- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أكرموا شهر الصيام بإقامة الخلافة وتحكيم شرع الله
قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.
لقد اختص الله سبحانه وتعالى هذا الشهر المبارك بنزول القرآن الكريم، كما اختصه بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء.
فعن واثلة، يعني ابن الأسقع، أن رسول الله ﷺ قال: «أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ. وَأَنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْزَلَ اللهُ الْقُرْآنَ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ».
ولم يجعل الله عز وجل من كتابه الكريم آيات تتلى فحسب، بل كان منهاجا للبشرية لتنظيم جميع علاقات الإنسان؛ بربه، وبنفسه، وبغيره من البشر، فهو منهاج إلهي شامل لجميع مناحي الحياة.
وهذا المدح للقرآن أنه هدى للناس لمن آمن به وصدقه وعمل بموجبه، وفيه من الدلائل والحجج البينة الواضحة من الهدى والرشد الذي يبدد الضلال والغي، وهو الفارق بين الحق والباطل، وبين الحلال والحرام.
وعندما امتثله المسلمون وتمسكوا به سادوا الدنيا، وانقلبوا من الذلة إلى العزة، فملكوا العرب ودانت لهم العجم، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ﷺ وهو يدعو قومه للإيمان به؛ عن ابن عباس، قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش، وجاءه النبي ﷺ وعند أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه قال: وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ قال: «إِنِّي أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ»، وفي رواية: «كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُعْطُونَهَا تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ». فقال أبو جهل: نعم وأبيك، وعشر كلمات. قال: «تَقُوُلونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وتَخْلَعُونَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ». فصفقوا بأيديهم. ثم قالوا: يا محمد أتريد أن تجعل الآلهة إلها واحدا؟! إن أمرك لعجب. قال: ثم قال بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا.
وقد تحقق وعد رسول الله ﷺ، وكان ذلك العز مرتبطا بتمسك المسلمين بمنهاج ربهم، وما إن ابتعد المسلمون عن هذا النهج العظيم حتى غدوا أذلة متفرقين، ولقمة سائغة بيد عدوهم، يرسمون لهم خريطة عيشهم في الحكم والاقتصاد والاجتماع وسائر مناحي الحياة، فبدلوا بحكم الله حكم الطاغوت، وتبددت ثروات المسلمين بالاستثمار والخصخصة والقروض الربوية، وانتشر الفساد والرذيلة والتفكك المجتمعي والأسري بدعوى حقوق المرأة والحرية الشخصية!
لذلك حذر البارئ عز وجل من فتنة يتجاوز أذاها الذين ظلموا، ويكتوي بنارها عامة الناس، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، وهل هناك فتنة أكبر من فتنة تعطيل الحكم بما أنزل الله؟! تلك الفتنة التي توعد الله عز وجل الجميع الظالمين والساكتين القاعدين بالعقاب الشديد.
فمن أجل ذلك كله نقول: لا يمكن أن نكرم هذا الشهر العظيم إلا بالامتثال بما خصه الله سبحانه وتعالى به بالعمل بموجب كتابه العزيز حتى ولو تلوناه ليل نهار.
وإنا لنعجب لمسلم يتلو كتاب الله ويقرأ أحكام الحكم والحدود والعقوبات والجهاد ولا يحرك ذلك تفكيره بكيفية تطبيق ذلك في واقع الحياة.
أيها المسلمون: إذا أردتم أن تغيروا حالكم المزري إلى الحال الذي ارتضاه لكم ربكم، فما عليكم إلا الامتثال لأمر ربكم بالعمل الجاد لتحكيم شرع الله، وإقامة الخلافة الراشدة الثانية، عند ذلك تكرمون هذا الشهر العظيم، وتنالوا رضوان ربكم، وتأمنوا عذابه، وتعود لكم العزة والكرامة التي كانت لأسلافكم، وتدين لكم دول الكفر قاطبة مصداقا لقول رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
اللهم إنا نسألك في هذه الأيام المباركة وفي هذا الشهر الكريم أن تمن علينا بخلافة راشدة على منهاج النبوة وإمام راشد يوحد الأمة ويحرر البلاد والعباد إنك سميع مجيب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الطائي – ولاية العراق