الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كفاءات تونس في عيون الغرب زمن الكورونا

 


تزايد في المدة الأخيرة اهتمام الغرب وأبواقه الدعائية في بلادنا بما تنتجه العقول المبدعة في تونس، تزايدا مثيرا للانتباه والتساؤل.


فمن تصريح ماتياس فارغون رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى "سان دوني" في فرنسا حول مهارة وكفاءة الأطباء التونسيين في فرنسا ضمن برنامج بإذاعة آر تي إل، إلى تقرير قناة البي بي سي حول صناعة الأقنعة الواقية من قبل طلبة المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة، إلى مقال صحيفة نيويورك بوست الأمريكية حول مهندسي المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجي وقدرتهم على تطوير تطبيقٍ للذكاء الاصطناعي قادرٍ على تحليل صور الأشعة الصدرية ومعرفة ما إذا كان الشخص مصاباً بفيروس كورونا، حيث حمل المقال عنوان "تونس تساهم في الجهد العالمي لمكافحة فيروس كورونا".


أضف إلى هذا كله، احتفاء الإعلام بتخرج طالب أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، التونسي، محمد مهدي فرشيو، ضمن حفل تخرج حضره نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مايك بنس.


هذا "التباهي" الغربي المزعوم، بالكفاءات التونسية زمن كورونا، في الوقت نفسه الذي يعكس فيه تألق العديد من أبناء الشعب في مختلف المجالات، إلا أنه يحيلنا إلى استراتيجية قديمة متجددة في اختطاف الكفاءات واستقطابها لصالح المشاريع الغربية، بما يعمق من نزيف هجرة الأدمغة ويفرغ الساحة المحلية من القادرين على الانخراط في مشروع سياسي نهضوي يقوم على أساس الإسلام، لصالح مشاريع سياسية غربية متداعية للسقوط وأنظمة ديمقراطية لم تجرّ على البشرية إلا الويلات. وعليه، فإن اهتمام الإعلام الغربي بتسليط الضوء على هذه النجاحات المتزايدة لأفراد ليس لهم دولة تحتضن قدراتهم، ليس هو سوى عملية جذب مغناطيسي ضمن سياق تعبوي مشبوه.


إن المطلوب من هذه الكفاءات العالية التي تكتب عنها الصحافة العالمية، هو أن تتفطن إلى أساليب الغرب الشيطانية في الاستحواذ على العقول والقلوب وتصيد العلماء في بلداننا من أجل توظيفهم ضمن مشاريعه وجعلهم مجرد سنّ في دولاب البحث والتصنيع والتطوير في بلاد الغرب، بدل أن يكونوا جزءاً من مشروع الأمة الحضاري وعنصرا فاعلا فيه، وذلك بعد أن فرض عليهم حكام عملاء يشرفون بسياساتهم المنفّرة على قتل روح الإبداع.


وعليه، فإن هذا الاحتفاء المبالغ فيه من الجهات الغربية، لا يمكن فهمه من الواعين إلا في سياق التمهيد لأرضية الاستثمار في كفاءاتنا وطاقتنا من القوى الاستعمارية الكبرى المتنافسة على الذكاء البشري واليد العاملة الرخيصة، خاصة في مرحلة ما بعد أزمة كورونا.


إن النظرة السياسية الواعية، تري أن الغرب في حاجة ماسة إلى بقاء هذه الكفاءات تحت عباءة النظام الرأسمالي المتهاوي، وإلى بقاء حضارته مركز اهتمام العالم بصفة عامة وقبلة أنظار العلماء بصفة خاصة بما يبقي العلم خاضعا إلى وجهة نظرة الغرب في الحياة دون غيره.


وإن الواجب الشرعي يملي على كل مسلم مهما كان مجال اختصاصه ودرجة تميّزه فيه، أن يوظف طاقاته وقدراته لصالح أمته ودينه، وأن يعمل لاستئناف العيش بالإسلام، لا أن يكون فريسة سهلة بيد الكافر المستعمر، أو قطعة في ماكينة صناعية يحركها عدو متربص.


هذا، وإنه لمن المؤسف في الآن ذاته أن يغفل بعض علماء الأمة ومفكروها على طبيعة النظام المخلص من الأزمات المتعاقبة التي خلفها تطبيق النظام الرأسمالي عالميا، وأن يضيّع البعض على أنفسهم فرصة الاهتداء إلى حقيقة مشروع الخلافة الذي حرص الغرب على تشويهه طوال عقود، مع أنه مشروع حكم رشيد قادر على تضييق الفجوة التكنولوجية الرهيبة التي خلفها غياب سلطان الإسلام. بل هو المشروع الجدي الوحيد الذي جعل العديد من مخازن الفكر ومعاهد الدراسات الاستراتيجية في الغرب تبحث سيناريوهات التعامل مع دولة الخلافة المرتقبة.


فهلا سارع المسلمون عامتهم وخاصتهم إلى إقامة فرض ربهم ومبعث عزهم وقضيتهم المصيرية التي من أجلها يحيون وفي سبيل إقامتها يضحون ويموتون؟


قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس

 

#كورونا | #Covid19 | #Korona

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع