أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ!!..
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس غريباً أن نرى ونسمع هذه الحشود والتصريحات والمؤتمرات، ضد أمة الإسلام ودينها وحضارتها، ومشروعها الحضاري لإعادة دولة الإسلام، فهذا أمر طبيعي أن يحصل، وقد شهد رب العزة - في كثير من الآيات في كتاب الله عز وجل - بهذا العداء والحقد والحسد على هذه الأمة الكريمة من قبل أعدائها من الكفار؛ وخاصة اليهود والنصارى.. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 36]، وقال: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ [البقرة: 120]، وقال: ﴿...إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ [النساء: 101]، وقال: ﴿.. وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217]
لكن الغريب هو أن تصل الجرأة على دين الله، وعلى الشعوب المسلمة في بلاد المسلمين من قبل هؤلاء الحكام، إلى هذه الدرجة السافرة، وتسكت هذه الأمة الكريمة (خير أمة أخرجت للناس على وجه الأرض) على إجرامهم هذا، وبقائهم يتربعون فوق صدورها ونحورها!!
فما حصل في مؤتمر جدة ومؤتمر القاهرة 11 - 2014/9/13 هي حرب صريحة على دين الله وعلى أمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) في كل الأرض ضد تطلعاتها وغاياتها للانعتاق من ربقة الاستعمار وعملائه من الحكام، وضد مشروعها الحضاري العظيم لتطبيق وإعادة دينها إلى واقع حياتها، (مستغلين بعض الأخطاء التي تقع من بعض الجماعات، والصراعات التي وقعت بينها للأسف)، وهذا ما نطق به وزير خارجية أمريكا أمام حشد من الرويبضات (الحكام) في مؤتمر جدة حيث قال: "أن الاجتماع حقق تقدما، وأن التحالف ضد الإرهاب سيتسع... وقال: "على كل دولة مشاركة بهذا الاجتماع دور في مواجهة الإرهاب.."، وقد ظهر النفاق والولاء من الرويبضات حكام السعودية أمام وزير خارجية أمريكا؛ حيث قال وزير خارجية السعودية في مؤتمر جدة: "إن الدول المجتمعة "تتشارك الالتزام بالوقوف متحدة ضد الخطر الذي يمثله الإرهاب على المنطقة والعالم، بما في ذلك ما يعرف بتنظيم الدولة في العراق والشام" وأضاف: "إن الاجتماع حرص على الخروج برؤية موحدة لمحاربة الإرهاب عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا وفكريا..".
والأغرب من مواقف الحكام المخزية القبيحة الذليلة؛ هو موقف هؤلاء العلماء في العالم الإسلامي، ممن يتصدرون الفتوى والفضائيات والمنظمات الإسلامية، وروابط العلماء والدعاة.. وغير ذلك من أسماء ومسميات كاذبة.. ونخص من هؤلاء بعضا ممن يتبوءون مكانة رفيعة في اعتلائهم لمنبر الحرم المكي والمدني، بجانب الكعبة الغراء، وبجانب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضا ممن يتلقبون بالألقاب الكبيرة في الإفتاء؛ كمفتي الديار السعودية وبعض مشيخة الأزهر..، ومن البعض ممن يقرؤون القرآن بالقراءات العشر في محراب الحرمين المكي والمدني..
فهذا مفتي السعودية يفتي فيقول تأييدا لمؤتمر جدة وقراراته، وحربه على المسلمين، وذلك بحضور الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض 2014/9/19: "يجب على الخطباء محاربة أصحاب الأفكار والجماعات المنحرفة كالإخوان المسلمين، وغيرها من الجماعات ك "داعش" والنصرة....، داعيا إلى أن يكون موقف الخطيب وفق الضوابط الشرعية، وبأسلوب علمي لبيان أخطائها والتحذير منها، وإيضاح حقيقتها المخالفة للحق، مشيراً سماحته إلى أن هذه الجماعات دعواتهم مخالفة للحق وآرائهم مشتتة... ولا يجوز سباب المسئولين في منبر الجمعة، ووصف الجماعات المتطرفة ك "داعش" بالخوارج كونهم قتلوا المسلمين، وسفكوا الدماء وانتهكوا الأعراض، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هذه الجماعات ليس لها علاقة بالإسلام وإنما هي من صنع أعداء الإسلام"
وقال أحمد الطيب (شيخ الأزهر) في كلمة ألقاها أثناء استقباله لوزير الخارجية السعودي (سعود الفيصل) 2014/9/8: "إن هذا التنظيم (داعش) وكلّ المجموعات الإرهابية هم صنائع استعمارية، تعمل في خدمة الصهيونية العالمية لتنفيذ خطتها لتدمير المنطقة العربية، وإن هذه الجماعات الأصولية الإرهابية - أياً كان مسمّاها أو اسمها ومن يقف وراءها -، كل هؤلاء صنائع استعمارية تعمل في خدمة الصهيونية من أجل تنفيذ خطتها لتدمير المنطقة العربية!!...
ففي مثل هذه المناسبة - فيها إعلان الحرب على الأمة ودينها - كان الأصل في مثل هؤلاء؛ ممن يسمون علماء أن يقفوا في صف الأمة ضد أمريكا وكفرها وشرها وإجرامها لا أن يتصدروا الفتاوى التي تساعد أمريكا في مشروعها الإجرامي الكبير.. فلماذا تنطلق ألسنتهم أمام المسئولين ويصدرون الفتاوى أن داعش صفتها كذا.. ويجب حربها، ولا يصدرون الفتوى ضد إجرام أمريكا وحربها على الله ورسوله، ولماذا لا يصدرون الفتوى ضد خدام أمريكا من الحكام؛ الذين يسخرون البلاد والعباد وطاقات الأمة وأموالها في خدمة مشاريع أمريكا، ويحكمون بقوانينها الكافرة، وكيف يتجرءون على وصف الجماعات العاملة للإسلام، أو المجاهدة بأنها خارجة عن الإسلام أو إنها جماعات إرهابية؟!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ونفاقا ورياء، ودعما لمشاريع أمريكا وكيان يهود، وتثبيتا لهؤلاء المجرمين صنائع أمريكا من الحكام!!...
إننا نوجه الخطاب أيضا لمن رضوا لأنفسهم السكوت وعدم الكلام من العلماء، فنقول لهم: هل يوجد موقف أكبر من هذا يستحق وقفة لله عز وجل؟! وماذا أكبر من تعرض فكر الإسلام للخطر والتهديد وللتحريف في عقر ديار الإسلام؟!.. ألا يعز عليكم أن تحشد النصارى حشودها - على شكل أشبه ما يكون (بالحرب الصليبية في العصور الوسطى) -؛ يريدون وأد مشروع الأمة الحضاري والسيطرة على مقدراتها؟!، هل مسبة الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل بعض الحاقدين الجهلاء من هؤلاء أكبر من تعرض أمة بأكملها ومشروعها الحضاري للخطر؟!!
وهل الرسوم الكاريكاتيرية هي أكبر جرما من إعلان الحرب على دين الإسلام، وعلى من يعملون للإسلام تحت ذريعة أمريكا وكذبها (المسماة بالحرب على الإرهاب)؟!.. أين غيرة الإسلام عند هؤلاء العلماء، بل أين نخوة الدين في عروقهم، ألا يستحق كل هذا أن تتحرك الغيرة والنخوة في عروقهم؟!.. أين هم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» رواه الترمذي... أليس من ميراث النبوة أن يصدع هؤلاء العلماء بالحق - في وجه أمريكا وعملائها الحكام - كما كان يصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!.. أليس من ميراث النبوة أن يدافعوا عن حياض الأمة ومصيرها، ومقدراتها كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأبرار؟!.. ماذا دهاكم أيها العلماء في أرض الحجاز؛ وقد انعقد المؤتمر الصليبي الحاقد في عقر دياركم بجانب الحرمين؟!، ماذا دهاكم يا علماء الأزهر - إشعاع العلم ومنبت العلماء - لماذا السكوت على هذا المنكر العظيم؟!!
إن مثل هؤلاء العلماء إنما هو كمثل الحكام سواءً بسواءْ؛ في الحرب على الله ورسوله وأمته.. سواء منهم من سكت على المنكر أم من ساهم فيه وأيده، وسينالهم الخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة.. ولن ترحمهم الأمة عندما يمكنها الله من الظفر والنصر، ولا نخاله بعيداً..
وإننا ننصح لهم فنقول: "عودوا إلى رشدكم قبل أن تظفر بكم الأمة وتعاقبكم؛ تماماً كما ستعاقب حكامكم.. عودوا إلى دينكم قبل أن يأتي عليكم يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة.. تقولون لربكم: "ربنا ارجعنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل.."!!.. وتتبرؤون من قادتكم وكبرائكم وتقولون: ربنا هؤلاء أضلونا السبيلا.. ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا... ولكن هيهات أن تعودوا وهيهات أن ينفع الندم والتندم!!
إنه رغم وجود هذا الصنف المخزي في الأمة من الحكام الرويبضات والعلماء الأتباع، إلا أن هذه الأمة هي أمة الخير والهدى، أمة العلماء الأفذاذ في كل زمان ومكان، أمة الرجال الأبرار الأطهار... فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره» رواه الترمذي.. ويقول: «بشر هذه الأمة بالسناء والدين، والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب» أخرجه أحمد، ويقول: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك»، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس» وفي رواية هم بالشام، أخرجه الإمام أحمد، ويقول: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء». أخرجه مسلم
فهؤلاء العلماء المخلصون - ممن يقفون في وجه الكفر ومشاريعه وغاياته - يستحقون نصر الله عز وجلّ، ويستحقون تأييده رغم كل ما يصيبهم من لأواء، ومن عنت ومن سجون ومن غير ذلك، ولا يضرهم بإذنه تعالى من خالفهم من علماء السوء، ولا من خذلهم من حكام مجرمين.. وأن هذه الحرب التي انعقدت اليوم تحت لواء دول الصليب؛ هي حرب على الله ورسوله، قبل أن تكون على أمة الإسلام، ولن ينتصر أحد في حرب خصمه فيها العزيز الجبار ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: 33-34].. وفي هذا الظلم الشديد، والظلام الحالك سيبزغ فجر الإسلام بإذنه تعالى.. ولا نخاله بعيداً!!..
عندها يفرح أهل الإيمان، ويقطفون ثمرة إخلاصهم وصبرهم في دار الدنيا؛ بالتمكين والنصر والظفر بقيام دولة الإسلام.. ينعمون بعدلها وعزّها.. ويوم القيامة ينالون الجزاء العظيم الأوفى من الله عز وجل!!..، أما هؤلاء المنافقون والمجرمون والمتخاذلون من الحكام والعلماء الأتباع فسينالهم الخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة..
وصدق الحق القائل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: 5-6]، والقائل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواوَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: 38-39].. نسأله تعالى أن يكرم هذه الأمة الكريمة بالتمكين في الأرض عاجلا قريبا.. وأن يصرف عنها شرور الكفار، وعملائهم من الحكام وعلماء السوء، وأن يجعل كيدهم في نحورهم.. آمين يا رب العالمين
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب - بيت المقدس