الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الهدنة بين المتصارعين في اليمن ليست لرفع معاناة المسلمين

بل هي لحراسة مصالح الكفار المستعمرين‎‎

 

 

لقد كانت اليمن ترفل في ظل دولة الخلافة عندما كانت إحدى ولاياتها لقرون من الزمن قبل أن تطأ أرضها الطاهرة أقدام الكفار المستعمرين، ولما هدمت الخلافة في 28 رجب 1342 هجرية الموافق 1924م وتمزقت الأمة الإسلامية إلى دويلات حسب اتفاقية سايكس بيكو المشئومة وكانت اليمن إحدى الدويلات التي ذهب عنها سلطان الإسلام وحكمت بالعلمانية حلت بها المصائب والمحن والإحن والكوارث والمآسي والأزمات، وتحول وضعها إلى أسوأ حال، ثم زاد وضعها سوءاً بعد تفاقم الصراع بين أمريكا وبريطانيا على النفوذ فيها وكان من مخلفات ذلك الصراع الحرب العبثية التي تدور رحاها في اليمن منذ سبع سنين والتي أشعلت فتيلها أمريكا لتزيح نفوذ بريطانيا من اليمن، وقد خلفت هذه الحرب المآسي والكوارث والأزمات التي أصبحت حياة الناس فيها لا تطاق، ومن مظاهر ذلك:

 

-      سفكت دماء عشرات الآلاف من أهل اليمن وقدمت قرابين لإرضاء أمريكا وبريطانيا كما جرح الآلاف منهم ولا زال كثير منهم يعاني من تلك الجراح بعد أن رماهم المتصارعون في قارعة الطريق.

 

-      انتشرت الأمراض الفتاكة والأوبئة بشكل مخيف وكثير منها يصعب علاجها في اليمن أو ليس لها علاج فيها وقليل من الناس من يستطيع الذهاب إلى الخارج للعلاج بعد معاناة كبيرة وسفر طويل ومتاعب شاقة وتكاليف باهظة.

 

-       تفاقمت الأزمات ولازمت أهل اليمن فلا تكاد تفارقهم إلى اليوم بل انعدمت المشتقات النفطية في الآونة الأخيرة بشكل ممنهج من أنظمة الجور في صنعاء وعدن حتى وصل سعر جالون البنزين في السوق السوداء إلى 45000 ريال ما يعادل 75 دولاراً في السوق السوداء التي صنعها الحكام لجني الأموال الطائلة على حساب معاناة أهل اليمن، وهو أغلى سعر للبنزين في العالم كله!

 

-      انتشار الفساد بشكل غير مسبوق حتى أصبحت اليمن بيئة لتجارة الفساد والجرائم العظام.

 

-      تزايد عدد المنظمات التي تعمل لإفساد الناس تحت غطاء التغذية والإغاثة والتنمية البشرية وتسعى لإخراجهم من الإسلام وتدعوهم للإلحاد ونشر الرذيلة وتشجعهم على المنكرات ومساوئ الأخلاق والشذوذ الجنسي وإفساد المراة ونشر المفاسد والشرور التي تغضب الله وتأباها الفطرة السليمة.

 

-      تدهور الوضع الاقتصادي بشكل مرعب وانهارت العملة بشكل مذهل ومخيف في الشمال والجنوب فزادت معاناة الناس وتزايد عدد الفقراء رغم وجود الثروة الهائلة في اليمن التي تزيد على جميع حاجاتهم فأصبح كثير منهم في شظف العيش وتحت خط الفقر رغم الأموال الطائلة التي تجبيها الهيئة العامة للزكاة من الناس بطرق مشروعة وغير مشروعة.

 

-      تدهور التعليم وزادت أمية المتعلمين وانهار التحصيل العلمي النافع وأصبحت البيئة التعليمية طاردة للطلاب فتسرب البعض منهم للعمل لتوفير الحاجات الأساسية لأسرته وتسرب آخرون إلى جبهات القتال نظرا لسياسة التضليل والتجهيل المتعمدة من الأنظمة العميلة للأطراف المتصارعة فلقي كثير منهم حتفه في محارق جبهات القتال.

 

-      تسابق عملاء الاستعمار للطرفين المتصارعين على المكاسب السياسية والمالية على حساب دماء أهل اليمن ومعاناتهم.

 

-      عمت موجة غلاء الأسعار الفاحشة التي تعصف بالناس وقد زادت في رمضان رغم حصول الهدنة آنفة الذكر حتى أصبح الكثير من الناس لا يستطيعون الحصول على الحاجات الأساسية ناهيك عن حصولهم على الكماليات.

 

لقد سعت أمريكا عبر عملائها الحوثيين لكسر عظم بريطانيا بإزاحة نفوذها من اليمن نهائيا أو ليّ ذراعها على الأقل فتكون لها اليد الطولى في اليمن ويكون لها نصيب الأسد من ثرواتها، ولذلك لم تنجح المفاوضات التي جرت من قبل في جنيف والكويت وستوكهولم وغيرها ولم تكن إلا استراحة محارب.

 

ولما أصبح الغرب في مأزق في حربه على الإسلام تحت كذبته المملولة والمعروفة بمكافحة الإرهاب، وكذلك في مأزق منافسة قوة الصين الاقتصادية الهائلة لها، وكذلك في مأزق عودة الصراع مع روسيا من جديد خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا ومحاولة ضمها إليها بالقوة العسكرية متحدية دول الغرب واعتبارها خاصرتها التي لا تسمح للغرب بضمها لحلف الناتو...

 

ولذلك فقد تيقنت أمريكا أن إزاحة نفوذ الإنجليز المتغلغل في اليمن صعب جدا إن لم يكن مستحيلا خاصة وأن عملاءها الحوثيين لم يتمكنوا منذ بداية الحرب من السيطرة على مدينة مأرب النفطية وأنها تقاوم بشراسة حتى أصبحت شوكة قوية في حلوق الحوثيين، حيث إن الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها وتأثيراتها على أوروبا وعلى الشرق الأوسط خاصة لارتباطهم بعلاقة تجارية قوية مع أوكرانيا في مجالات متعددة وخصوصا القمح، فاتفقت أمريكا مع بريطانيا على الهدنة لحراسة مصالحهم في المنطقة وتأمين الغاز والنفط فيها وليس من أجل رفع معاناة الناس في اليمن كما يصور ذلك الإعلام الكاذب.

 

التقى المبعوث الأممي إلى اليمن ممثلي الحوثيين في مسقط لإعطائهم الأوامر الأمريكية لقبول الهدنة فوافقوا على ذلك. ثم دعت أمريكا وبريطانيا كافة الأطراف اليمنية وأغلبهم من المقاومة التي كانت مفرَّقة خلال سنوات الحرب بسبب الدور المرسوم لهم من سيدتهم بريطانيا وأيضاً بسبب اختراق أمريكا لهم عبر السعودية، ولما رأت أمريكا أن الهدنة في صالحها وأنه قد آن الأوان للحل السياسي الشامل في اليمن لكي تتفرغ لروسيا فتلاحقها بالعقوبات حتى تخضع وتنسحب من أوكرانيا بدون شروط، دعت الأطراف اليمنية لحضور المشاورات في الرياض فتم الاجتماع في 3/30 الموافق 27 شعبان من أجل التشاور للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وإحلال السلام، وقد حضرت كل الأطراف اليمنية ما عدا الحوثيين. فقد التقى بممثليهم المبعوث الأممي إلى اليمن في مسقط قبيل ذهابه إلى الرياض فوافقوا على الهدنة الأممية بدون تردد وبعد يومين من المشاورات أي في 1 نيسان/أبريل الموافق 29 شعبان أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبيرغ التوصل إلى هدنة لمدة شهرين بوقف الأعمال القتالية بين أطراف النزاع من أجل خلق أجواء تهيئ للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع. والهدنة لمدة شهرين قابلة للتجديد وتهدف كما يصور الإعلام الغارق في بحر الأكاذيب أنها من أجل رفع معاناة الناس في اليمن خاصة وقد تضمنت بعض نصوصها فتح مطار صنعاء ومطار الحديدة وكذلك فتح المعابر والطرقات بين المدن والمحافظات لتسهيل حركة الناس ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾.

 

وقد تزامنت نهاية المشاورات مع إعلان هادي بإعفاء علي محسن الأحمر من منصبه وتخلي هادي عن منصبه وإنشاء مجلس قيادة رئاسي يتكون من رئيس وسبعة نواب للرئيس بقيادة رشاد العليمي وعضوية كل من سلطان العرادة وطارق صالح وعبد الرحمن بازرعة وعبد الله العليمي وعيدروس الزبيدي وفرج البحسلي. وقد تم تخويل المجلس بإدارة شؤون الدولة والتفاوض مع الحوثيين لإنهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن، وقد لقي قرار هادي بإنشاء المجلس الرئاسي ترحاباً كبيراً من أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج والجامعة العربية وغيرهم. وهو مؤشر على توافق أمريكا وبريطانيا على السير في الحل السياسي الشامل في اليمن.

 

والخلاصة:

 

يبدو أن فتيل إشعال الحرب العبثية في اليمن هو بيد أمريكا، فإن رأت في إنهاء الحرب مصلحة لها فستوقفها وتكون الهدنة مقدمة للحل السياسي الشامل في اليمن. وإن رأت أن مصلحتها تكمن في استمرار الحرب فستشعلها في الوقت الذي تريد، وعملاؤها الحوثيون جاهزون لإشعالها وأيديهم دائما على الزناد وليس في قاموسهم ولا قاموس سيدتهم أمريكا شيء اسمه معاناة الناس، فمقياس أعمالهم هو النفعية والمصلحة! والإعلام المأجور للطرفين المتصارعين مستعد لإظهار ما تريده أمريكا وبريطانيا على أنه البلسم الشافي!

 

والأصل في الإعلام أن يقوم بدوره الصحيح وهو وقوفه إلى جانب الأمة فيبين حرمة الحرب العبثية بين المسلمين حتى لا يكونوا وقودا لها وأن ينبه المسلمين إلى خطورة المؤامرات والتفاوض والمؤتمرات التي يديرها الكفار وعملاؤهم الحكام وملؤهم وأنها لا خير فيها لهم، وأن الوقوع في أحابيل الكفار وألاعيبهم خطر كبير وشر مستطير... لكن الحقيقة غير ذلك؛ فالإعلام مأجور وشاهد زور يساعد الحكام الفجار في تمرير مخططات الكفار ومشاريعهم، فهو يدعو إلى جمع الحشود لاستمرار القتال وتقديم أبناء المسلمين قرابين للكفار. حتى الإعلام الآخر الذي يعرض نفسه على أنه محايد لا يتورع عن إفساد الناس حتى في شهر رمضان فهو يعد عدته منذ عدة أشهر على تقديم البرامج والمسلسلات التي تفسد الجيل وتلهيه عن الطاعات في رمضان وتتعمد إبعاد المسلمين في اليمن عن التصور الصحيح لحقيقة شهر رمضان.

 

يا أهل اليمن: إن شهر رمضان ليس شهر المسلسلات التي تبعدكم عن جني الحسنات!! إن شهر رمضان هو شهر الإكثار من المندوبات مع المحافظة على الواجبات والابتعاد عن المحرمات، وهو شهر الانتصارات على الكفار؛ فمعركة بدر وفتح مكة وعين جالوت... شاهدة على تلك الانتصارات. إن شهر رمضان حافز لكم يا أهل اليمن على أن تعيدوا سيرة أجدادكم الأنصار الذين خلد الله ذكرهم في القرآن الكريم لنصرتهم نبيَّكم ﷺ لإقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة فكونوا أنصار دولة الخلافة الثانية واعملوا مع حزب التحرير لإقامتها، فهبوا لإسقاط الأنظمة في اليمن في الشمال والجنوب لتفوزوا بشرف إقامتها فهي المخرج لكم ولجميع المسلمين من كل هذه المعاناة التي هي نتيجة طبيعية للحكم بالعلمانية وغياب الإسلام عن الحكم، وهو الذي فيه سعادة البشرية كلها لأن أحكامه من الله تعالى خالق الكون والإنسان والحياة الذي يعلم وحده ما يصلح عباده في الأرض ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد العليم الحاشدي – ولاية اليمن

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع