- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حمل رسالة الأمة الإسلامية ووسائل الإلهاء
لقد أكرم الله سبحانه الأمة الإسلامية بالإسلام وجعله منهاج حياتها، تتوقف عليه سعادتها في الدنيا ونجاتها من عذاب الله في الآخرة وفوزها بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فبالإسلام وحده تكمن عزتها ونهضتها وانتصارها على أعدائها، فهو منهاجها القويم وهو الصراط المستقيم وهو حبل الله المتين؛ من تمسك به والتزم بأحكامه أعزه الله ومن ابتغى العزة في غيره أذله الله.
والطريقة العملية لإيجاد الإسلام في معترك الحياة هي الخلافة الراشدة التي تحكم بالإسلام وتطبقه في جميع شؤون الحياة والدولة والمجتمع، ولذا فقد أوجب الله على المسلمين مبايعة خليفة يحكم بشرعه ويطبق أحكامه، فالخلافة هي تاج الفروض، والأمة الإسلامية عندما كانت دولتها قائمة تحكم بشرع الله كانت خير أمة أخرجت للناس، وكانت لها القيادة والريادة وزمام المبادرة، وكانت في مقدمة الأمم فكانت دولتها هي الدولة الأولى بلا منافس، تحمل رسالة الإسلام بالدعوة والجهاد بجدية، وكانت ذات مهابة كبيرة بين الأمم، وكانت بلاد المسلمين منارة في العدل والعلم والصناعة...
إلا أن المسلمين حادوا عن ذلك المسار فأحاطت بهم من كل الجوانب الأخطار وتربص بهم أعداؤهم الكفار فهجموا عليهم بحقد دفين فهدموا دولتهم ومزقوا وحدتهم، وحاربوا الإسلام حربا لا هوادة فيها فأقصوه عن الحكم وأبعدوه عن وقائع حياتهم. وسلطوا عليهم حكاما عملاء أنذالاً يأتمرون بأمرهم ويسيرون على منهاجهم ويحكمون المسلمين بقوانينهم الوضعية العفنة، فأصبح حالهم أسوأ حال! فبعد أن كانت قضيتهم المصيرية هي الحكم بالإسلام والدعوة له وحمل رسالته إلى الناس كافة بالدعوة والجهاد وحماية بلاد المسلمين ومقدساتهم من كل معتد أثيم وتحرير كل أرض دنسها الكفار المستعمرون؛ فقد عمد الكافر المستعمر إلى جعل قضية المسلمين المصيرية قضية وهمية كالفوز في الرياضة ومنها كرة القدم أو لا تكون عندهم قضية، وأخطر من ذلك أن تكون أفكار الغرب مبدأ وحضارة وثقافة هي رسالتهم في الحياة، كما سعت أمريكا قبل عقدين من الزمن في حملتها للقضاء على الإسلام، وكان من مرتكزات تلك الحملة أن تجعل الرأسمالية هي مبدأ أهل الأرض جميعا ومنهم المسلمون، ولكنها خابت وخسرت لأن الإسلام هو النور الذي لا تستطيع أي قوة في الأرض مهما كانت أن تطفئه، قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
والإعلام الفاسد الذي تتحكم به الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها أمريكا يقزم القضايا الكبيرة بل ويعتم على بعضها كما هو الحال في التعتيم على حزب التحرير وأعماله الكبيرة والجليلة وسعيه الحثيث لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة لتحكم بشرع الله وتطبق ما أنزل الله. وبالمقابل فإن الإعلام الفاسد يصنع من الحبة قبة! فيركز على قضايا ثانوية صغيرة ويجعلها قضية أساسية بل يجعلها قضية القضايا كلها! فيشغل العالم بها ليل نهار، مثل فعاليات كأس العالم التي يبرزها بشكل كبير ويسلط الأضواء عليها بشكل دائم فتتسابق القنوات لتناقل أخبارها بشكل عجيب حتى تبدو وكأنها القضية المركزية للعالم كله! فيذوب الولاء والبراء وتتراجع مكانة الإسلام في نفوس بعض المسلمين إلى الرفوف الخلفية وتصبح متابعة الرياضة وأخبارها والانجرار وراء الإعلام الفاسد الذي يروج لها هو شغلهم الشاغل ومركز تنبههم وقضيتهم المصيرية! وفعاليات كأس العالم لكرة القدم التي نظمت في قطر لهذا العام 2022م والتي تم إقرارها في عام 2010م بدأ التجهيز لها ببناء الملاعب وإنفاق المليارات من أموال الأمة في هذا المشروع الذي يضر بالأمة ولا ينفعها، وسوف نتحدث عن بعض مخاطر هذا المونديال على المسلمين، ومنها:
1- إلهاء المسلمين بها وجعلها شغلهم الشاغل لصرفهم عن الطاعات وفعل الخيرات.
2- إهدار طاقات الشباب الجبارة ووقتهم الثمين في متابعة المباريات.
3- إزالة الحواجز النفسية بين المسلمين والكفار وتذويب مفهوم الولاء والبراء وعداوة الكفر والكافرين، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾.
4- تعلق أمل الأمة بالنصر في المباراة بدلا من النصر الحقيقي بإقامة الخلافة التي تحرر فلسطين وأخواتها، فلم يتوقف نزيف الدم في فلسطين حتى في أوقات المباراة.
5- إصابة المتابعين للمباريات بالبلادة ونزع ما تبقى من الغيرة من نفوسهم فيستمرؤوا الدماء الزكية التي يسفكها أعداؤهم بشكل شبه يومي فلا تبقى لها أي قيمة لديهم ولا يعيرونها أي اهتمام بدلا من أن تغلي الدماء في عروقهم غضبا لله تعالى فيندفعوا بقوة للعمل مع العاملين المخلصين لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تقتص من القتلة المجرمين وتحرر كل أرض دنسها الكفار المستعمرون وفي مقدمتهم كيان يهود الغاصب لفلسطين، فالفوز في المباراة لن يحقق نصرا للمسلمين ولن يحرر فلسطين، بل الجيوش الرابضة في ثكناتها هي التي يجب أن تعمل لتحقيق النصر على الأعداء فتتحرك وتقتلع كيان يهود من فلسطين وترد كيد الكفار في نحورهم.
6- الغلو في حب الرياضة والاهتمام بها أكثر من اللازم وإضاعة أوامر الله ومخالفتها وارتكاب بعض المحرمات حتى أصبحت الرياضة مقدسة تضيع من أجلها الأوقات وتهدر الطاقات وتصرف الأموال وتسيل في بعض المباريات الدماء من أجل فوز فريق وخسارة آخر حتى أصبحت شغلهم الشاغل! إن الإسلام لم يحرم الرياضة بل أجازها؛ فقد تسابق الرسول الأكرم ﷺ وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فالرياضة لا تعطى أكبر من حجمها ولا يجوز أن تلهي الأمة عن العمل الحقيقي الذي من شأنه أن يؤدي إلى عزتها ونهضتها وتحقيق المكانة الكبيرة التي يجب أن تتبوأها، كما لا يصح أن تهدر أوقات الشباب الثمينة ولا طاقاتهم الجبارة فيما لا يعود عليهم بالنفع والأجر والثواب.
أيها المسلمون: إن العمل الذي يحقق النصر على الأعداء ويؤدي إلى العزة والكرامة والنهضة وأخذ زمام المبادرة من الأعداء وعودة القيادة والريادة إليكم من جديد، إنما هو العمل الجاد المجد مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فبها تعودون خير أمة كما كنتم من قبل، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حاشد قاسم – ولاية اليمن