الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

اتفاقية حقوق الطفل تسقط تحت قصف غزة!

بسم الله الرحمن الرحيم


تتجول الكاميرا بين جثث على شوارع حي الشجاعية، نساء لقين حتفهن وهن يرتدين الزي الشرعي وأطفال رقدوا في أمان وسكينة على الطرقات وهم يرتدون أحذيتهم، يظهر عليهم أنهم كانوا في طريقهم للفرار ولكن القصف الإسرائيلي استهدفهم. أما المصورون فقد نقلوا مشاهد للنزوح الجماعي من حي الشجاعية تتطابق مع صور النكبة عام 1967، نساء وأطفال وشيوخ راجلين فارين من القصف الصهيوني الذي استهدف المدنيين الآمنين وروع الأطفال والنساء والمسنين. إنها جريمة حرب مكتملة الأركان ضد مدنيين فارين عزل. بعد قصف ليلة كاملة وصل مستشفى الشفاء 100 شهيد ومئات الجرحى امتلأت بهم ممرات المستشفى وقدمت لهم الإسعافات على الأرض. هؤلاء وصلوا إلى المستشفى بينما بقي البعض عالقاً تحت أنقاض البيوت التي دمرها القصف العشوائي وقد استنجدوا ولكن حال الوضع بين طواقم الإنقاذ وبينهم وفر الآلاف خفافاً في ذعر من المنطقة. ظهرت مشاهد الأطفال الفارين وهم في حيرة وهلع وعلى وجوههم البريئة ألف سؤال وسؤال.


هذه الحرب الدنيئة تميزت بأنها حرب ضد الأطفال، اتخذهم العدو كدروع بشرية في توغله الميداني ووضعهم على مركباته. إنها حرب احتلت فيها مشاهد الأطفال الصدارة ولم يتمكن الإعلام المضلل من إخفاء جرائم ظاهرة اهتز من هولها مراسلوهم أنفسهم وأصبحوا ينشرون تفاصيل ما يرونه على فضاء تويتر وانستغرام إن ضاق بهم الحال وحيل بينهم وبين النشر. لم يتمكنوا من إخفاء استهداف الصبية من بني بكر بقذيفة ثانية وهم يلعبون على شاطئ غزة بعد القذيفة الأولى التي استهدفت هدفا لم يتم الإعلان عنه. لم تستطع أن تتستر على المجازر التي استهدفت أسرا كاملة لكي تبتر اسمها وتمحوها من الوجود، تقتل الجد والوالد والولد ونساء العائلة بل والجنين في بطن أمه. عائلات عرفناهم شهداء تنعيهم أمة بلا أمن وأمان لا تقوى سوى أن تقول حسبنا الله ونعم الوكيل.


هذه الهجمة البربرية على الأطفال تنقل للإعلام العالمي بشكل مختلف تماما عما نراه فعليا، إذ إن قتلى اليهود لهم قيمة كبيرة بينما قتلى الفلسطينيين (وإن كانوا أطفالا) هم ضحايا المقاومة وعلى نفسها جنت براقش! الصور التي تقض مضاجعنا لا تظهر في الإعلام الغربي لأن صور الجثث والأشلاء ممنوعة على الحس الغربي المرهف. هذا الحس الغربي الذي يتعاطف مع طفلة في إحدى المستعمرات (المستوطنات) وهي تحمل دميتها وتعالج من قبل فريق متخصص من آثار الخوف الذي أصابها من صوت قذائف المقاومة. هذا الإعلام الغربي ومن يتبعه من إعلام فاقد للهوية لا ينشر الرؤوس المهشمة ولكنه ينشر صور العائلات الإسرائيلية التي تقضي بعض الوقت في الملاجئ ومواسير المجاري المهيئة للطوارئ، يجلسون على المقاعد بينما أطفالهم يلهون ويلعبون.. ينشرون بتعاطف صورة عروس صهيونية تجلس في ملجأ مكيف وهي ترتدي فستان زفافها بعد أن أفسدت المقاومة يوم عرسها، يا لها من مأساة إنسانية! الإعلام الغربي يردد المواقف الرسمية لبلاده ويتضامن مع حق الكيان المحتل في الدفاع عن نفسه بغض النظر عن النسبة والتناسب بين نوعية الأسلحة أو الأهداف. الرأي العام في الغرب لا يكترث لحال أطفال غزة ولم تتحرك هيئاته العالمية التي تدعي الحفاظ على حقوق الطفل.


الكيان المحتل يستهدف الأطفال لأنه سُمح له بذلك ووجد تعاطفاً من الدول الكبرى التي تهيمن على النظام العالمي اليوم. هذه الدول الكبرى هي التي أعطت لإسرائيل الضوء الأخضر بانتهاك ما يسمى بالقانون الدولي وارتكاب جرائم حرب ولو أرادت أن توقف هذه المجازر لأوقفتها. ما فائدة القوانين والمواثيق والبروتوكولات إذا كانت رؤوس الأطفال ستهشم دون رادع أمام عيون الأشهاد؟! هل وجدت هذه المواثيق لكي تبتز بها الشعوب وتكون مبررا للتدخل في شؤونها الداخلية من أجل إعادة صياغة المجتمعات ونشر أفكار مناقضة لعقيدتها فقط؟! أليست هذه الهيئات التي لا يسمع لها صوت هي ذاتها التي ملأت الكون ضجيجاً وجندت الأقلام والمحطات لتغطية قصة فتاة من غزة تزوجت دون سن الثامنة عشر؟!


إن هذه هي حقيقة مواثيقهم التي يهلل لها البعض، إنها محصورة في إطار زواج القاصرات والبحث عن حالات التحرش وفرض المساواة بين الجنسين .. تدعي أنها تحمي الفتيات ولكنها تحميهن من أمن الأسرة ودفئها أما حمم العدو الصهيوني فلا وألف لا.. سكت ضجيج النسويات ودعاة حماية الطفولة وأصحاب الشعارات البراقة وبقي صوت القصف. ولم يبقَ من اتفاقية حقوق الطفل التي أقرها زعماء العالم في 1989 سوى الرسم. سقطت مع ضحايا القصف وانكشف القناع.


إن الأطفال مستهدفون في هذه الحرب ضد أهلنا في غزة من أجل المبالغة في الإيلام والانتقام واستهدافهم هو أداة حرب بشعة تتم في ظل صمت وتآمر العدو وخذلان الإخوة في الدين. الهجمة الصهيونية على غزة ليست حرباً كأي حرب، إنها حرب تستهدف الأطفال، تبتر أعضاءهم وتطحن رؤوسهم، إنها حرب لم تُخفِ ابتسامة الأطفال فقط بل محت ملامح وجوههم البريئة ولم يبقَ من الرأس سوى الهيكل ودماء زكية تناثرت في كل مكان. ترك القصف العبثي لأحياء غزة غيمة هائلة سوداء في سماء غزة وغيمة أكبر وأشد قتامة في قلب كل مسلم. باتت صور فلذات أكبادنا وهم مقطعون أشلاء تصاحبنا في كل طرفة عين طوال اليوم وربما مدى الحياة، نسترجعها ونستغفر الله على تقصيرنا وندعو على كل من خذلهم وخانهم وتآمر عليهم. وندعوه عز وجل أن يصلح حال جيوشنا ويغسلوا عنهم هذا العار والشنار الذي لحق بهم في الدنيا ونسأله عز وجل أن ينقذهم من عواقبه في الآخرة.


﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾



كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع