السبت، 26 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
مصطلح أهل السنة والجماعة الحلقة الثالثة السنة مقابل البدعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مصطلح أهل السنة والجماعة

 

الحلقة الثالثة

 

السنة مقابل البدعة

 

 

 

والأمر الثاني الملاحظ هو قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المشهور الذي أخرجه الإمام مسلم وغيره من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «مَنْ سَنَّ في الإِسْلام سُنةً حَسنةً فَلَهُ أَجْرُهَا، وأَجْرُ منْ عَملَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينْقُصَ مِنْ أُجُورهِمْ شَيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإِسْلامِ سُنَّةً سيَّئةً كَانَ عَليه وِزْرها وَوِزرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بعْده مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزارهمْ شَيْءٌ».

 

فهنا عدَّ المصطفى rالإسلام سنناً حسنة، يقابلها بدعٌ تخرج العامل بها عن الطريقة، لترميه في أحضان البدعة أي الخروج عن السنن أي المنهج أو الطريقة التي ترك الرسول rالمسلمين عليها، على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولا يتنكبها إلا ضال، ومجموع هذه السنن الحسنة يشكل طريقة الإسلام في العيش التي أمرنا بالالتزام بها عضّاً بالنواجذ على كل ما فيها.

 

لقد جاء الإسلام نظام حياة كامل، من خرج عنه ابتدع، ومن ابتدع ضل:

 

هذا الحديث «مَنْ سَنَّ في الإِسْلام سُنةً حَسنةً» فإنما يعني من فتح طريقا إلى سنة مشروعة[1]، لأن كون السنة حسنة أو سيئة لا يمكن معرفتها إلا من طريق الشرع وليس من طريق العقل، فلا ينبغي لإنسان أوتي ذرة من إيمان أن يحسن أو يقبح بعقله، أي أن السنة في لغة الشرع تشمل كل الأحكام الشرعية، فهي الطريق التي سار عليها نبينا صلوات الله وسلامه عليه، وتقسيم ذلك إنما يُفهم من نصوص الكتاب والسنة.

 

وفي سنن الدارمي كتاب المقدمة: ‏عن ‏أبي عبد الرحمن ‏قال: قال عبد الله:‏ ‏"اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم". فالاتباع يعني ولا شك العيش وفق طريقة العيش المحددة التي مثلها كالبيضاء.

 

من هنا كان طبيعيا أن يفهم ابن سيرين رحمه الله تعالى أن الناس إما أهل سنة، وإما أهل بدعة، فهو أول من ورد في كلامه كلمة أهل السنة مقابل أهل البدعة، ولم يكن يعني توصيف فرقة أو طائفة من المسلمين مقابل فرق أخرى كالمعتزلة والجبرية، إذ في زمانه لما يتبلور ذلك المفهوم بعد، وإنما أخذ مباشرة من الحديث أنك إما أن تقيم السنة أو تعمل بالبدعة!

إحياء السنة: العمل بها وتطبيقها عمليا

 

عن ‏كثير بن عبد الله ‏عن ‏‏أبيه ‏عن ‏جده أن النبي rقال ‏لبلال بن الحارث: ‏‏«اعْلَمْ!» قَالَ: مَا أَعْلَمُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «اعْلَمْ يَا بِلَالُ!» قَالَ: مَا أَعْلَمُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَنَّهُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي فَإِنَّ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةَ ضَلاَلَةٍ لاَ يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِ النَّاسِ شَيْئًا».

 

قال أبو عيسى ‏هذا ‏حديث حسن، سنن الترمذي، وابن ماجه، وقال السندي في شرح سنن ابن ماجه: ‏قيل: المراد بالسنة هنا ما وضعه رسول الله rمن الأحكام، وهي قد تكون فرضا كزكاة الفطر وغير فرض كصلاة العيد وصلاة الجماعة وقراءة القرآن من غير الصلاة وتحصيل العلم ونحو ذلك، وإحياؤها أن يعمل بها ويحرض الناس ويحثهم على إقامتها.

 

وروى الترمذي ‏عن سعيد بن المسيب ‏قال: قال ‏أنس بن مالك: ‏قال لي رسول الله r: ‏‏«يَا بُنَيَّ، إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ فَافْعَلْ» ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الجَنَّةِ». وفي الحديث قصة طويلة ‏قال ‏أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. ووقع في بعض نسخ الترمذي: «فَقَدْ أَحْيَانِي وَمَنْ أَحْيَانِي».

 

وفي أول مسند الكوفيين روى الإمام أحمد ‏عن البراء بن عازب «أَنّ النَّبِيَّ rرَجَمَ يَهُودِيًّا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أَمَاتُوهَا».

 

فإحياء السنة العمل بها وتطبيقها نظام حياة،

 

من هنا فسنة الإسلام: طريقة الإسلام في العيش، الخضوع للإسلام وأحكامه واتخاذها طريقة في العيش، فمن أحيا سنتي، أي من أحيا طريقة العيش التي رسمتها للمسلمين وهو المنهاج الذي اختاره الله سبحانه لكم لتعيشوا على أساسه، لضبط علاقاتكم مع أنفسكم ومع غيركم ومع الله تعالى على أساسه، فهو قيادتكم الفكرية، التي عليكم أن تحملوها وتدعو العالم إليها، وقاعدتكم الفكرية، التي ينبني عليها كل فكر، وكل طريقة، أي بيان كيفية التنفيذ للمعالجات التي وضعتها الشريعة لمشكلات الإنسان، وبيان كيفية المحافظة على العقيدة، وبيان كيفية حمل الدعوة للمبدأ الإسلامي، وهذه القاعدة الفكرية أيضا هي التي تنبثق منها وعلى أساسها كل معالجة تعالج جميع مشاكل الحياة، ويتعين على أساسها الاتجاه الفكري للإنسان ووجهة نظره في الحياة.

 

قال الزمخشري: "سن سنة حسنة: طرق طريقة حسنة، وفلان متسنن، عامل بالسنة".[2]

 

وقال الشريف الجرجاني: "السنة في اللغة الطريقة مرضية كانت أو غير مرضية، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب"،

يتبين مما ذكر أن (السنة) في أصل الاستعمال اللغوي هي السيرة والطريقة بضميمة معاني الاتباع والاقتداء[4]، وفي الاستعمال الشرعي ما رغب الشارع في فعله على وجه الندب لا على وجه الوجوب، وما صدر عن الرسول rمن قول وفعل وصفة، وأصل من أصول التشريع، وطريقة الإسلام في العيش، أي الكيفية التي طبق وفقها الرسول rالإسلام، وكلها فيها معاني الإلزام بالاتباع بقرائن كثيرة منها وصف الخروج عنها بالابتداع.

 

الجماعة:

 

قال الخليل بن أحمد في معجم العين: "الجمع مصدر جمعت الشيء، والجمع أيضا: اسم لجماعة الناس، والجماعة عدد كل شيء وكثرته".[5]

 

وقال ابن دريد: "والجمع خلاف التفريق، جمعت الشيء أجمعه جمعا إذا ضممت بعضه إلى بعض (…) وفلاة مجمعة يجتمع فيها القوم ولا يفترقون خوف الضلال".[6]

 

قال ابن فارس: "جمع: الجيم والميم العين أصل واحد يدل على تضام الشيء".[7]

 

وقال الراغب الأصفهاني: "الجمع ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض، ويقال للمجموع جمع وجميع وجماعة، والجماع يقال في أقوام متفاوتة اجتمعوا".[8]

وحاصل هذه الشروح اللغوية يدل على أن الجماعة اسم لعدد من الناس متضام ومؤتلف ومتقارب في الآراء.[9]

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك


[1] كمثال: الصدقة من سنن الإسلام المشروعة، فمن فتح طريقا حسنا إلى سنة الصدقة، كأن يخترع سبيلا جديدا يفضي إلى إقامة الصدقة فله أجر من عمل بهذه الطريقة الجديدة، فأول من فتح باب ماء السبيل مثلا سبيلا للصدقة، فقد سن في الصدقة طريقة وسبيلا جديدا له أجر من عمل به إلى يوم القيامة.

[2] الزمخشري، أساس البلاغة، ص: 310.

[3] الجرجاني، التعريفات، ص: 134.

[4] أهل السنة والجماعة، الدكتور أحمد زقاقي

[5] الخليل بن أحمد، معجم العين، 1/ 239- 240

[6] ابن دريد، جمهرة اللغة، 2/103

[7] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 1/ 479.

[8] الراغب الأصفهاني، معجم مفردات القرآن، ص: 94- 95.

[9] “أهل السنة والجماعة”: حقيقة الإسم والمسمى بين مطالب الوضوح وجاذبية الواقع المنحرف شبكة ضياء

 


لمتابعة باقي حلقات السلسلة

 

اضغط هنا

 

Cover

 

 

 

 

 

 

 

 

وسائط

1 تعليق

  • إبتهال
    إبتهال الجمعة، 30 كانون الأول/ديسمبر 2016م 12:43 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع