طوق النجاة لمصر الكنانة المفكر شريف زايد ضيفاً في الخرطوم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن مصر، كنانة الله في الأرض، بما لديها من مكانة ديمغرافية بالنسبة للعالم الإسلامي جعلتها عموداً لحركات التحرير ومنبعاً لدعاة التنوير، وينظر الكثير من المراقبين والمفكرين إلي الأوضاع في مصر باعتبارها مقياساً لنجاح شعوب المنطقة أو فشلها في تحقيق طموحاتها المطالبة بالتحرير، ومن هنا كانت معرفة ما يدور في مصر من الأهمية بمكان.
لقد خاض الكثير من السياسيين في محاولة طرح رؤية تفسيرية لما يحدث في مصر، لكني لم أجد تفسيراً يضاهي ويوازي تلك الكلمات المستنيرة التي تقدم بها الأستاذ / شريف زايد رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر في مؤتمر طوق النجاة الذي عقد بالخرطوم في الثالث من رجب الخير 1435هـ تلك الكلمات التي تعتبر بمثابة صيحة نذير عريان وهي جديرة بالوقوف عندها. ولأهميتها وصدق لهجتها فقد رأيت من المناسب جداً أن تطوف تلك الكلمات بلاد المسلمين فتعانق عقولهم وعياً ونضجاً وتصافح أفئدتهم إيماناً وتقوى.
فماذا قال الأستاذ شريف زايد في مؤتمر طوق النجاة؟
أول الحقائق التي أشار إليها السياسي المفكر (شريف زايد) هي كون ما يسمى بالمشاركة السياسية للحركات الإسلامية في النظم السياسية الفاشلة العميلة، لا يوصلهم إلى شيء، وأن هذه الأنظمة والغرب من ورائها، يكيدون للإسلام، ويستدرجون هذه الحركات للمشاركة السياسية، من أجل استخدامها في ضرب الإسلام وتشويهه.
ولعل ما قامت به حكومة الإنقاذ من رفع لشعارات الإسلام وتطبيق أنظمة وضعية كفرية لا علاقة لها بالإسلام استطاعت من خلالها تشويه صورة الإسلام، وتنفيس رغبة شباب الأمة المتحمس لضرورة الحكم به. فهذا نموذج على صدق ما ساقه (زايد)، وليست تونس وتركيا وإيران عنا ببعيد فكلها حكومات تقدم إسلاماً علمانياً لا حظَّ له من الأحكام الشرعية إلا اللحى والصلاة في جماعة.
أيضاً من الأخطاء القاتلة التي مارستها تلك الحركات أنها لم تنسجم مع نداءات الشارع الذي خرج مطالباً بإسقاط النظام وإقامة الإسلام، فكان الواجب على تلك الحركات أن تستغل هذه الهبة وتعمل على تحكيم شرع الله من خلال دولة تكنس كل النظام السابق باعتباره سبباً في مآسي وجراحات الأمة، ولكن هذه القوة السياسية وللأسف الشديد لم تفعل ولو أنهم فعلوا لوقف الناس إلى جانبهم.
فقد تلاعبت أمريكا بتلك القوة السياسية عندما رأت أن تتخلى عن مبارك لتلتف على الشعب الثائر الذي يحب الإسلام وينادي به، مع إبقائها على النظام الفاسد والوسط السياسي الفاسد ثم عمدت إلى تضليل الشعب المسلم في مصر مرةً أخرى حين صورت له أن قيادات الجيش المصري قد احتضنت الثورة والثوار بينما كانت تدخر الجيش ممثلاً بقياداته لمهمة لاحقة.
فقامت قيادات الجيش المصري ومن ورائها أمريكا على ترتيب البيت الداخلي بعد مبارك، وقبلت أن يدخل الإخوان في منظومة النظام الليبرالي، وكان هدفها من ذلك منع التغيير الحقيقي وإسكات الجماهير بعد أن رأت رغبة الناس في تنفيذ أحكام الإسلام. وكانت تدرك أن نتيجة حكم الإخوان هي الفشل لأنها أرادت ذلك وسعت له فجيشت له الإعلام والظلاميين من أتباعها، وبالفعل لم يخيب الإخوان الظن الأمريكي فيهم فقد اعترفوا باتفاقيات الخيانة مع كيان يهود، وحرصوا على إظهار مرونة من خلال إباحة (البكيني) والخمرة والتشريع بأغلبية الأصوات داخل (برلمان الآلهة) الديمقراطي فكانت حكومة إسلاميين لا حظ لها من الإسلام إلا اسمه وبقيت البلاد علمانية ملتحية.
وبهذا استطاع التيار العلماني أن يشوه صورة الإسلام ويطعن في مقدرته على معالجة القضايا وهذا ما تعتبره أمريكا سياسة استراتيجية بالنسبة لها لخدمة مصالحها في المنطقة.
وبعد عام من حكم مرسي (الفاشل) الذي اتسم بالتشويه والتوريط والإفشال والاستحمار، أخذ الجيش صاحب القرار الفعلي، القرار بالانقلاب على الشرعية الديمقراطية الموهومة، وأزاح مرسي واتهمه وجماعته بالحكم الديكتاتوري الفاشي، وأنهم يريدون حكماً دينياً، وأنهم روعوا الجماهير في مصر، وأنهم فشلوا في أن يكونوا ديمقراطيين.. وهكذا أصبح الإخوان داخل السجون باعتبارهم من يرعى الإرهاب ويروع العباد.
لقد تخلت أمريكا مرغمة عن عميلها المخضرم (مبارك) في مصر تحت وطأة الثورة الشعبية لكنها لم تفقد التحكم في المشهد السياسي، فقد كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أداة أمريكية صلبة، تقاتل بقوة من أجل الحفاظ على الهيمنة الأمريكية وعلى الحلف اللعين مع أبناء يهود، ولم يختلف هذا المشهد حتى أيام حكم مرسي للبلاد مما يؤكد رؤية شريف زايد.
وهكذا تسير الأمور في مصر باتجاه تأسيس دكتاتورية جديدة تحتضنها أمريكا راعية الإرهاب والإفساد في العالم. وإزاء هذا الوضع لم يتبقَ للأمة إلا مواصلة الكفاح السياسي حتى تقطع كل صلة بالحضارة الغربية وأذنابها في مصر والتصدي للنظام العلماني القائم وتقويض أركانه، والعمل الجاد لإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة على منهاج النبوة.
هذه هي رؤية السياسي المفكر شريف زايد التي شارك بها في المؤتمر العالمي الذي عقده حزب التحرير بقاعة الصداقة تحت عنوان (طوق النجاة؛ رؤية إسلامية صادقة للمعالجات المطروحة حول مشاكل السودان دون انتكاسات الربيع العربي) وقد حضر ذلك المؤتمر ثلة من المفكرين والسياسيين تزاحموا لحضوره من بلدان الربيع العربي من مصر الكنانة قاهرة التتار والصليبيين، من تونس القيروان أرض الرباط والجهاد، من سوريا الشام التي رفعت شعار (ما لنا غيرك يا الله)، من اليمن بيت الحكمة وعرين الأبطال، وتوافدت المكاتب الإعلامية لحزب التحرير من تلك البلدان إلى العاصمة الخرطوم لطرح رؤية دون انتكاسات الربيع العربي لعل أهل السودان يتعظون ويتنبهون ويستفيدون من أخطاء الغير حتى يستطيعوا خلع النظام الفاسد المتحكم في المشهد السياسي اليوم وإقامة نظام الإسلام.
وإنها فعلاً لرسالة عالمية مبدئية يباشرها حزب التحرير من أجل توعية الأمة والقيام بثورة إسلامية حقيقية وهذه دعوة للجميع في بلاد المسلمين؛ العلمانيون منهم والمخلصون لوضع ما يطرحه حزب التحرير من رؤية سياسية على طاولة النقاش والحوار باعتبارها رؤية لها أبعادها العالمية من كون الحزب يعمل في كل العالم وينشط في بلاد المسلمين داعياً الأمة لتبني مشروعها لخلاص البشرية من جور الأديان إلي عدل الإسلام، وقد نجح الحزب في الكثير من البلدان في تنظيم صفوف الأمة وجعل صوتها يعلو بالمطالبة بالخلافة الراشدة. فضلاً عن أن رؤيته تقوم على أساس الإسلام وهو يتحدث عن تفاصيل التفاصيل في المأكل والمشرب وكيفية توزيع الثروات وكيفية الحكم وكيفية مباشرة السياسة الخارجية وإدارة شؤون المال على أساس الإسلام فهي رؤية جديرة بالاحترام والدراسة والتطبيق.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام الدين أحمد أتيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان