الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

ردا على من قال بموافقة حزب التحرير لاعتقاد المعتزلة... إنكم تكذبون وتقولون إفكاً

بسم الله الرحمن الرحيم


في مقالة مطولة يدعي كاتبها أو ناقلها أنه على منهج سلف الأمة وعلى درب الحبيب صلى الله عليه وسلم ، يقوِّل حزب التحرير ما لم يقل، بل ويتهمه بانياً تهمه بتجزئة الكلام دون إكمال لما قاله حزب التحرير في المسائل المشار إليها على طريقة "ولا تقربوا الصلاة"، مما يدل على انعدام الأمانة التي أمر الشرع بحفظها، ويدل على الكذب والغش اللذين نهى عنهما الشرع، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ مَنْ لا يُؤْمِنُ»، وقال: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا»..


لقد عنون الكاتب مقالته بـ "موافقة حزب التحرير لاعتقاد المعتزلة"، مع أن هذا كذب ولا أساس له من الصحة، ولكن لشيء ما في نفس الكاتب عمد لأن يجعل حزب التحرير متهمًا في دينه، ولأن حزب التحرير هو الحزب الوحيد في العالم الذي له فهم تفصيلي لدولة الخلافة الراشدة التي سيبزغ نور فجرها قريبًا ليعز بها أهل الحق ويذل بها أهل الباطل، ولم يكتف حزب التحرير هذا بالمنهج المتكامل لإقامة الدولة من تفصيل لدستور دولة الخلافة ونظم الحياة من نظام اجتماعي واقتصادي ونظام حكم وقضاء وإعلام وسياسة داخلية وخارجية، وكل التفصيلات الدقيقة التي تحتاجها الأمة لتطبيقها مباشرة عند قيام الدولة التي وعد الله بها وبشَّر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، نعم لم يكتف الحزب بذلك بل اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فلم يتخذ الطريق المادي أساسًا لعمله، ولا المشاركة مع الأنظمة الطاغوتية في بلاد المسلمين فيما يسمى باللعبة الديمقراطية، بل تفاعل مع الأمة في صراع فكري مع أفكار الكفر، ليبين منهجه المأخوذ من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتف بذلك بل ما زال يطلب النصرة لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة متأسياً في ذلك أيضا بالمصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.


فبالتالي إن محاربة حزب كهذا يُرضي مخابرات الدول الحاكمة لبلادنا الإسلامية ظلمًا وجبرًا، ومثل من يكذب هكذا إنما يسعى لتثبيت هذه العروش المتهالكة ويكسب ودّ هؤلاء الظلمة، ويكفي أن نعلم أن من كتب سطور الإفك هذه هو صنيعة المخابرات السورية في لبنان، والذي جعل شغله الشاغل تكفير علماء الأمة بل وعامة المسلمين الذين ليسوا على قولهم، وأنا أحيل ناقل هذه السطور التي نقلها ووضعها على صفحته على الفيسبوك دون أن يمعن النظر فيها أو يراجع كتب الحزب أو شبابه الذي يعرف بعضهم، أحيله لكتب جماعة الأحباش الذين نقل عنهم هذا الكلام دون أن يدري تكفيرهم لعلماء أفذاذ كابن تيمية وابن القيم، ولكني أقول إن الصبح لناظره قريب...


إن المعتزلة يقولون إن الإنسان هو الذي يخلق أفعاله وذلك ردا على الجبرية الذين قالوا عكس ذلك واعتبروا الإنسان مجبرا على كل أفعاله.. وقد أكد حزب التحرير أن الخلاف الذي نشأ بين الجبرية والمعتزلة منشؤه الفلسفة اليونانية الوافدة والتي هي ليست من الإسلام في شيء، وقد أدخلت هذه الثقافة الدخيلة المعتزلة والجبرية في الخطأ من جهة خطئهم في منهج البحث، وقد ذكر الحزب في كتاب نظام الإسلام في موضوع القضاء والقدر ما نصه:


(لقدْ أَخذَتْ مسألةُ القضاءِ والقدرِ دَوْراً هامَّاً في المَذاهبِ الإسلاميَّةِ. وكانَ لأَهْلِ السُنَّةِ فيها رأيٌ يَتَلَخَّصُ في أَنَّ الإنْسَانَ لَهُ كَسْبٌ اخْتِيَارِيٌّ في أَفعالِهِ فَهوَ يُحاسَبُ على هذا الكَسْبِ الاخْتِيَارِيِّ. ولِلْمُعْتَزِلَةِ رَأْيٌ يَتَلَخَّصُ في أَنَّ الإنسانَ هوَ الَّذي يخلقُ أفعالَهُ بنفسِهِ، فهوَ يُحاسَبُ عليها لأنَّهُ هوَ الَّذي أَوْجَدَهَا، ولِلْجَبْرِيَّةِ فيها رأيٌ يتلخصُ في أنَّ اللهَ تعالى هوَ الَّذي يخلُقُ العبدَ ويخلقُ أفعالَهُ، ولذلكَ كانَ العبدُ مجبَراً على فعلِهِ وليسَ مُخيَّراً وهوَ كالريشَةِ في الفضاءِ تُحَرِّكُهَا الرِياحُ حيثُ تشاءُ.


والمُدقِّقُ في مسألةِ القضاءِ والقدرِ يجدُ أَنَّ دِقَّةَ البَحْثِ فيها توجِبُ مَعرفَةَ الأَساسِ الَّذي يَنْبَني عليْهِ البحثُ، وهذا الأساسُ ليسَ هوَ فعلَ العبدِ منْ كونِهِ هوَ الَّذي يَخْلقُهُ أَمِ اللهُ تعالى. وليسَ هوَ علمَ اللهِ تعالى منْ كَونِهِ يَعْلَمُ أَنَّ العَبْدَ سَيَفْعَلُ كذا ويُحِيطُ علمُهُ بهِ، وليسَ هوَ إرادةَ اللهِ تعالى مِنْ أَنَّ إرَادَتَهُ تعلَّـقتْ بفعلِ العبدِ فهوَ لا بدَّ موجـودٌ بهـذهِ الإرادةِ، وليـسَ هوَ كونَ هذا الفعلِ لِلعَـبْدِ مكتوباً في اللَّوحِ المحفوظِ فلا بُدَّ مِنْ أَنْ يقومَ بهِ وَفْقَ ما هوَ مكتوبٌ.


نَعَم ليسَ الأَساسُ الذي يُبْنى عليهِ البحثُ هوَ هذهِ الأَشياءُ مطلقاً، لأنَّهُ لا علاقةَ لها في الموضوعِ منْ حيثُ الثَوابُ والعِقَابُ. بلْ علاقَتُهَا منْ حيثُ الإيجادُ والعِلْمُ المحيطُ بكلِّ شيءٍ والإرادةُ الَّتي تتعلَّقُ بجميعِ المُمكناتِ واحتواءُ اللَّوْحِ المحفوظِ على كلِّ شيءٍ. وهذهِ العلاقةُ موضوعٌ آخرُ مُنْفَصِلٌ عنْ موضوعِ الإثابةِ على الفعلِ والعقابِ عليهِ أيْ: هلِ الإنسانُ مُلزَمٌ على القيامِ بالفعلِ خيراً أمْ شراً، أوْ مخيَّرٌ فيهِ؟ وهلْ لَهُ اختيارُ القيامِ بالفعلِ أوْ تركِهِ أوْ ليسَ لهُ الاختيارُ؟) اهـ


فالحزب لم يقل أبدا "إنَّ الإنسانَ هوَ الَّذي يخلقُ أفعالَهُ بنفسِهِ"، بل وجه الحزب هذه الفِرَقَ وكل الأمة الإسلامية أن يبحثوا قضاياهم على أساس الإسلام لا أن يأتوا بالأفكار الدخيلة ويأتوا بالنصوص الشرعية حتى يجعلوها إسلامًا توافق آراءهم!


بل إن أغرب ما في المقال أن الكاتب عندما بنى فريته أخذ يبنيها على آراء الجبرية وهم الذين يعتبرون الإنسان كالريشة في الهواء تحركها الرياح كيفما تشاء، وذلك لأنهم يقولون إن الإنسان قد خلقه الله كما خلق أفعاله، فالإنسان مجبر في الإيجاد فلم يُخيَّر أحد عندما خلقه الله عز وجل، وأفعاله كذلك تحدث جبرا عنه لأنها مخلوقة أيضا، فالإنسان مجبر عند الجبرية في كل أفعاله، هذا مع أن الكاتب أشار إلى الفعل الاختياري والفعل غير الاختياري، ولكن موضوع الخلق موضوع واضح بجلاء عند الجبرية وهو يعني الجبر وليس الاختيار. فعندما يقول قائل أن الله هو الذي خلق الفعل فهذا يعني أن الفعل تم جبرًا عن صاحبه وهذا ما يعرف عند الفقهاء بالقضاء، وقد قال الكاتب مدعيا أنه يعتمد على النصوص ما يلي: (هذا الكلام مخالف للقرآن والحديث وصريح العقل. فأما القرآن فقد قال الله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَ‌هُ تَقْدِيرً‌ا﴾ [سورة الفرقان: 2]، وقال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [سورة الصافات: 96]، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ‌﴾ [سورة القمر: 49]، والشيء هنا شامل لكل ما يدخل في الوجود من أجسام وحركات العباد وسكونهم، ما كان منها اختياريًّا وما كان منها اضطراريًّا، والأفعال الاختيارية أكثر بكثير من غير الاختيارية. فلو كان كل فعل اختياري من العباد بخلق العبد لكان ما يخلقه العبد من أعماله أكثر مما يخلقه الله من أعمال العباد، والشيء معناه في اللغة الموجود، وهذه الأعمال أعمال الإنسان الاختيارية موجودة).... (وأشد من هذا اعتقادهم الذي هو اعتقاد القدرية المعتزلة أن العبد يخلق أفعاله الاختيارية وليس الله يخلقها، وهذا كفر صريح وشرك بالله تعالى) انتهى كلامه.


الملاحظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أن الكاتب ابتداء لم يفرق بين هذه المباحث وخلطها مع بعضها وهذا لا يجوز، فالقدر له عدة معان ولم يفرق بينها وهي موضوع مختلف عن مسألة القضاء، وعن مسألة المشيئة والإرادة ومسألة الهدى والضلال وعن مسألة خلق الأفعال وهي أس البلاء عند الفرق التي انجرت للفلسفة اليونانية كما انجر إليها الكاتب هداه الله، فهذه المسائل تُبحث كل على حدة، وخلطها هكذا ينتج خطأ لأن كل واحدة تعالج مسألة معينة مختلفة عن الأخرى، مما يسبب الالتباس في الفهم كما حدث للكاتب والمعتزلة والجبرية، بل جعلت الكاتب يكفر المعتزلة ويُلحق بهم حزب التحرير!، وحزب التحرير لم يقل بقول الكاتب هذا ولا بقول المعتزلة ولا القدرية، وإنا لله وإنا إليه راجعون!!


ما نقله الكاتب من كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول ليرد عليه هو كما يلي: (يقول زعيمهم تقي الدين النبهاني في كتابه المسمى الشخصية الإسلامية (الجزء الأول: القسم الأول ص/71 ـ 72) ما نصه: «وهذه الأفعال ـ أي أفعال الإنسان ـ لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها، لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء» اهـ، ويقول في نفس الكتاب (الجزء الأول: القسم الأول: ص/74) ما نصه: «فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله» ا.هـ، وكذا يذكر في كتابه المسمى بـ: «نظام الإسلام» (ص 22).)


وردا على الكاتب نقول: أين هنا موضوع خلق الفعل، فهل قال الحزب أن الإنسان هو الذي خلق فعله كما قالت المعتزلة؟! لقد بين الحزب أن القضاء هو الأفعال التي تحدث من الإنسان أو عليه جبراً عنه ولا خيار له فيها، والقضاء بهذا المعنى هو غير الأفعال الاختيارية، وهذا معروف عند كل العلماء السابقين، فإذا كان للكاتب رأي بعد كذبه على حزب التحرير وهو أمل الأمة الآن، فليقل لنا ما هو القضاء عنده؟ أليست أفعال الإنسان دائرة بين الاختيار والقضاء، فمن أين أنكر على الحزب أن يستخدمها.. ومن ناحية أخرى، أليس الاختيار عند الإنسان عندما يقوم بالفعل مختارًا إنما بإرادة الإنسان... فهل قال الحزب أن إرادة الإنسان تعارض إرادة الله؟؟؟ كلا وحاشا!!! فلا يحدث في كون الله إلا ما يريد، فالكافر لم يكفر جبرًا عن الله، بل هو اختار الكفر ولكن الله لم يجبره عليه ولم يمنعه منه، ولكن لتحامل الكاتب فإنه يتخيل تخيلات ويسوق أكاذيب أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ترَّهات وأباطيل!!


ولكن السؤال من أين أتى الكاتب بالعبارة التي أضافها إن لم يكن يريد بها أن يُضل نفسه قبل أن يضل الناس وهي العبارة التي تحتها خط - أي أفعال الإنسان -، ولكن من تعمق يرى أنها حتى لو كانت من النص فإنها قد خصصت بالأفعال الاختيارية، وهذا يكفي..


أما الشق الثاني مما ساقه الكاتب، وهو قول الحزب في كتاب الشخصية - الجزء الثاني: (فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله)..


ردا على ذلك: يلاحظ أيضاً أن الحزب لم يقل أن الإنسان خلق الفعل كالمعتزلة، والذي قد شبه الكاتب الحزب بهم!! ولكن أين المشكلة في هذه العبارات؟ هل قرأ الكاتب موضوع الهدى والضلال في كتاب الشخصية كاملًا؟! ولو قرأه كاملًا ما كان ليقول ما قال لو فهم ما خطه الحزب معبرًا عن هذا الدين الحنيف، ولكن ما يؤسف له أنه اجتزأ الكلام مع أن المجتزأ لا يخل بالمعنى تمامًا، إلا إذا حاول أحدهم تضليل الناس، فما ذكر في موضوع الهدى والضلال لا غبار عليه شرعًا بل هو حق وأيما حق! فالله عز وجل يقول: ﴿مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾، وهذا ما قاله حزب التحرير في هذه الجزئية، فالله عز وجل يثيب المهتدين لأنهم فعلوا الاهتداء، ويعاقب الضالين لأنهم فعلوا الضلال، ولكن الجبرية يقولون غير ذلك وهو أن فعل الإنسان هذا سواء أكان اهتداء أم ضلالاً فهو من الله، أي أن الفاعل هو الله؟! أما المعتزلة فيقولون أن الأفعال يخلقها الإنسان، وهذا أيضا خطأ لأن البحث يجب أن يكون في ما هو الذي يثاب عليه الإنسان وما هو الذي يعاقب عليه، وما هو الفعل الذي يكون مجبرًا عليه وما هو الفعل الذي يكون مخيرًا فيه؟، نعم هذا هو أساس البحث، والهدى والضلال لا يجبر عليه الإنسان بل يفعله مختارًا ولذلك يحاسب عليه، ولا محل لموضوع خلق الفعل هنا كما قالت الفرق الكلامية..

 

ولكن فليرجع الكاتب إلى الموضوع كله وليقرأه على تمعن حتى لا يجترئ على عباد الله بالكذب والعدوان..
أما الأدلة التي ساقها الكاتب في موضوع خلق الأفعال فهي نفسها أغلب الأدلة التي ساقها الجبرية لتأكيد دعواهم الباطلة من أن الإنسان مجبر في كل أفعاله، وهو كالريشة في مهب الريح. وفي النهاية أنا أحيل الكاتب ومن نقل عنه وروّج لهذا الكلام المتهافت أن يراجع كتاب الشخصية الإسلامية - ج1 ليرى كيف أن الحزب بين وبإسهاب خطأ منهج المتكلمين بما فيهم المعتزلة التي يتهمنا زورا وبهتانًا أننا منهم.

هذا رد مختصر على الكاتب... والله المستعان...

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع