الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بيجين +25: هل سقط قناع المساواة بين الجنسين؟  الكلمة 3: أجندة بيجين وإملاءاتها للحكومات لعلمنة أحكام الشريعة الإسلاميّة وآثارها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بيجين +25: هل سقط قناع المساواة بين الجنسين؟

 

الكلمة 3: أجندة بيجين وإملاءاتها للحكومات لعلمنة أحكام الشريعة الإسلاميّة وآثارها

 

 

 

 

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى صحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدّين، أحيّيكنّ بتحيّة الإسلام، فالسّلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته.

 

بعد أن نجح في إقصاء الإسلام عن تسيير هذه الحياة، عمل الغرب - ومنذ قرون - على فرض وجهة نظره على المسلمين وعلى الإنسانيّة عموما ليحتلّ بذلك مركز قيادة العالم وفق ما تحمله حضارته الغربيّة الرّأسماليّة من مفاهيم تدعو إلى إطلاق الحرّيّات بأنواعها... وقد اتّجه بهذه المفاهيم نحو المرأة ليقينه بدورها الأساسيّ في بناء الأجيال وفي تقدّم المجتمع وتنميته وسعى جاهدا لفرض رؤيته الغربيّة العلمانيّة للمرأة على بلاد المسلمين والعالم بل عمل وما زال على أن تكون نظرته نظرة عالميّة شاملة تسير عليها كلّ بلاد العالم وخاصّة بلاد المسلمين، ووظّف كلّ الوسائل لتمريرها وفرضها على الدّول فصادق عليها في الاتّفاقيّات والمؤتمرات الدّوليّة برعاية منظّمة الأمم المتّحدة. ومنها مؤتمر بيجين للمرأة الذي يحتفل هذه السنة بمرور خمس وعشرين سنة على عقده. يرسّخ فيه الغرب كلّ خمس سنوات علويّة ما نصّ عليه من بنود وما نهجه من عمل ويضرب كلّ الأحكام والمفاهيم السّائدة في المجتمعات التي يعتبرها بالية غير مواكبة للعصر. وقد ركّز اهتمامه على أحكام النّظام الاجتماعيّ، فعمد إلى تضليل المرأة المسلمة وحرفها عن دينها بنشر مفاهيمه الفاسدة التي توهمها بالمساواة مع الرّجل وبالتّمكين والتّحرّر.

 

وقد ساهمت الحركات النّسويّة بشكل كبير ومهمّ في تركيز النّظرة الغربيّة للمرأة وتجميلها لتستحسنها المرأة المسلمة وتتبنّاها منخدعة بما ترفعه هذه الحركات من شعارات برّاقة تجرّ وراءها النّساء الضّعيفات كما يجرّ الضّبّ فريسته إلى الجحر.

 

هذه النّظرة العالميّة التي يحاول الغرب أن يجعل المسلمين والإنسانية عامّة يدورون حولها قد ألحقت أضرارا جسيمة بالمرأة والأسرة والمجتمع ونتجت عنها مشاكل لا حصر لها... كيف لا وقد تجاهلت الطّبيعة البيولوجيّة للمرأة بوصفها حاملة للجنس البشريّ ووضعت ذلك جانبا واعتبرته هامشيّا لا أثر له، وهو ما يناقض الواقع، إذ ينبغي أن يكون ذلك عاملا أساسيّا في تحديد الأدوار والحقوق بين الطّرفين في العلاقة الزّوجيّة والحياة الأسريّة. ناهيك عن تشجيع النّسويّة الرّجل والمرأة على تحديد حقوقهما وواجباتهما بأنانيّة وفقا لرغباتهما الشّخصيّة وخياراتهما الفرديّة وجعلت النّظرة التي نظّمت علاقة الرّجل بالمرأة قائمة على أساس النّوع الجنسي (إناثا أو ذكورا) فبنت الحياة الأسريّة على حبّ الذّات والمصلحة متجاهلة ما يوفّر الخير للزّوجين وللأطفال ويؤمّن حياة عائليّة هادئة ويضمن للمجتمع الأمن والاستقرار والتّقدّم.

 

إنّها وباختصار، تهدف إلى تفكيك الأحكام الشّرعية المتبقّية والمتعلّقة بالنّظام الاجتماعيّ وببنية الأسرة المسلمة تحديدا. وهذا ما قد ترجمته مختلف البنود التي تضمّنها إعلان بيجين، من ذلك ما نصّ عليه البند 232 (أ): "إعطاء الأولويّة لتعزيز وحماية تمتّع المرأة والرّجل بالكامل وعلى قدم المساواة بكلّ حقوق الإنسان والحرّيّات الأساسيّة من دون أيّ نوع من التّمييز على أساس العرق أو اللّون أو الجنس أو اللّغة أو الدّين". كما سعى هذا المنهاج إلى تحطيم ما سمّاه النّظرة النّمطيّة المعهودة للأسرة (رجل وامرأة) ليدعو إلى أشكال متعدّدة لها (رجل ورجل) أو (امرأة وامرأة) فنصّ في بنده التّاسع والعشرين (29) "...وتوجد أشكال مختلفة للأسر في النظم الثقافية والسياسية والاجتماعية المختلفة" وهذه دعوة ضمنيّة للاعتراف رسميّاً بهذا الكيان الشّاذّ وبالأطفال الذين يُضمّون إليه بواسطة التّبنّي أو التّلقيح الاصطناعيّ أو نظام (تأجير الأرحام).

 

- كما طالبت الوثيقة برفع سنّ الزّواج واستنكرته حين يكون مبكّرا إذ تراه عائقا أمام المرأة لتحقيق ذاتها وطموحاتها (البنود 39، 71، 93، 107 وغيرها) وهو ما يتناقض مع بنودها الأخرى التي تعطي الحقّ للمرأة والفتاة في التّمتع بحياة جنسيّة مع من تريد، وفي أي سنّ خارج إطار الزّواج وتقديم النّصيحة لهنّ ليكون هذا التمتّع مأمون العواقب (انتقال عدوى الإيدز) كما وتضمن لهنّ الحقّ في الإجهاض في حال عدم الرّغبة في الإنجاب. فلا تعدّ المعاشرة الجنسيّة عائقا! ولا عيبَ في حمل الفتاة أو المرأة بالسّفاح! أمّا الزّواج الشّرعيّ فمرفوض لأنّه مبكّر ومعيق لها لتحقّق آمالها وأحلامها!!

 

أخواتي الكريمات، استفحل الدّاء والوباء الذي يريد أن ينهش جسد الأسرة ويحطّم المجتمع... انتشرت الأفكار والمفاهيم المسمومة التي تهدف إلى تدمير البقيّة الباقية من أحكام الإسلام في مجتمعنا، فتمّ إنشاء مؤسّسات دوليّة وإقليميّة ومحلية لتحقيق هذه الأهداف المدمّرة التي تدّعي النّهوض بالمرأة ووضع قضاياها في مقدّمة الأجندة العالميّة والسّير قدما لتعزيز مكتسباتها في كلّ أرجاء العالم... وتشمل هذه المؤسّسات مكاتب ولجاناً ووكالات ووزارات يتمحور عملها - جميعها - حول "قضيّة" المرأة وحقوقها.

 

- فعلى الصّعيد الدّوليّ، عُيّنت جهات لتكون مسؤولة عن متابعة تنفيذ الأجندات العالميّة، ودعا إعلان بيجين العالم إلى دعمها للوصول إلى تحقيق الأهداف المرسومة، وتأتي منظّمة الأمم المتّحدة في طليعة هذه المؤسّسات وقد نصّبت نفسها النّصير العالميّ الرّئيسيّ لقضايا المرأة والفتاة، فهي تساعد الدّول الأعضاء على وضع معايير عالميّة لتحقيق المساواة بين الجنسين، وإدراج قضيّة المرأة في المؤسّسات التي تُعنى بالاقتصاد والتّنمية والثّقافة والبيئة، كما تعمل مع الحكومات والمجتمع المدنيّ لتصميم القوانين والسّياسات والبرامج والخدمات اللاّزمة لضمان تنفيذ تلك المعايير.

 

وبذلك أصبحت الأمم المتّحدة والمؤسّسات التّابعة لها (منظّمة الفاو واليونيسيف واليونسكو ومنظّمة العفو الدّوليّة ومنظّمات حقوق الإنسان...) منبراً كبيراً لإشاعة الفساد في البلاد الإسلاميّة، وجبهة قتال ضدّ القيم والمفاهيم الإسلاميّة. هذا إضافة إلى إلزام البنك وصندوق النّقد الدّوليين وغيرهما من المؤسّسات المانحة بدعم منهاج عمل بيجين بربط القروض التي تسندها للدّول بتنفيذ إصلاحات ضمن استراتيجيّات وأهداف بيجين.

 

- أمّا على الصّعيد الوطنيّ وعلى مستوى الدّول العربيّة خاصّة، فقد تمّ وضع آليّات وطنيّة لدعم ومساندة المؤسّسات والمنظّمات الدّوليّة في أداء دورها وتحقيق أهدافها، فأنشأت كلّ الحكومات المصادقة على منهاج عمل بيجين مؤسّسات عدّة ومتنوّعة للنّهوض بالمرأة ولتحقيق المساواة بين الجنسين:

 

فتمّ في لبنان مثلا استحداث مكتب وزير دولة لشؤون المرأة (في الحكومة الحاليّة صار يطلق عليه مكتب وزير للتّمكين الاقتصاديّ للنّساء والشّباب)... في مصر: نصّ الدّستور في المادّة 214 منه على استقلاليّة المجلس القوميّ للمرأة، وأن يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين واللّوائح المتعلّقة باختصاصات عمل المجلس في مجال حماية وتمكين المرأة المصريّة... في فلسطين المحتلّة: أنشئت وزارة خاصّة بشؤون المرأة وعدد من اللّجان النّسوية كلجنة توجيهيّة لمراكز تمكين النّساء، ولجنة فنّيّة لمراجعة منظومة التّشريعات النّاظمة للأحوال الشّخصيّة والمدنيّة... وفي تونس: تمّ إحداث لجنة الحرّيّات الفرديّة والمساواة عام 2017 بأمر رئاسيّ، عُهد إليها مهمّة إعداد تقارير عن الإصلاحات التّشريعيّة المتعلّقة بالحريّات الفرديّة والمساواة وفقا للمعايير الدّوليّة لحقوق الإنسان والتّوجّهات المعاصرة في مجال الحرّيّات والمساواة. في تركيا: تمّ تعزيز المديريّة العامّة المعنيّة بوضع المرأة، بسلطات خاصة بصفتها فرعًا لوزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية حسب القرار الرئاسي عدد 1 ... وفرضت تغييرات قانونيّة في الدّستور التركيّ، بما في ذلك الفصل 90، الذي جعل اتّفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة واتّفاقيّة إسطنبول فوق التّشريعات الوطنيّة. وهكذا تمّ تعديل القانون المدنيّ التّركيّ وقوانين محاكم الأسرة وقانون العقوبات ومجموعة كاملة من القوانين الأخرى بما يتماشى مع كلّ اتفاقيّة دوليّة تتعلّق بالمرأة والمساواة بين الجنسين.

 

منهاج بيجين أجندة غربيّة تسعى لإدماج مفهوم المساواة بين الجنسين في كلّ السّياسات والقوانين في جميع جوانب المجتمع وقد وظّف الحكومات ووسائل الإعلام العلمانيّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ والجمعيّات النسويّة لتحقيق أهدافه. فتكاتفت جميعها في محاولات متكرّرة ومتعدّدة تعكس إصرارا كبيرا على إزالة كلّ العوائق والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الغاية المرسومة. أجندة تعمل جاهدة على تغيير الأحكام الشرعيّة وتدّعي حرصا على حقوق المرأة المسلمة ودفاعا عنها.

 

فأيّ نتائج هذه التي تحقّقت من وراء هذه الإجراءات المكثّفة والتي تدّعي إنصاف المرأة وإعطاءها حقوقها ومساواتَها بالرّجل؟! هل هذا ما تصبو إليه المرأة المسلمة؟ وهل حقّقت فعلا ذاتها ودفعت عن نفسها الظّلم الذي يدّعيه مناصروها؟

 

أخواتي الكريمات:

تعديلات عديدة ومحاولات حثيثة لتغيير القوانين الاجتماعيّة، خاصّة في الآونة الأخيرة إذ اعتبرت ولاية الأب على أبنائه وخاصة الفتيات، مظهراً من مظاهر العنف ضدّ المرأة، كما كثر الحديث عن مساواة المرأة مع الرّجل في الميراث، وشُجّع الاختلاطُ بين الذّكور والإناث في مهرجانات الرّقص والحفلات الغنائيّة الماجنة وماراثونات السّباق الرّياضيّة، إضافة إلى سنّ قوانين تخالف صراحة القرآن والسنّة فمنع تعدّد الزوجات وحدّد سنّ الزّواج، وأبيح زواج المرأة المسلمة بالكافر، وغيرها من القوانين والتّشريعات والنّشاطات التي تهتك ستر العفّة وتشجّع على انفلات الأخلاق (اتّفاقيّة سيداو).

 

مؤتمرات خبيثة أضحت واضحة لكلّ ذي بصيرة، وما يحدث في بنية مجتمعاتنا اليوم ليس له سقف محدّد فهي مؤامرات تعمل من أجل جعل بلاد المسلمين كالبلاد الغربيّة تنتشر فيها الفاحشة والرّذيلة والعلاقات المحرّمة والسّلوك الشّاذ (الزّنا - الاغتصاب - أبناء الشّوارع - زواج المثليّين، بل زواج النّاس بالدّواب والجماد).

 

إنّ المتتبّع لأحوال الحياة الاجتماعيّة في بلاد المسلمين ولما تمرّ به الأسرة المسلمة من أحوال سيّئة بالغة الخطورة، يدرك أنّ الهجمة على الإسلام مستمرّة في كلّ مكان، فالغرب وأدواته من منظّمات وحكومات وجمعيّات نسوية لا يألون المسلمين خبالا، وإنّ اقتفاء أثر المستعمرين وتقليدهم شبرا بشبر وذراعا بذراع يقود إلى ضنك العيش والخسران المبين، بينما التّمسك بالإسلام وشريعته فيه الحياة والنّجاة والطّمأنينة.

 

أخواتي الكريمات:

من الآثار السّلبية لدعوة المساواة بين الجنسين، ما نراه من ضنك العيش ومن أحوال سيّئة تلفّ الأسرة المسلمة من كلّ جوانبها (انهيار العلاقة بين الزّوجين - تدنّي قيمة الأمومة - تفكّك الحياة الأسريّة والمجتمع بشكل عام...) إذ ارتفعت نسب الطّلاق في مختلف مناطق الدول العربية وخاصّة في مصر والأردن ودول الخليج العربي (بلغت 85% في الأردن، وفي تونس فعدد حالات الطّلاق في اليوم الواحد يبلغ 41 حالة) وانخفضت معدّلات الزّواج بشكل ملحوظ بسبب نفور الكثير من الفتيات والفتيان من الزّواج لاعتبارهم إيّاه هيكلا قمعيّا وحاجزاً للحرّيّة الشّخصيّة (في مصر انخفض معدّل الزّواج بنسبة 70% بين عامي 2004 و2016) كما وأدّت دعوة المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص في النّجاح وتحقيق الذّات في العمل إلى تأخير الإنجاب أو تجنّبه فصارت المرأة تعمل لتتبوّأ مكانة تتساوى فيها بالرّجل وتحوّل هدفها نحو دور آخر أثقل كاهلها وضغط عليها: صارت المرأة معيلة وتوتّرت علاقتها بالرّجل "المعيل الأصليّ" وهو ما أدّى في عديد الأسر إلى العنف المنزليّ ناهيك عن ضياع دورها كأمّ وإهمالها حقوق أبنائها عليها (أصدرت اللّجنة الإندونيسيّة لحماية الطّفل (2016) بيانات كشفت عن أنّ هناك 11.2 مليون طفل إندونيسيّ اليوم محرومون من رعاية أمّهاتهم بسبب عملهنّ في الخارج)... في تركيا، تُسجّل حالة طلاق واحدة مقابل كلّ أربع حالات زواج، وتتعرّض 38٪ من النّساء كافّة للعنف المنزلي مرّة واحدة على الأقلّ، كما تمّ قتل 440 امرأة في عام 2019... بالإضافة إلى ذلك يتعرّض كلّ من يُقدم من الشّباب على الزّواج مبكّرا إلى عقوبات قاسية، وذلك بعد رفع سن الزواج القانوني إلى 17 سنة.. وقد حُكم على أزواج وآباء النساء اللواتي تزوّجن قبل سنّ الـ 17 عامًا بالسّجن لمدّة تتراوح بين 8 و10 سنوات على الأقلّ حتّى  بعد انقضاء 10 سنوات من زواج سعيد وإنجاب العديد من الأطفال. يوجد حاليًا 4000 زوج في السجن، و4000 آخرون هاربون من الاعتقال، وأكثر من 16000 طفل محرومون حاليًا من آبائهم بتهمة اغتصابهم لقاصر (والتي هي أمّهم...). وأصبح الزّواج مؤسّسة تهيمن عليها المنافسة بين الجنسين على الأدوار والواجبات ورسّخت في الطّرفين النّظرة الأنانيّة وعزّزت القيمة الذّاتيّة للفرد على حساب الحياة الأسريّة وذلك تماشيا مع المنهج الغربيّ ومبدئه القائم على المصلحة والمنفعة وألغي بذلك المعنى الحقيقيّ للعلاقة بين الزّوجين: تكامل ووحدة بهدف الوفاء بالتزاماتهما الزّوجيّة والعائليّة.

 

هي دعوات مشبوهة حريّ بنا أن نتجاهلها وننبذها لأنّها تعمل على تحقيق أهداف أعداء الأمّة الذين يعملون على نشر حضارتهم الغربيّة العفنة ومن الصّفاقة والسّذاجة والجهل الانخداع بالأهداف المعلنة لهيئة الأمم المتّحدة ومؤسّساتها وآليّاتها وقوانينها!

 

لا يصحّ لنا نحن المسلمين الانصياع لمثل هذه المؤتمرات، فما كان مستندا إلى الشّرع أخذنا به، وما كان مستوحى من الغرب وقراراته وقوانينه واتّفاقيّاته ضربنا به عرض الحائط، وخاصّة بعد وعينا على الجهات التي قامت بتنظيم هذه المؤتمرات وبالتّرويج لها وإصدار توصياتها... جهات تجاهلت وهمّشت بل جرّمت الإسلام بصورة غير مباشرة حيناً، ومباشرة أحياناً. ممّا يجعلنا نلقي بظلال الشّبهات ونؤكّد وجود روح المؤامرة وسوء القصد المبيّت ضدّ المرأة بشكل عامّ والمرأة المسلمة بشكل خاصّ، حيث يعملون على تغيير فطرة الله التي فطر النّاس عليها من تنوّع الأدوار وتكاملها، وحيث قرّر هؤلاء أنّ هناك ديناً جديداً يجب أن نتبعه غير دين الله الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم يتوافق ويتلاءم مع معطيات العصر، فيدّعون أنّ ما كان من تشريع وقوانين في زمن النّبوّة والصّحابة والتّابعين وتابعي التّابعين لا يمكن أن يكون صالحا للبشريّة اليوم: ألا ساء ما يحكمون!

 

إنّ النهوض بالمرأة لا يكون إلّا وفق الإسلام والامتثال لأحكام الله تعالى الذي ساوى بين الرّجل والمرأة في التّكليف والثّواب والعقاب وأعتق المرأة من عبوديّة الغرب وكرّمها أحسن تكريم، وهو الذي أحسن رعايتها ورعاية شؤون النّاس جميعا رعاية شاملة منبثقة من عقيدتهم منسجمة مع فطرتهم من خلال جملة من الأحكام الشّرعيّة، فخالق المرأة هو أحقّ بمعرفة حقوقها، فلا يزايدنّ أهلُ العلمانيّة على الإسلام في الفضل عليها! لا يزايدنّ علينا وعلى ديننا العظيم وقد ظهر إفلاس علمانيّتهم ووهمها وزيف ما نادت به. في لقاء معها أجرته فرانس 24 سنة 2019 صرّحت النّسويّة نوال السّعداوي "هناك أناس بنوا قصورا بالعلمانيّة، العلمانيّة في التّاريخ وهم تستخدمه النّظم السّياسيّة الرّأسماليّة للتّجارة بها مثلها مثل الدّيمقراطيّة... أنا دفعت ثمن العلمانيّة... دفعت ثمن أنّني أردت فعلا أن أفصل الآلهة عن السّياسة...".

 

فلا تخدعكنّ أخواتي أكاذيب الغرب بالتّمكين وبالحقوق الوهميّة، ولا ترقبن من مثل هذه المؤتمرات خيرا فكيف لمن عجزت أن تنجح في نسختها الأصليّة عن إنصاف المرأة الغربيّة أن تعرف للنّجاح طريقا وتهب للمرأة المسلمة حقوقا وتمكينا؟!

 

لم ولن تفلح كلّ مؤامرات الغرب في النّيل من عظمة هذا الدّين، فهناك مسلمات عفيفات واعيات على أمور دينهنّ وأحكامه الشّرعيّة، ولم ولن تجد بنود هكذا اتّفاقيّات إلينا ولأسرنا سبيلا، فأبناء خير أمّة أخرجت للنّاس يتبنّون مفاهيم دينهم لا مفاهيم الغرب وقيمه وحضارته الفاسدة المفسدة، وينهلون من حضارة الإسلام التي فيها الهدي والنّور، قال تعالى: ﴿قَدْ جَآءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16].

 

ختاما أخواتي الكريمات:

أترضين بأن تعقد في بلادكنّ اجتماعات وندوات هذه أعمالها وهذه غاياتها؟! أتقبلن بمثل هذه الدّعوات التي تتصادم مع ديننا العظيم وتسعى لإلغاء أحكامه من حياتنا؟ أتوافقن بأن تشاع الفاحشة في أبنائنا وبناتنا ويروّج للحضارة الرّأسماليّة العفنة بينهم؟ أترضين لهم ولكنّ ولأمّة الإسلام الهوان والضّياع والخسران؟

 

أجزم بأنّ إجابتكنّ ستكون "لا" فارفعن أخواتي أصواتكنّ واجهرن بالقول "لا لهذه المؤتمرات"، "كفّوا أيديكم عن أبنائنا وبناتنا وأسرنا"، "خذوا سلعتكم الرّخيصة ونظامكم العفن وارحلوا عنّا"، حسبنا نظام ربّنا وأحكامه وتشريعاته فيها كلّ الخير والفلاح لنا وللبشريّة جمعاء.

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع