السبت، 26 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عجزُ كيان يهود في غزة العزة يتحول إلى مأزقٍ

يُهدّد وجوده والنفوذ الأمريكي والغربي في العالم الإسلامي

 

نقلت وسائل الإعلام في 23 كانون الثاني/يناير عن نتنياهو أن المرحلة الثالثة من الحرب على غزة ستستغرق 6 أشهر. ونقلت عن رئيس الأركان هاليفي أنّ القتال في غزة سيمتد لفترة طويلة ويحمل في طياته الكثير من التحديات التي تنتظر (إسرائيل). وهناك تصريحات مماثلة لقادة كيان يهود كتصريح وزير الدفاع غالانت في 8 من الشهر نفسه حذّر فيه من أن المرحلة الثالثة ستستمر لفترةٍ أطول.

 

هذه التصريحاتُ وحدها، ناهيك عن كثيرٍ مثلها لقادة كيان يهود، وعن الخلافات والتراشقات بين الوزراء التي وصلت حدَّ الاشتباك بالأيدي والتهديد بالتصعيد، تؤكد بشكل يقيني عجزَ هذا الكيان وكل جيشه وفشلَه في حربه على غزة، رغم كل الدعم الأمريكي والغربي بالأسلحة المتطوِّرة وبكل أنواع الدعم. وإذا كان الأدق تقييد هذا التأكيد بأنه "حتى الآن"، لأن الحرب مستمرة والدعم الأمريكي يتدفق على كيان يهود بلا حساب، والقضاء على حماس وإخراجها من المشهد السياسي هو قرار أمريكي واستراتيجي أكثر مما هو يهودي، فإنّ هذه التصريحات تدل على أن هذا الكيان قد استنفد محاولاته الفاشلة ودخل مرحلة يأس وتخبُّط، بل وأصاب جيشَه الإنهاكُ والرعبُ ودخل مرحلة الزوال.

 

وبيان ذلك أنهم دخلوا الحرب بدعم أمريكي ودولي كبير، وبهدف القضاء على حماس، وأخبرتهم أمريكا أن هذا التزام عليهم أن ينجزوه مهما كان الثمن، وإلا فإن وجود كيانهم هو الثمن. وكانوا جميعاً، كيان يهود وأمريكا والغرب، واثقين من أنهم سيسحقون غزة ومجاهديها خلال شهر أو أقلّ! ولما عجزوا أجَّلت أمريكا لهم المدة، ثم أجلتها مرةً أخرى، ثم أجَّلتها إلى نهاية كانون الثاني/يناير. ولما صارت حربهم مجرد قتل شنيع وهدم يثير اشمئزاز العالم وسخطه، ولا يفيد في القضاء على المجاهدين، صارت أمريكا ترسم لهم الخطط وتلزمهم بها. فخرجت بفكرة المراحل، كي تلتزم (إسرائيل) تخفيفَ القتل بغير طائل، وتبدأ ما تسميه مرحلة الهجوم البري الحاسم بنظرهم. وبعد أن تبيَّن لأمريكا أنهم مترددون فيه، ويؤجلونه مرةً بعد أخرى، لمست عجزَهم عنه، وفرار الجنود وتخلف الاحتياط ورعب الجيش وتفكك ألويته، الأمر الذي لا يمكن معه القيام بهجوم بري، اضطرت أن ترفع عنهم قيدَ المدة، مع إبقاء هدف القضاء على حماس. وهذا ما حررهم بعض الشيء، فأخذوا يصرحون بالحاجة لأشهر طويلة، وبأن الحرب ستكون مكلفة.

 

وهذا يدل على أمرين؛ الأول أن اليهود لا ولن يقوموا بالدخول البري إلى غزة إلا بعد ضمان عدم وجود مواجهة لهم فيها. ولذلك سيستمرون بأعمال القتل والهدم، وبتأجيل أو تقليل الأعمال البرية. والثاني هو أن هذا فشلٌ لأمريكا التي أجَّلت لهم المُدد أكثر من مرة، ثم غضَّت النظر عن تحديدها، وليس للكيان فقط، وهذا أمرٌ لافتٌ وواعدٌ للعاملين.

 

فمع أن فشل أمريكا لم يصبح نهائياً حتى الآن، بل دفعها إلى تعديل في خططها وليس إلى تغيير هدفها، إلا أن إنعام النظر يكشف أن عجز كيان يهود يتفاقم وقد يؤدي إلى انهياره. وفشل خطط أمريكا في طوْرِ التحوّل إلى مأزق استراتيجي يهدد نفوذها في المنطقة وفي العالم الإسلامي. وهذه فرصة ثمينة توجب على كل مسلم أن يضاعف اهتمامه لأقصى ما يمكن لنصرة غزة، وأن يقوم بكل جهدٍ وجهاد في تحريك الأمة لتحطم القيود وتحرر الجيوش وتقتحم الحدود.

 

وذلك أنه بعد إلحاح أمريكا على قادة الكيان بالهجوم البري الذي يحسم الحرب ويحقق الهدف - بنظرها - كانوا كلما قاموا بمحاولة تقدُّمٍ أو هجومٍ بري، فَعَلَ الجبنُ والارتجافُ فِعلَه في جنودهم، ثم انتشرت أخبار قتلهم والإثخان فيهم، ودبَّ الرعبُ والخوار فيمن خلفهم. وكلما تكررت هذه المحاولات ازداد الرعب، وكثر التمرد والفرار، وهكذا إلى أن تفككت ألوية وسُحِبت من غزة، وفقد جيشهم القدرة على القتال، وأدركت أمريكا أن كل محاولاتها للحرب البرية كانت نفخاً في قِربةٍ مثقوبة، وكل استجابات (إسرائيل) لها كانت كيلاً بقفا الصاع!

 

وبكلمة موجزة، لقد أضحى كيان يهود اليوم في حربه على غزة كأنه كيانٌ بلا جيش، ولذلك اضطرت أمريكا لإجراء تغييرات في خططها، مع بقاء إصرار حتى الآن على القضاء على حماس، لأن تراجعها عن هذا الهدف يُضعِف كيان يهود في المنطقة، ويهدِّد بضربِ نفوذ أمريكا والغرب فيها، وبإسقاط الأنظمة العميلة التابعة لها في المنطقة، وفي بلاد المسلمين برمتها.

 

إن فشل كيان يهود في القيام بوظيفته في هكذا أمر استراتيجي وحيوي لأمريكا، يدفع صناع القرار فيها للنظر في دور هذا الكيان وهل هناك بديل له. ولمّا لم يكن هناك بديل له، وبخاصةٍ في ظلِّ الصحوة الإسلامية العالمية وغليان الأمة، وتزايدِ مشكلات أمريكا الداخلية والخارجية، فإنَّ أمريكا مضطرة لدعمه ومراعاة عجزه ومآزقه، فلا تضغط عليه بمراحل للحرب أو خطط ترسمها له، بل تُبقى أعمال الهدم والإبادة مستمرة، وتمدُّه بما يلزمه لذلك، وترفض إيقاف الحرب قبل تحقيق هدفها مهما طالت، بحيث تستنزف المجاهدين والناس تدريجياً. ومن ذلك فتح مدة الحرب لأكثر من 10 أشهر، فقد رشحت أخبار أنها تشترط إنهاءها قبل الانتخابات الأمريكية.

 

إن فشل كيان يهود وعجزه في غزة هو مشكلة لأمريكا، وعدم وجود بديل لهذا الكيان أو علاج لهذه المشكلة وضعَها في مأزق غير مسبوق، لما فيه من قابلية تمرد أهل المنطقة وانقضاضهم على هذا الكيان وعلى النفوذ الأمريكي والغربي برمته، ثم تحرير الأمة وإقامة دولتها؛ الخلافة. وتدرك أمريكا والغرب معها هذا الخطر من بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولذلك جاءوا بأقوى أسلحتهم إلى المنطقة، ودعموا كيان يهود بكل شيء غير آبهين بشيء. وقد باتت هذه الحرب اليوم أخطر عليهم منها في ذلك اليوم، وتصريحات أمريكا وقادة الكيان صريحة بأنهم لن يوقفوها قبل تحقيق أهدافهم. لذلك، يجب أن يتنبَّه المسلمون ويتحرَّكوا على أساس أنهم في حربٍ مصيرية وتاريخية وفارِقة. وسيتحرَّكون بإذن الله، ويكسرون القيود ويجتازون الحدود.

 

﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جميعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الُّدُبُرَ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود عبد الهادي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع