- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لو لم تكن لدى مصر موارد لما وجدتم ما تفرطون فيه
ولما تكالبت شركات الغرب ومؤسساته الاستعمارية عليها
قالت جريدة الوطن الجمعة 23 شباط/فبراير 2024م، إن رئيس الوزراء المصري، أوضح خلال مؤتمر صحفي أن الاستثمار الأجنبي المباشر يأتي في صورة شراء أصل والبدء في تنميته وتطويره بما يعود على الجهتين أو الدخول على مشروع مثل المشروع الاستثماري الحالي والعمل على تنمية متكاملة، متابعاً: "نجاح الاقتصاديات العالمية تقاس بقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، واستكمل: "أطلقنا وثيقة سياسة ملكية الدولة والتي دائماً ما يثار مدى جدية الدولة في تنفيذها على أرض الواقع، وهذا المشروع هو ترجمة حقيقية لمدى جدية الموضوع، في كيفية تعظيم شراكة القطاع الخاص والزيادة من الاستثمارات الخارجية المباشرة من أجل توفير عملة صعبة للدولة المصرية"، وتابع: "الهدف من جذب العملة الصعبة هو حل الفجوة الموجودة بين الإيرادات والمصروفات، ومثل هذه النوعية من المشروعات الاستثمارية هي الحل الوحيد لهذا الموضوع، ولكن الدولة المصرية ليس لديها الموارد الطبيعية الكافية في ثروات طبيعية غنية كافية للدولة، ولكن النجاح في كيفية ترجمة الأصول في تعظيم الاستثمارات"، ونوه إلى أنَّ المشروع الحالي ليس بيعاً للأصول ولكنه شراكة، إذ تأخذ الدولة مبلغاً مقدماً، مع الاستمرار مع المطور على امتداد المشروع بنسبة وبحصة من الأرباح وهذا يعد أفضل طريقة لتعظيم أصول الدولة والاستفادة منها.
تنفيذا لقرارات صندوق النقد الدولي بدأت مصر في بيع الأصول المملوكة للدولة فيما أشار إليه رئيس الوزراء المصري "أن الاستثمار الأجنبي المباشر يأتي في صورة شراء أصل والبدء في تنميته وتطويره"، تنفيذا لقرارات الصندوق التي تمثلت في وثيقة ملكية الدولة الصادرة بهذا الشأن في مزيد من التفريط في ثروات مصر ومواردها التي يدعي رئيس الوزراء أنها ليست كافية للدولة، تناغما مع كلمات الرئيس المصري مخاطبا أهل مصر سابقا "إحنا فقرا قوي!" دون مراعاة حقيقية لحجم الإنفاق الحكومي وغيره مما لا يتناسب معه القول بأننا دولة فقيرة أو شحيحة الموارد، وما تملكه مصر من ثروات وموارد وطاقات يكفي واحد منها فقط ليقوم عليه اقتصاد دولة كاملة؛ فمن النفط إلى الغاز والذهب إلى المسطحات المائية... وما يمكن أن يصاحبها من صناعات، والمساحات الهائلة التي تصلح للزراعة والإعمار، مع وجود طاقات بشرية هائلة معطلة ومهدرة تجبَر على الفرار من مصر لتجد فرصة لحياة كريمة.
هذه هي بعض موارد مصر التي يدعي رئيس الحكومة فقرها بحسب مصدر مطّلع في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة: إن "مصر تنتج حالياً نحو 500 ألف برميل نفط خام يومياً، وما بين 85 و90 ألف برميل مكثفات"، ومنذ بداية العام الجاري حتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، كان إنتاج مصر من النفط متبايناً على أساس شهري ما بين الارتفاع والانخفاض، ليبلغ متوسط الأشهر الـ9 الأولى من 2023 نحو 565 ألف برميل يومياً، وكشفت إحصاءات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي) ارتفاع إنتاج الغاز في مصر خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي بمقدار 160 مليون متر مكعب على أساس شهري، لتصل إلى 4.86 مليار متر مكعب، مقابل 4.69 مليار متر مكعب خلال أيلول/سبتمبر السابق له، و4.99 مليار متر مكعب في آب/أغسطس الماضي. (منصة الطاقة المتخصصة)
هذا من حيث النفط والغاز، أما الذهب فحدث ولا حرج؛ فمصر الثالث عالميا من حيث نمو احتياطي الذهب، وقد أشارت دراسة صادرة عن المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أن مصر تحتضن نحو حوالي 270 موقعاً لإنتاج الذهب، بينها حوالي 120 موقعاً ومنجماً معروفين تم استخراج الذهب منهم قديماً، وتنتج مصر أيضاً الذهب تجارياً من منجمين رئيسين، منجم السكري الذي يعد أكبر منتج للمعدن الأصفر في مصر حالياً، ومنجم حمش، والجدير بالذكر أن إنتاج منجم السكري بلغ منذ بداية العمل فيه في عام 2009 وحتى نهاية شباط/فبراير الماضي من العام الجاري حوالي 5.2 ملايين أوقية، بالإضافة إلى حجم إيرادات كبير تجاوز حوالي 7.5 مليارات دولار وذلك منذ بدء الإنتاج في عام 2009، هذا ولم نتكلم عن باقي المعادن ولم نتكلم عن الزراعة وما يمكن استصلاحه من أراض وما يمكن زراعته فيها، ولا عن المسطحات المائية الطويلة والمتشعبة وما تملكه من تنوع في الثروة السمكية والأحياء المائية، وكلها خير على مصر وأهلها، ناهيك عن أهم عنصر في تلك الموارد وهو الطاقة البشرية الهائلة التي لو مكنت من استغلال تلك الموارد والانتفاع بها لما بقي في مصر فقير واحد، ولما احتاجت مصر لقروض من المؤسسات الغربية الاستعمارية، ولما احتاجت للخضوع لما يتفرع عنها من قرارات كارثية.
إن مصر ليست فقيرة الموارد وإنما تفتقر إلى الرجال المخلصين والمشروع البديل الذي يملك حلولا حقيقية لمشكلات مصر وأهلها.
إن الكذب على الناس وادعاء فقر البلاد لن ينجيكم من غضبهم بينما تفرضون عليهم الفقر والجوع وإهمال الرعاية المتعمد، وبينما تنهبون أموالهم وتسرقون جهودهم عنوة، والضغط الذي يمارس على الناس لن يؤدي إلا لانفجار حتما سيطيح بالنظام ويقوض أركانه، لا يؤخره إلا عدم رؤية الناس للبديل الحقيقي القادر على قيادتهم وعلاج كل مشكلاتهم.
إن مصر في غنى عن الصندوق الدولي والخضوع لسياساته، وفي غنى عن بيع أصولها أو التفريط فيها لكونها من الملكية العامة أي ملك لكل الناس ولا يجوز للدولة أن تبيعها أو تمنحها وتعطي لأحد الحق في احتكارها أو استغلالها دون باقي الناس، بل يجب عليها أن تهيمن على موارد الثروة وتنتج بنفسها الثروة منها وتعيد توزيعها على الناس وتمكنهم من استغلال الأرض والماء في الزرع والإعمار والصيد والصناعة وغير ذلك مما يكفيهم، وتعينهم عليه وتدعمهم في هذا السبيل، هذا هو واجب الدولة الذي أوجبه الله عليها وأقرته وبينت طريقته أحكام الإسلام ونظامه، ويستحيل أن ينفذ هذا في ظل الرأسمالية بل لا يمكن تنفيذه إلا في ظل الإسلام ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
إن أزمات مصر ومشكلاتها هي مشكلات إنسانية وليست مادية، وتتعلق بها أحكام شرعية تبين كيفية التعامل معها وعلاجها على أساس الإسلام، وإن الحلول أسهل من رد الطرف لكنها تحتاج إدارة مخلصة تملك إرادة حرة تريد السير في الطريق الصحيح وتريد الخير لمصر وأهلها حقا، وحينها على هذه الإدارة أن تراجع كل العقود التي أبرمت سابقا والتي تبرم مع كل الشركات التي تحتكر أصول البلاد وما هو من ملكياتها العام وعلى رأسها شركات التنقيب عن الغاز والنفط والذهب وباقي المعادن والثروات، وتطرد كل تلك الشركات لأنها في الأصل شركات استعمارية ناهبة لثروات البلاد، ثم تصوغ عهدا جديدا يقوم على تمكين الناس من ثروات البلاد وإنشاء أو استئجار شركات تقوم هي على إنتاج الثروة من منابع النفط والغاز والذهب وغيرها من المعادن وتعيد توزيع هذه الثروات على الناس من جديد، حينها سيتمكن الناس من زراعة الأرض الموات التي ستمكنهم الدولة من استغلالها بحقهم فيها، وسيتمكنون أيضا من صناعة ما يجب أن يصنع ليرتفع باقتصاد مصر ويكفي أهلها، وستدعمهم الدولة في هذا السبيل.
إن هذا كله ليس ضربا من الخيال ولا مستحيل الحدوث ولا مشروعا نعرضه للتجربة قد ينجح أو يفشل، وإنما هي أحكام شرعية لازمة ملزمة للدولة والرعية، فلا يجوز للدولة أن تفرط في ثروات البلاد التي هي ملك للناس بدعوى عقود أقرتها وأيدتها وتحميها قوانين دولية جائرة، ولا يجوز لها أن تمنع الناس منها، بل يجب أن تقطع كل يد تمتد ناهبة ثروات الناس، هذا ما يقدمه الإسلام ويجب تنفيذه، إلا أنه لا يطبق بمعزل عن باقي أنظمة الإسلام بل إنه لا يطبق إلا من خلال دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هذه الدولة التي يحمل همها والدعوة إليها حزب التحرير ويدعو مصر وأهلها شعبا وجيشا إلى العمل معه من أجلها، عسى الله أن يكتب الفتح من عنده فنراها واقعا يعز الإسلام وأهله، اللهم عاجلا غير آجل.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر