الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
العلاقة بين السياسي والعسكري

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

العلاقة بين السياسي والعسكري

 

 

 

السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة، وسياسة الأمة الخارجية هي علاقتها بغيرها من الدول والشعوب والأمم، ونشر المبدأ إلى العالم.

 

فالأمة الإسلامية أمة جهاد تحمل الإسلام عن طريق الجهاد فتزيل الحواجز المادية الموجودة في طريق الدعوة إلى الإسلام وتفتح البلاد، والجهاد يكون بالمجاهدين وبالقوة التي تعد للقتال وبالقتال نفسه، فلا بد من بناء القوة العسكرية اللازمة من جيش وقوات مسلحة فهي الدرع الوحيد الذي تملكه الأمة ضد إرهاب الكفار الحربيين واحتمال غزوهم، وهي عماد السياسة الخارجية وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.

 

والأصل أن تكون لكل قوة عسكرية مرجعية سياسية تنقاد لها وتعطيها الولاء وتعمل وفق مخططها ومنهجها، فهي الأداة لإحراز النصر في ميدان القتال تحقيقا للأهداف السياسية.

 

والقيادة السياسية بنظرتها الواسعة والشاملة هي التي ترسم سياسة الحرب فهي التي تقدر الظروف والأحوال وتقرر إن كانت ستخرج للجهاد ومتى وبأي سرعة، وهي التي تنمي الإمكانيات الاقتصادية والبشرية والعسكرية بما يؤثر على عزيمة الخصم ومعنوياته وإرادته، وهي التي تحدد كافة المهام والأدوار بما تجد فيه مصلحة للأمة والدولة والدعوة.

 

في حين، الجهاز العسكري ينقصه البعد السياسي ولا يمكنه الأخذ بجميع الاحتياطات الداخلية والخارجية، فهو لا يدرك تأثير الأعمال السياسية، ولا دخل له بالرأي العام العالمي ولا بحمل الدعوة، وليس في حساباته القوى الروحية والقوى المعنوية ولا يدرك وسائل الدبلوماسية. 

 

والعسكري صاحب اختصاص في أعماله العسكرية، وكل تفكيره محصور بالمعركة وتوابعها من فنون القتال وأدواته (طائرات - مدافع - سفن حربية - قنابل ...) وكلها أشياء مادية يمكن قياسها ولمس نتائجها من نصر أو هزيمة، تقدم أو تقهقر، فتح أو انحسار، والقيادة السياسية وهي تقدر مكانة العسكري العالية فإنها تستشيره ويعطي رأيه غير الملزم فهو ليس من باب الشورى، ونصيحته إذا أُخِذت كانت قيّمة في موضوعها فقط، فلا يُسمَح بأن تسيطر اعتباراته العسكرية على رؤية القيادة السياسية وقراراتها وسيرها في السياسة الخارجية.

 

هذه العلاقة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية هي التي استمرت الدولة الإسلامية سائرة بحسبها قرونا من الزمن، فالرسول ﷺ هو الذي سير السرايا والجيوش ورسم الخطط الحربية وأخذ بآراء الصحابة العسكرية فيما رآه صوابا ويحقق الغاية، وهكذا سار الخلفاء من بعده في فتوح الشام والعراق وكانت القيادات العسكرية طوع أمرهم، حتى في تبديل الأدوار دون أي تذمر أو رفض أو محاولة إقناع كما حصل مع خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح.

 

وكانت تسيطر على سياستهم الخارجية القوى الروحية أولا ثم القوى المعنوية، أما الاعتبارات العسكرية فكانت ثانوية وفي المؤخرة، ثم اختل هذا الترتيب وسيطرت الاعتبارات العسكرية في بعض عصور الدولة الإسلامية كالعهد الثاني من عصر العباسيين وأواخر عصر العثمانيين وصار العسكريون يعطون رأيهم في دخول الحرب أو عدم دخولها جاعلين الاعتبار الأول هو قوتهم وقوة عدوهم.

 

فالخليفة المعتصم والذي بدأت الدولة العباسية بالضعف بعد خلافته، أراد أن يخمد القلاقل التي ظهرت في العصر العباسي فاستعان بالأتراك (وكانت أمه تركية الأصل) وأحضر أربعة آلاف جندي وبنى لهم مدينة سامراء وأقطعهم إقطاعيات كبيرة فيها حتى لا يضايق أهل بغداد، فكان أن استغلوا قوتهم ومكانتهم وصار لهم دور في الحكم وسيطروا على الإدارة والجيش وسلبوا الخلفاء إرادتهم وسلطتهم، فنصبوا من أرادوا وعزلوا من أرادوا أو قتلوه كما فعلوا بالخليفة المتوكل حين اتفق معهم ابنه المنتصر لأنه قدّم عليه أخاه المعتز ليكون خلفا له في الحكم، وسمي العصر العباسي الثاني بعصر نفوذ الأتراك فكان لهم النفوذ على الخليفة المعتز إلى أن قتلوه ومثلوا به، وكذلك في ولاية المهتدي وكانت له نفس النهاية.

والعصر العباسي الثالث كان عصر البويهيين، أما الرابع فكان عصر السلاجقة مما جعل الدولة تواجه خطرين؛ خطر الانقسامات الداخلية وخطر هجمات الروم الخارجية.

 

إن القيادات السياسية عند الغرب الكافر بما تحمله من مبدأ أو عقيدةٍ تسير سياستها الخارجية حسبها، تدرك أين يكون الدور لكل من القيادتين، ففي مقال تحت عنوان: "من يقرر الهجوم على إيران" نشرته صحيفة معاريف، يقول نتنياهو: "القيادة السياسية تقرر والقيادة العسكرية تنفذ"، في حين نجدها في سيطرتها السياسية على معظم البلاد العربية والإسلامية تجعل الجيش هو العنصر الحاسم في اختيار الحاكم العميل وضمان استمرار حكمه وعلاقته بغيره من دول العالم حسب ما هو مرسوم ومخطط. ولنا أمثلة في تدخل الجيش في الحكم، في تركيا ومصر وغيرها، وقد ظهر هذا جليا بعد الثورة في مصر حين أصبح الحكم بيد من أتى من القيادة العسكرية ليصبح الحكم حكما بوليسيا.

 

أما في ثورة سوريا اليوم فرغم قلة القوى المادية إلا أن القوى الروحية عظيمة، ووجود الوعي السياسي الذي ينميه حملة الدعوة في حزب التحرير، وتمسك الحاضنة الشعبية بالحل الإسلامي، جعل الكثير من الانتصارات العسكرية تتحقق واستشعر الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا بقرب النصر للمسلمين وإقامة الخلافة الإسلامية الراشدة، فكادت لهم أشد الكيد وبأساليب ووسائل متعددة مستعينة بحكام عملاء خاصة في تركيا والسعودية، قدموا الدعم السياسي والمالي القذر لكل من قصر نظرهم ووعيهم السياسي، وأغرتهم بالوعود بالمناصب والمكاسب، فكان آخرها هرولة بعض قيادات الفصائل العسكرية للمشاركة في مؤتمر الرياض والذي سيتطلب منهم بناء على مقرراته القبول بقتال إخوانهم المسلمين في الفصائل التي ستوضع على لائحة الإرهاب، أفشله الله كما أفشل سابقيه.

 

فلو كانت لهذه الكتائب نظرة سياسية لما كانت هذه حالهم ولما نظروا إلى أن النصر لا يكون إلا بقوة السلاح والعدد والعتاد، ولما انجروا وراء الأعمال التآمرية على ثورة الشام وعقدوا الهدن وانطلت عليهم المؤمرة والمقامرة.

 

لو كانت لهذه الكتائب قيادة سياسية لوجهتهم الوجهة الصحيحة، إلى العاصمة دمشق مركز قوة النظام ومعقله من بداية الثورة لإسقاط النظام، بدل أن ينشغلوا بتحقيق الانتصارات في المناطق البعيدة والأطراف إلى أن وصلوا المركز.

 

إن للغرب تجربة ناجحة في استعانته بعملائه في تركيا والسعودية في القضاء على الحكم الإسلامي وسقوط الدولة الإسلامية، ففي أواخر الدولة العثمانية وعن طريق سفارات الدول الكافرة في استانبول تم التحايل على العسكريين لجهلهم بالتفريعات السياسية الخفية وتم إغراؤهم بالمكاسب الشخصية على أنها مكاسب للبلاد، ولا ننسى محاولات الإنجليز المستمرة في إجبار الخليفة عبد الحميد الثاني على العمل في الدستور العلماني الذي وضعه الصدر الأعظم مدحت باشا بطلب منهم، لكن الخليفة والعلماء وكبار المسلمين وقفوا في وجهه فاقتصر التدخل بالتعاون مع فرنسا وألمانيا وروسيا على إدخال القوانين الغربية دون إدخال النظام، إلى أن قام رأس الحربة للغرب، مصطفى كمال وبفتوى من شيخ الإسلام فأصدر قرارا بخلع السلطان ووضع الدستور موضع التنفيذ.

 

وآل سعود عملاء الإنجليز استعانوا بالوهابيين لضرب الدولة العثمانية وأمدهم الإنجليز بالمال والسلاح عن طريق الهند، ومساندة فرنسا دوليا وسياسيا لعميلها والي مصر محمد علي باشا الكبير في إعلانه الحرب على الخلافة العثمانية...

 

إن السياسي الواعي يدرك حقيقة هؤلاء الحكام وأنهم لو كانوا فعلا يريدون خيرا لأهل سوريا وغيرهم من المسلمين لأرسلوا جيوشهم للقتال ولما قدموا مالهم القذر تحقيقا للأدوار التي أعطتهم إياها أمريكا تحقيقا لمصالحها وللحيلولة دون قيام خلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة.

 

فيا أمراء الكتائب والمجالس العسكرية في سوريا ما لكم وللتفاوض!! وما لكم وللتسويات السياسية!! فهذه ليست من أعمالكم، استجيبوا لنداءات حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله وتوحدوا على اتخاذه مرجعية سياسية، فشبابه ما فتئوا يقودون أهالي سوريا للقائكم وحثكم على التمسك بثوابت ثورة الشام وعدم الانجرار وراء مشاريع الغرب الكافر، وإن الإسلام بدولته قائم لا محالة فكونوا أنتم رجالها وأنتم جيشها، كونوا أبطالها وكونوا أنصارها.

 

 

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

أختكم: راضية عبد الله

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع