- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
غزة وما يحدث فيها هي شرارة لصحوة جامحة
وتغيير عظيم يصل صداه أقصى بقاع الأرض
لا أشك أبداً أن كل ما يحدث اليوم من ابتلاءات لأمة الإسلام، في غزة والشام والعراق وليبيا واليمن وغيرها، وأن كل ما حدث وسيحدث أنه يصب في مصلحة الأمة، وأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وموعدنا المسجد الأقصى بإذن الله، ولكن نسأل الله أن يعجل قدره ويرينا قدرته.
الأمور خارجة تماما عن السيطرة وعلى صفيح ساخن في كل البلاد الإسلامية، وأمريكا كثر أعداؤها وكدر عصرها وحكمها، وقريبا بإذن الله سترى في خاصرتها ألف سكين وسكين وستفقد السيطرة تماما.
لا مجال للفزع ولا مجال لليأس ولا مجال للتردد بنصر الله القادم القريب بإذن الله ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾، اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليـلك بالبلج، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
لا شك أن كثيرا من الناس من يرى الأمور بعين الرأس يرى عكس ذلك وما أكثر الغافلين، ولقد ذكرهم الله في كتابه ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾، هؤلاء يرون الجهاد تهلكة، والابتلاء علامة على الخسران، ويرون المقاومة سبيلا لاستعداء الأعداء، ويرون الشجاعة والتضحية تهورا، ويرون كل فضيلة منقصة، نعم لأنهم يرون دون بصيرة ولا حكمة ولا تعقل، ويحسبون أنهم العقلاء الراسخون، ولكنهم الغافلون والمثبطون والمتآمرون والمتخاذلون، جنبنا الله فكرهم ورأيهم وسدد الخطا وأنار الدرب بالبصيرة والحكمة والكتاب والسنة، فما أحوجنا لها في هذه الأيام العصيبة التي ينشط بها المارقون والسفه من سقط المتاع.
إن من أنعم الله عليه بأن يرى الأمور بعين البصيرة تجده يرى النصر يلوح في الأفق؛ أوله في غزة المكلومة الآن، وآخره في دار العز دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله التي ستفتح روما وتكون عاصمتها ببيت المقدس بإذن الله. قال تعالى: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
فأمتنا تعلم أن النصر والجنان لا يمكن الحصول عليهما إلا بالابتلاء والاختبار والجهد والمثابرة والعناء، فقد عانى وابتلي واختبر من هو خير منا، رسول الله ﷺ وصحابته الكرام، قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾.
فمهما غلبنا أعداؤنا المستعمرين، ومهما زاد بطشهم، ومهما زاد دعمهم لحكامنا الذين هم أيديهم التي تضربنا وسياطهم التي تعذبنا وحدودهم التي تفرقنا، مهما زاد ظلمهم وقهرهم لأمة محمد، فإن أمتنا كانت وما زالت وستظل تتلو سورة يوسف، وتردد: ألم يحتلوا القدس من قبل؟ ألم يجعلوا الأقصى اصطبلا لخيولهم قرابة مئة عام؟ ألم يذبحوا عشرات الألوف في فلسطين من قبل؟ ثم ألم يحرره صلاح الدين؟ ألم يطرد المغول قطز وبيبرس؟ ألم تفتح القسطنطينية بعد فتح القدس؟ هل ننسى كل ذلك ثم نتبع المارقين والمثبطين والعملاء والسفهاء؟! أنسمع قولهم ونترك قول الله تعالى: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾؟!
ستبقى أمتنا وأطفالها في غزة وفي كل مكان يتلون ويرددون سورة آل عمران: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.
نعم إنهم يستطيعون سحقنا وتدمير مدننا، نعم إنهم يستطيعون سحق الأزهار، ولكنهم لا يستطيعون تأخير قدوم الربيع، وحين يأتينا الله بنصره ويفتح لنا أبواب رحمته وكرمه سيتمنى الذين خذلوا أمتنا من أبنائنا في الجيوش لو تسوى بهم الأرض، سيتمنون لو أنهم تحركوا أفرادا أو سرايا أو قطعا أو فرقا لنصرة غزة ونصرة دين الله، سيتمنون لو يعود بهم الزمان ليعصوا حكامهم ولينصروا دينهم وأمتهم، ولكن هيهات هيهات، يوم لا ينفع الندم ولا الحسرة، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾، وقال تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾.
إلا أنه ما زال هناك متسع لمن يريد أن يبيض صفحته عند ربه وفي تاريخ أمته، لا زال هناك متسع لأبناء جيوش أمتنا وقادتها وألويتها أن تقف موقف صدق مع الله ومع أنفسهم ومع أمتهم، ما زال هناك متسع ليسجلوا أسماءهم في قائمة الشرف بين الصحابة والتابعين والمجاهدين من بعدهم فسهلوا لنصرة غزة ونصرة أمة الإسلام، فالله ناصر دينه لا محالة، ولكنه يعطي الفرصة لكم يا أبناء الجيوش ليعلم من ينصره ورسله بالغيب، ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
اللهم اجعلنا لك من الناصرين ولا تجعلنا من الخاذلين ولا تجعلنا من أصحاب الحسرة والندامة اللهم آمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح