين حاكم يحكمهم على أساس القرآن وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ..
قال أحدهم أن الخلافة أسطورة، فهي غير واقعية اليوم وليست مناسبة لأوزبكستان. انظروا إلى العالم الإسلامي؛ لقد اجتاحت الثورات المنطقة بأسرها، ونهض الناس بقدرة الله، وإن الغرب الكافر يحاول أن يخدع المسلمين بمختلف أنواع الحيل عن الإرهابيين والمتطرفين، إلا أن الكذب يتلاشى، وإن الحقيقة تنتصر دائما، إن دمى الغرب لا يمكنهم إيقاف الناس. العالم كله يتآمر علينا ولكنهم لم يتمكنوا أن يوقفوا الثورة في الشام حيث تدوي صرخات المطالبة بإحياء الخلافة. وكما قال أحد إخوتنا من أحد سجون الطاغية كريموف لزوجته، "إن الذي ينام، لا يرى شروق الشمس!"
اليوم وفي هذا الوقت الذي يتحدث فيه حكام العالم الظالم والجائر عن الخلافة وولادتها وعن كيفية الوقاية من عودتها من جديد إلى الساحة الدولية، يتوجب علينا الآن أكثر من أي وقت مضى أن نعمل معا لاستئناف الحياة الإسلامية من جديد بإقامة دولة الخلافة. إنها دولة جميع المسلمين في العالم، فيها سيتمكن المسلمون من ممارسة شعائرهم، وفيها سيقوم الحاكم المسلم بالحكم على أساس القرآن والسنة، في خلافة راشدة، يكون الضعيف فيها قويًّا إذا كان الحق له، والقوي فيها ضعيفًا إذا كان الحق عليه.
فسارعوا إلى إعادة مجدكم وتاريخكم الناصع وعزتكم، بالعمل لإقامة الخلافة من جديد على منهاج النبوة؛ فالعمل لها فرض أوجبه الله عز وجل، وإن راية الإسلام سترفرف خفاقة في جنبات العالم من إندونيسيا إلى إسبانيا. سارعوا بالالتحاق بسير العاملين للوصول إلى الغاية المنشودة الموعودة من الله.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة النور: 55]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير