- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مصطلح أهل السنة والجماعة
الحلقة الثالثة عشرة
ظهور الجبرية الجهمية
كانت هذه طائفة القدرية، وعلى النقيض منها كانت طائفة الجبرية، وكان أولهم الجهم بن صفوان، ولذلك يسمون أيضا: الجهمية، كان يقول إن الإنسان مجبور لا اختيار له ولا قدرة له، وإن الله قدر عليه أعمالا لا بد أن تصدر منه، وإن الله يخلق الأفعال في الإنسان كما يخلق في الجماد، والإنسان كالريشة في مهب الريح. وإلى جانب القول بالجبر نفت الجبرية صفات الله تعالى جملة وتفصيلا، نفت أن تكون لله تعالى صفات غير ذاته، وأن ظاهر الصفات المذكورة في القرآن مثل السميع والبصير يفضي إلى مشابهة المخلوقات، وهو مستحيل على الله تعالى، فيجب تأويل ذلك، وقال أيضا إن القرآن مخلوق، فكانت مسألة الجبر تفضي إلى ترك العمل والتعطيل والركون للقدر، ومسألة الصفات أفضت لنفي صفات الله تعالى.
ظهر مذهب الجبرية في ترمذ، وخراسان،
ظهور المعتزلة وذوبان القدرية والجهمية في مذهب المعتزلة والمذاهب الأخرى
ثم بعد حين ذاب مذهب الجبرية ومذهب القدرية في غيرهما من المذاهب، وقد وافق بعض مفكري المعتزلة القدرية في قولهم بقدرة الإنسان وفعله وانفرادها واستقلالها دون الله تعالى، ونفت المعتزلة أن الأشياء بقدر الله تعالى وقضائه، ووافق بعض مفكريِ المعتزلة الجهمية في نفي الصفات عن الله تعالى، وفي خلق القرآن، والمعتزلة لا يرضون أن يسموا بالقدرية ولا بالجهمية.
كانت هذه الأحداث جلها في زمن الحسن البصري رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وكان واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد في حلقة الحسن البصري، فاعتزلاه على أثر طرح النقاش في قضية مرتكب الكبيرة، فقد قررا أن مرتكب الكبيرة لا مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا (تذكر أن الخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة)، بل هو في منزلة بين المنزلتين، فسموا من أجل ذلك بالمعتزلة، وهذا التأصيل لاسم المعتزلة بسبب اعتزال حلقة البصري ضعيف كما يرى الأستاذ أحمد أمين في كتاب فجر الإسلام، وقيل لأنهم اعتزلوا كل الأقوال المحدثة، فخالفوا القول في مرتكب الكبيرة بين رأي المرجئة التي تقول بأنه مؤمن لا يضره مع الإيمان شيء، ورأي الخوارج، الذين يكفرونه، ويبيحون دمه، وكان الحسن البصري يقول بأن مرتكب الكبيرة منافق، فاعتزل واصل هذه الآراء كلها وقال بأنه في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، قال عبد القادر البغدادي في كتاب الفرق بين الفرق: إن الحسن البصري لما طرد واصلا من مجلسه واعتزل عند سارية من سواري مسجد البصرة وانضم إليه صديقه عمرو بن عبيد قال الناس يومئذ: إنهما قد اعتزلا قول الأمة، وسمي أتباعهما بالمعتزلة.
وأهم مبادئ الاعتزال القول بالمنزلة بين المنزلتين، والقول بالقدر، وأن الله لا يخلق أفعال الناس ولا يجبرهم، وأنهم مخيرون تخييرا كاملا، وأنهم من أجل ذلك يثابون ويعاقبون، وأن الله تعالى المتصف بالعدل المطلق، والقول بالتوحيد، فنفوا عن الله تعالى صفات العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر نفوا أن تكون غير ذاته، بل الله عالم وقادر وحي وسميع وبصير بذاته، وليس بصفات زائدة على الذات، والقول بوجود صفات قديمة يفضي لتعدد القدماء أي تعدد الآلهة، وتأولوا الآيات التي تثبت الصفات والتي يفهم منها أن لله تعالى صفات كصفات المخلوقين، خاصة في ظل وجود المجسمين مثل مقاتل بن سليمان.
ومن مبادئهم أن التحسين والتقبيح عقليان، ولو لم يرد بهما شرع، فصفات الحسن والقبح ذاتية في الشيء، وتأثرت / استفادت المعتزلة بالفسلفة اليونانية، وهم أصل علم الكلام وإليهم يرد أصل طرح أغلب مسائله، ومن جاء بعدهم إما رد عليهم أو وافقهم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك
لمتابعة باقي حلقات السلسلة