- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
فلتكن ذكرى مولده ﷺ حافزاً لإظهار دينه على كل المبادئ والأديان
روى ابن سعد أن آمنة بنت وهب لمّا وَلدت النبي ﷺ، خرج معه نورٌ أضاء قُصور الشام، وسقطت أربع عشرة شُرفةً من إيوان كِسرى، وانطفأت نار المجوس التي كانوا يعبدُونها، وانهارت الكنائس التي كانت حول بُحيرة ساوة، وهذه الإرهاصات الأربعة ذكرها كِبار المؤلّفين في كتب السيرة والحديث.
ومولد النبي ﷺ هو حدث عظيم، ما زال يهز الدنيا، فهو النور الذي أَذِن الله أن يشرق على الدنيا لينقذ البشرية من تيه الظلام الذي كانت تعيش فيه، وهو بشرى للقلوب الحائرة، وفرحة للأرواح المتعبة، إنه رحمة الله وهديته للعالمين، وتروي أم النبي ﷺ حين ولدته أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام، وأنها ولدته نظيفاً ما به قذر. يقول ﷺ: «أَنَا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَىَ عِيسَى».
ومولد الرسول ﷺ يُعدّ نقطة بداية لأمة إسلامية عريقة حملت مبدأ إلهيّاً صحيحاً أوكلت لها مهمة تخليص الإنسانية من العبودية، وتغيير وجه العالم برحمة مهداة، حيث الإسلام رحمة للعالمين، ومشعل هداية للناس أجمعين، والله عزَّ وجل يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.
إن الذكرى بهذه المناسبة ليست هي من أجل الاحتفال، ولكنها ذكرى نستغلها لإعادة ربط المسلمين بدينهم وتذكيرهم بأهمية إعادة الثقة بأحكام الإسلام التي لا حل لنا بغيرها؛ فهي فرصة لتقييم المرء لنفسه حيث يتذكر فيها ما قدمه من أعمال تنفعه عند الله عزّ وجل، ويشحذ فيها الهمة من جديد لمواصلة السير والعمل حتى يلقى الله عز وجل وهو راض عنه؛ فهي فرصة لمحاسبة النفس في مدى تمسكها بهدي الرسول ﷺ وطريقته في التغيير وإقامة الدولة الإسلامية وإنقاذ أمة الإسلام، فإن الله جعل لنا في محمد ﷺ أسوة حسنة كما قال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾.
إن ميلاد الرسول الأكرم ﷺ يعني ميلاد أمة عريقة، حملت رسالة هداية إلى البشرية جميعاً، ومخرجا آمنا لها من الظلم والظلام وخلاصا من الظالمين، ولقد كان ميلاده ﷺ مجمِّعا ومؤلفا لشعوب وقبائل متفرقة متشرذمة متناحرة، لا يجمعها جامع، ولا يربطها أي رابط، فميلاده ﷺ قد أعطى للعرب وغيرهم قيمة ووزنا ورفع البشرية من البهيمية المنحطة إلى أعلى الدرجات.
والجدير بنا ونحن نستذكر ميلاد نبينا العظيم ﷺ أن نجعله قدوة لنا في حياتنا كلها، فسيرته ﷺ مليئة بالدروس والعبر، والله سبحانه وتعالى قد أمرنا باتباع هدي نبيه ﷺ حيث قال عز من قائل: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾، وقال سبحانه: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ وقال سبحانه: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾.
نعم حري بالأمة الإسلامية أن تراجع حسابها مع نفسها، وأن تتخذ من هذه الذكرى ما يحفزها إلى العودة إلى دينها القويم، والتمسك بالكتاب الكريم، وما فيه من الهدى والرشاد والحكمة. وحري بالأمة الإسلامية أن تحرص على ما حرص عليه نبيها الكريم ﷺ صاحب هذه الذكرى، فتعمل مع العاملين لإقامة الخلافة بكل إخلاص وجد. وحري بأهل القوة فيها أن ينصروا دين الله بالعمل مع حزب التحرير وتمكينه من استلام الحكم، كي ترضي ربها، وتسترد مجدها، وتستعيد ماضي عزها، وتطرد عدوها من أرضها المغتصبة، وإنَّ الله على هدايتها، وجمع صفوفها، وتوحيد كلمتها إذا يشاء قدير.
فقوموا للعمل مع العاملين المخلصين لإعادة أحكام الإسلام إلى واقع الحياة؛ بإقامة الخلافة، فهي نصرة للدين، ومبعث لعز المسلمين وقاهرة للعدو. وكونوا واثقين بالوعد، مستبشرين بالبشرى، مجددين العهد مع الله، مترسمين خطا رسوله ﷺ في سَيره لإقامة دولة الإسلام، موقنين بأن الموت في طلب المعالي خير من ذلة حياة وعيش بئيس، قال رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: «... ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثمَّ سَكَتَ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان