الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سعد بن معاذ سيد الأنصار... من هو سعد الأمة اليوم؟!

 

إن الحديث عن عظماء التاريخ الإسلامي ليس كالحديث عن الأبطال الأسطوريين في التاريخ، فالفرق بين عظماء المسلمين وأولئك، هو أنّ قراءتنا عن المسلمين هي للاقتداء بهم واتباع خطاهم وأخذ العبرة من أعمالهم البطولية، فهم لم يقوموا بتلك البطولات لأنهم كانوا أساطير بل لأنهم فهموا الإسلام عقيدة وأحكاما وطبّقوه حق تطبيق، فتميزوا وكانوا من أولي العزم وممن امتدحتهم النصوص الإلهية، ومن هؤلاء الأبطال الصحابي الجليل سعد بن معاذ سيد الأنصار، وهو ممن قال عنهم الله عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، فقد استحق الصحابي الجليل هذا المديح وتلك المنزلة لعمل عظيم رفض القيام به قادةُ قريش والعرب وغيرهم من القادة، وهو نصرة الإسلام ورسوله ﷺ. لذلك على أهل القوة والمنعة اليوم أن يدركوا أنّ الدولة الإسلامية قد أقيمت مرة واحدة، عندما نصر سعدٌ محمداً ﷺ، وإن شأن من يقيمها اليوم سيكون كشأن من نصر الرسول ﷺ، ودرجته ستكون إن شاء الله تعالى مثل درجة سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي قال عنه الرسول ﷺ: «لَقَدْ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ»، وإنه لحريٌّ بكل قائد من قادة المسلمين أن يقرأ عن سعد. سعدٌ الذي وقف يوم بدر يوم الفرقان وقال للرسول ﷺ: "لقد آمنا بك وصدقناك... وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لَصبرٌ في الحرب، صُدقٌ عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر له عينك، فسِرْ على بركة الله".

 

هذا ما يجب أن يدركه أهل القوة والمنعة من ضباط وقادة جند في جيوش المسلمين، عن مواقف الرجال في حسم مصائر الأمة، ليقضوا حياتهم كما قضاها سعد في طاعة الله، وكما فهمها سعد حق فهمها، فلبّى واجب نصرة الإسلام ورسوله لإقامة دين الله في الأرض، فكانت ميتته كزفّة عريس إلى رياض الجنة، حيث قال الصحب عنه: "ما حملنا يا رسول الله ميتاً أخفَّ علينا منه"، فأجابهم الرسول ﷺ: «مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَخِفَّ وَقَدْ هَبَطَ مِنَ المَلاَئِكَةِ كَذَا وَكَذَا، لَمْ يَهْبِطُوا قَطُّ قَبْلَ يَوْمِهِم، قَدْ حَمَلُوْهُ مَعَكُم» أخرجه ابن سعد في الطبقات، وحين صعدت روحه إلى خالقها جاء جبريل إلى رسول الله ﷺ فقال: "من هذا العبد الصالح الذي مات؟ فتحت له أبواب السماء وتحرك له العرش"، فقال رسول الله ﷺ: «هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يَهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ أُفْرِجُ عَنْهُ» أخرجه الحاكم وأحمد.

 

إن هذه المنزلة قد أعدّها الله لمن أعطى النصرة لرسول الله حين أقام دولة الاسلام... والمنزلة هي المنزلة نفسها وربما - بفضل الله وجوده - هي أعظم لمن ينصر المسلمين حين يغيب الإسلام عن حياتهم وتتحكم بهم قوى الكفر والطغيان وتتكالب عليهم الأمم وترميهم كل الأنظمة عن قوس واحدة، كما هو الواقع هذه الأيام. لذلك فالمُفلح من أهل القوة والمنعة هو من استغل هذه الفرصة التي تكررت للمرة الثانية بعد مئات السنين، حتى ينال أجرَ ومكانة من استغلها أول مرة سيدنا سعد بن معاذ، والشقي من أهل القوة من باع آخرته بدُنياه أو دُنيا غيره، فراح يسعى جاهداً وراء النياشين والرتب والمناصب "الرفيعة" في جيوش المسلمين، لا لتوظيفها واستغلالها للدفاع عن الإسلام والمسلمين وإقامة شرع رب العالمين في الأرض، بل لنيل أكبر قسط ممكن من متاع الدنيا الغرور الزائل، متناسياً حقيقة أن النياشين والرتب لن تمنع عن صاحبها غضب الله ولا شيئاً من اللهب إذا ما قصّر في نصرة دين الله. يجب أن يدرك الضابط صاحب القوة والمنعة أنّ سعد بن معاذ كان بشراً مثلنا، عنده الغرائز البشرية التي عندنا أيضاً، فكانت عنده غريزة النوع والبقاء، والتي من مظاهرها حب المال والمنصب والأولاد والنساء... ومع ذلك فلأنّ عقيدته كانت صافية نقية، أيقن أن متاع الدنيا متاع غرور زائل، ومتاع الآخرة باقٍ ودائم لا ينقطع، وهو المتاع الحقيقي. على أهل القوة والمنعة اليوم أن يدركوا بأن الصحابي سعداً رضي الله عنه ليسَ فلتة من فلتات التاريخ التي لا تتكرر، وأنهم كسعد رضي الله عنه يمكنهم فعل فعله والنصر كنصره، والخطاب لهم اليوم كما كان الخطاب أمس لسعد، عن عاصم بن قتادة قال: "فنام رسول الله ﷺ فأتاه ملك - أو قال جبريل - حين استيقظ، فقال: من رجل من أمتك مات الليلة، استبشر بموته أهل السماء؟ قال: «لا أَعْلَمُ إِلا أَنَّ سَعْداً أَمْسَى دَنِفاً (مريضاً). مَا فَعَلَ سَعْدٌ؟» قالوا: يا رسول الله، قد قبض، وجاءه قومه فاحتملوه إلى ديارهم، قال: فصلى رسول الله ﷺ الصبح، ثم خرج ومعه الناس، فبتَّ الناس مشياً حتى إن شسوع نعالهم لتنقطع من أرجلهم، وإن أرديتهم لتقع عن عواتقهم، فقال له رجل: يا رسول الله، قد بتتَّ الناس، فقال: «إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ»، وكان يردّد ويقول: «هَنِيئاً لَك أَبَا عَمْرٍو! هَنِيئاً لَك أَبَا عَمْرٍو!»".

 

يا أهل القوة والمنعة من ضباط جيوش المسلمين! هذا يوم تُستنهض فيه الهمم، وتُكتب فيه الأمجاد، هذا يوم تبذلون فيه مهجكم في سبيل نصرة هذا الدين، فلا تفوّتوا فرصتكم، واستجيبوا لأمر الله بـ"لبيك اللهم لبيك"، الأمة الإسلامية اليوم تستصرخكم، فقولوا "حنانيك أمتي حنانيك"، وحزب التحرير يمدّ إليكم يديه لتتمّوا الأمر معه، فأجيبوا داعي الله وقولوا "سعديك حزب التحرير سعديك". أما تريدون أن تكونوا صنو السعدين (سعد بن معاذ وسعد بن عبادة)، وأسعد، وأسيد؟! أما تريدون أن يكون مقامكم كمقامهم، وترتقوا إلى مكاناتهم، ويُختم لكم برضوان كرضوانهم؟!

 

يا أهل القوة والمنعة من ضباط جيوش المسلمين! لقد ملأت مواقف سيد الأنصار سعد بن معاذ قلوب المسلمين، فلا يُذكر اسمه إلا وتلهج الألسنة بالدعاء له، ولا يُسمع بأنّ عرش الرحمن اهتز لموته إلا وفاضت العيون غبطة منه، فهل إلى مردٍّ من سبيل؟! إن عظمة الرجال في صدق مواقفهم وسمو غاياتهم والصبر عليها مهما كانت الأحوال، والإصرار على تحقيقها مهما تعاظمت الأهوال... إنكم تعيشون في زمان تكررت فيه دعوة المهاجرين والأنصار نفسها، فكونوا لنا ناصرين، قوموا إلى عز دينكم، قوموا إلى عز أمتكم، إننا نعلم وأنتم كذلك، أنّ مكانكم الميادين، فأين ميادين العزة التي فتحها لكم هؤلاء الحكام؟! أين معارك الشرف التي خاضوها بكم؟! أين حروب الأبطال التي سجّلت أسماءكم؟! أين المعارك التي تُعرفون بها وتُعرف بكم؟ إننا نعلم، وأنتم كذلك، أنكم لستم موظفين همكم استقرار الحال وتأمين لقمة العيش، فأنتم مفتاح باب الاستخلاف والتمكين، أنتم مشروع جهاد الأمة مع أعداء الدين، والأمة تريد أن ترى فيكم أمثال موسى بن نصير، وعقبة بن نافع، وطارق بن زياد.

 

إنكم تعلمون يا أهل نصرتنا أن هؤلاء الحكام يريدون أن يسودوا بباطلهم ويظلّوا في طغيانهم، ويريدون أن تلحقوا بركبهم وتحموا باطلهم، لكن الله سبحانه يريدكم أن تنزعوا الحكم من هؤلاء وتسلّموه لأهل الدعوة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ليقيموا الحكم بما أنزل الله تعالى. إن هؤلاء الحكام يعلمون أن منكم المخلصين الذين يعتزّون بدينهم، ومن يسخط عليهم بسبب مواقفهم المخزية، وأن بينكم من تهتز مشاعره لما تتجرعه الأمة من أعدائها، ومن يتألم لآلام المسلمين... لذلك يَحذَرونكم، ويبعدونكم، ويراقبونكم، ويسرحونكم، وينقلونكم، ويستجوبونكم، ويقدّمون الضابط المجرم الخسيس ويبعدون المستقيم النبيل؛ ليشلّوا أيديكم عن التغيير، والله سبحانه يريد أن تأخذوا على أيدي الحكام، وتقطعوا دابرهم، وتستأصلوا شأفتهم، وتريحوا الأمة من شرورهم، يريدكم الله أن تكونوا أعزة على الحكام رحماء على المسلمين، حُماةً لهذا الدين، فلات ساعة تردد ولات ساعة احتيار، بل ساعة انتصاف للأمة وانتصار للدين، فإن لم تقدموا أمر الله ورسوله على أمر السوء فستظل الأحوال الصعبة في دينكم وأمتكم، وسترتد عليكم في الآخرة لتقصيركم.

 

هل كان سعد ليرضى بما يفعله يهود بالمسلمين في فلسطين؟ أو بما فعلته أمريكا في العراق وأفغانستان، ومعاداتها للمسلمين في كل مكان؟ كيف يرضى أحفاد سعد كل ذلك، أو ما فعله الروس في الشيشان، والهند في كشمير، والصين في تركستان؟! إننا لا نتوجه إلى المجرمين من أهل القوة فيكم ممن هم على شاكلة الحكام، إننا نتوجه إلى المخلصين منكم، ولا نريد النصرة إلا من أمثالكم؛ لذلك لا عذر لكم في عدم الاستجابة، ولا عذر في السكوت والقعود، فإن لم تبادروا إلى نصرة دينكم فمن ذا الذي سيبادر؟ إن تغيير حكام اليوم من أجل إقامة الحكم بما أنزل الله هو من أوجب واجبات الدين، وإن تغييرهم المادي يقع على عاتق أهل القوة قبل غيرهم، ولقد توطأت السبل لكم حتى بات مطلب الأمة تغيير الحكام، وتوطأت السبل لكم حتى بات أخشى ما يخشاه الحكام نقمة الناس عليهم، وتوطأت السبل حتى كسرت شوكة المحتلين الأمريكيين والأوروبيين وحتى كيان يهود على صخرة المجاهدين، وصار قادة يهود يكشفون خشيتهم من ظهور صلاح الدين، لقد توطأت السبل وتنتظر سالكها بحق، فقدموا نصركم لله، فإن بشرى رسول الله بإقامة الخلافة الراشدة تنتظركم، فكونوا أنصارها، كونوا سعد الأمة، فإنه موجود بينكم فليتقدم، فالأمة متشوقة لتراه فيكم، لتراه يأخذ الحكم بالحق ليسلّمه بأمانة للمخلصين من أهل الدعوة لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ليحكموا بالحق، قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع