الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

عن أي انتقال ديمقراطي تتحدثون؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هناك حرص واضح من قناة الجزيرة على إبراز أجندتها الخاصة التي تقف وراءها وبقوة دولة بحجم بريطانيا العجوز، هذا إذا تجاوزنا دويلة قطر التي لا تمتلك مشروعا حضاريا يتفق مع تلك الأجندة، أو أن لديها نموذجا ديمقراطيا تريد تصديره للعالم الإسلامي، فما هي إلا مجرد أرضية حاضنة لمؤسسة بحجم الجزيرة تتجاوز حجمها الهزيل في موازين القوى على المستوى الإقليمي والعالمي. تتمثل تلك الأجندة في محاولة مستميتة من الجزيرة للتغطية على حراك الأمة الواضح نحو الإسلام، ومشروعه السياسي المتمثل في دولة الخلافة، الذي برز وبشكل لافت في الثورة السورية، وتكاد أن تلحق به مصر الكنانة.


فنحن نلحظ كيف تريد الجزيرة أن تصور الحراك الشعبي والسياسي في بلاد الربيع العربي وكأنه صراع على التحول الديمقراطي، وكأن الديمقراطية هي دين العصر الذي يجب أن يتدين به الجميع، فقد قامت الجزيرة يوم الاثنين 26/5 بافتتاح منتداها الثامن وموضوعه التغيير بالعالم العربي، ويكاد أن يكون هناك إجماع من المشاركين الذين تم انتقاؤهم بعناية فائقة على أن حركة التغيير في العالم العربي ستستمر نحو تكريس الديمقراطية. ولوحظ من خلال اليومين الماضيين من وقائع المنتدى والكلمات التي ألقيت فيه تغييب واضح لحركة التغيير التي تجري في الشارع على أساس المشروع الإسلامي الحقيقي.


كما نلحظ أيضا محاولة الجزيرة تسويق الحالة التونسية باعتبارها نموذجا ناجحا، بل أنجح التجارب في دول الربيع العربي، ولماذا؟! لأنها بحسب الجزيرة أفضت إلى تشكيل حكومة ديمقراطية منتخبة، وكأن هذا هو الهدف الأسمى للثورات، أن نسعد جميعا في ظل حكومات ديمقراطية منتخبة بغض النظر عن برامج تلك الحكومات التي لن تخرج عما سيرسمه لها صندوق النقد الدولي من سياسات تُدمر اقتصاد البلاد وتفقر العباد، في إطار الهيمنة الغربية على مقدرات تلك الشعوب، بل وفي ظل تبعية لم تنقطع لدول الغرب وبخاصة أمريكا العدو اللدود للأمة.


ربما يكون صحيحا أن الناس قد خرجوا في بداية انطلاقة هذه الثورات ضد الظلم والفساد الذي عانوا منه لعقود طويلة، ولكن الأصح منه أن الأمة قد سئمت هذه الحكومات وتبعيتها لأعدائها، وكونها رأس حربة للوقوف في طريق توجه الأمة نحو إسلامها. والدليل على ذلك أن كلاًّ من طرفي النزاع الآن في مصر، على سبيل المثال، يحاول أن يصور الطرف الآخر باعتباره عميلاً لأمريكا والغرب وأداة للهيمنة والسيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها. وذلك لإدراكهما مدى كره الأمة لأمريكا، كما وأن هذا الطرف يتهم الطرف الثاني بأنه عدو للإسلام وشريعته، والآخر يصف منافسيه بأنهم تجار دين.


إن الصمود البطولي لأهلنا في سوريا، برغم التواطؤ الدولي الواضح تجاه ثورة الشام، ليس صمودا من أجل تحول ديمقراطي مزعوم تريد الجزيرة ومن يقف وراءها ترويجه باعتباره الغاية الكبرى والأمل المنشود لأبناء الأمة في سوريا، بل هو صمود من أجل مشروع الخلافة وتحكيم شرع الله، ورفض لكل المشاريع الاستعمارية التي يروج لها الغرب في بلادنا، وهو ليس رفضا لنظام بشار الأسد وحسب، بل هو رفض مماثل لحكومة الجربا وديمقراطيتها المزعومة. فالأمة لا تريد أن تستبدل نظاما ديمقراطيا حقيقيا - كما يدعون - بنظام ديمقراطي شكلي، بل هي تريد أن تعيش في ظل نظام من عند الله.


كما أن عدم توقف الحراك الثوري في الشارع المصري حتى الآن له سبب آخر غير ما تريد الجزيرة أن تبرزه، تحت ما تسميه الشرعية الديمقراطية أو استعادة المسار الديمقراطي، بل سببه ذلك الإحساس المتنامي لدى قطاع كبير من الثوار أن السلطة الجديدة تحمل مشروعا تغريبيا واضحا معاديا للإسلام تحت شعار محاربة الإرهاب.


هذه الأمة أمة إسلامية، إنْ في تونس أو سوريا أو مصر أو غيرها من بلاد المسلمين تتوق لليوم الذي تحكم فيه بالإسلام، وعقيدتها الإسلامية هي التي تدفعها لتقديم التضحيات تلو التضحيات، لتصل ثورتها إلى مداها، لتقيم الأمة دولتها التي تنعم في ظلها بتطبيق حكم الله في الأرض في ظل دولة خلافة على منهاج النبوة.

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع