- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مصطلح أهل السنة والجماعة
الحلقة الحادية والعشرون
ثانيا: حديث تفترق أمتي
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه التّرمذي في جامعه (رقم 2640)، وأبو داود (رقم 4596) في سننه ومن طريقه البيهقي في السّنن الكبرى 208/10 رقم (20901)، وابن ماجه في سننه (رقم 3991)، وابن حبّان في صحيحهِ 140/14 رقم (6247) وفي 125/15 رقم (6731)، والحاكم في المستدرك (رقم 10 و441 و442)، وأحمد 124/14 رقم (8396) كلّهُم من طُرُقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً».
رواية راشد بن سعد عن عوف: أخرجها ابن ماجه في سننه (رقم 3992)
عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «الْجَمَاعَةُ» وعبّاد هو ابن يوسف الكِندي وقد وثّقه ابن ماجه، وقال الذّهبي في الكاشف (رقم 2582): "صَدوقٌ يغرُب". وقال في المغني (رقم 3059: لَيْسَ بِالْقَوِيّ)
رواية قتادة عن أنس:
أخرجها ابن ماجه في سننه (رقم 3993) قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ، إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ: الْجَمَاعَةُ».
وقد قوّى هذا الإسناد بعض الحفّاظ، فقال الضّياء المقدسي: "إِسْنَادهُ حَسنٌ". وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنّهاية 37/19: "وَهَذَا إِسْنَادٌ قَوِيٌّ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ".
قال الدكتور حاكم المطيري[2]: وغمز في قوة صحته (أي الحديث برواياته) شيخ الإسلام ابن تيمية ـ مع أنه يصححه ـ فقال "فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان، مع أن حديث "الثنتين والسبعين فرقة" ليس في الصحيحين، وقد ضعفه ابن حزم وغيره، لكن حسنه غيره أو صححه، كما صححه الحاكم وغيره"[3].
وقال الشوكاني "زيادة "كلها في النار" لا تصح مرفوعة ولا موقوفة"[4]
وخلاصة دراسة الدكتور المطيري للحديث نتيجتها:
نتائج البحث
وبعد جمع كل طرق هذا الحديث المشهور، ودراسته دراسة نقدية إسنادية، وصل الباحث إلى ما يلي:
1 ـ ثبت أن حديث عوف بن مالك منكر لضعف عباد بن يوسف، ولتفرده بهذا الحديث، ومخالفته الثقات الذين رووا الحديث عن صفوان، حيث خالفوه في إسناد وجعلوه من حديث معاوية بن أبي سفيان ليثبت بذلك أنه لا أصل له عن عوف بن مالك، وأنه خطأ من عباد بن يوسف ولم يتابع عليه.
2 ـ كما ثبت ضعف حديث معاوية لأن مداره على أزهر بن أبي عبد الله، وهو ناصبي غال، يسب عليا رضي الله عنه، وقد طعن فيه أبو داود وذكره ابن الجارود في الضعفاء، وقد تفرد بهذا الحديث عن معاوية، مما يقضي بأنه منكر وأحسن أحواله أنه حديث ضعيف.
3 ـ وكذلك ثبت ضعف حديث عبد الله بن عمرو وأنه حديث منكر، لأن مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهو شديد الضعف منكر الحديث، وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه، وقد اشتهر برواية الغرائب والمناكير، ورواه بالعنعنة، وهو مشهور بالتدليس بل شر أنواعه وهو التدليس عن المتروكين مما يدل على أنه حديث منكر، ولا أصل له عن عبد الله بن عمرو.
4 ـ كما ثبت أيضا أن حديث سعد بن أبي وقاص حديث منكر، إذا مداره على موسى بن عبيدة، وهو منكر الحديث لا يكتب حديثه، وقد تفرد بهذا الحديث ولم يتابع عليه من حديث سعد مما يقضي على حديثه هذا بالنكارة.
5 ـ وكذا ثبت أن حديث عمرو بن عوف المزني باطل لا أصل له، إذا مداره على كثير بن عبد الله، وهو منكر الحديث جداً، يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة وهذا الحديث منها.
6 ـ وثبت أيضاً أن حديث أبي أمامة في الافتراق مداره على أبي غالب، وقد ضعفه النسائي، وقال عنه ابن سعد وابن حبان: "منكر الحديث"، وقد اختلف عليه الرواة الذين ذكروا حديث الافتراق عنه، وقد كشفت رواية حماد بن زيد وداود بن أبي السليك أن حديث الافتراق موقوف على أبي أمامة من كلامه لم يرفعه إلى النبي r، فوهم عليه بعض الرواة وجعلوه مرفوعاً، وعلى كل حال فتفرده بهذا الحديث مع ضعفه يجعل حديثه هذا في عداد المناكير على فرض ثبوت الرواية عنه مرفوعة، فكيف وقد جاءت أيضاً موقوفة وهو الصحيح؟
7 ـ كما ثبت أيضا أن حديث أنس مع كثرة طرقه عنه ليس فيها إسناد واحد صحيح ولا حسن بل ولا ضعيف، بل مدارها كلها على المتروكين كيزيد بن أبان الرقاشي، وقد قال عنه مسلم "متروك الحديث"، ومبارك بن سحيم وهو "متروك"، وزياد النميري وهو "منكر الحديث" كما قال ابن حبان، وابن لهيعة وهو "متروك بعد اختلاطه" وقد رواه بالعنعنة وهو مشهور بالتدليس، وسليمان بن طريف وهو "منكر الحديث" ومتهم بالوضع، ونجيح بن عبد الرحمن وقد قال عنه البخاري: "منكر الحديث"، وسعد بن سعيد وهو "متروك الحديث" كما قال النسائي، وهذه كل طرقه عن أنس، لا يصح منها شيء، فبان خطأ قول الشيخ الألباني بأنه صحيح قطعا عن أنس اغترارا برواية قتادة المعلولة المدلسة عن الرقاشي.
8 ـ كما ثبت أن حديث أبي هريرة هو أحسنها حالاً - وإسناده حسن - وليس في حديثه زيادة: "كلها في النار إلا واحدة"، ومداره على محمد بن عمرو الليثي وهو صدوق له أوهام، وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولهذا تجنب مسلم تخريج حديثه هذا، مع أنه أخرج له أحاديث أخرى في المتابعات،
وعلى كل فكل طرق هذا الحديث مناكير وغرائب ضعيفة ومنكرة، وأحسنها حالا حديث أبي هريرة وهو حديث حسن، مع تساهل كبير في تحسينه لتفرد محمد بن عمرو به، وهو صدوق له أوهام خاصة في روايته عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولهذا كان القدماء يتقون حديثه كما قال يحيى بن معين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك
لمتابعة باقي حلقات السلسلة