السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قوة الأمة في وحدتها

 

المسلمون أمة واحدة من دون الأمم، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾.

 

جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية الكريمة: لَمَّا ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ قَالَ: هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَالْأُمَّةُ هُنَا بِمَعْنَى الدِّينِ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا.

 

وقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». رواه البخاري ومسلم

 

وجسد الأمة الإسلامية تداعت كل أعضائه قبل أكثر من مئة عام، بعد هدم دولة الخلافة العثمانية. تقطّع جسدها قطعاً ممزقة بعد أن كانت أمة واحدة لها خليفة واحد يحكم بشرع الله سبحانه وتعالى، ولها جيش واحد يجاهد في سبيل الله لنشر رسالة الإسلام وإخراج الناس من الظلمات إلى النور فدخل الناس في دين الله أفواجا.

 

فأين صرنا بعد أن غابت أمنا الخلافة؟! تكالبت على المسلمين الأمم، ولم تتوقف الحروب الصليبية عليهم منذ ذلك الوقت، بل تزداد استعاراً ووحشية وإجراماً. دول الكفر الصليبي تتفنن في قتل المسلمين وتشريدهم ونهب ثرواتهم، وتعمل بلا كلل ولا ملل لإبقاء المسلمين مفرقين مشتتين ممزقين، حروب وجرائم وفظائع قام بها الغرب الكافر المستعمر بنفسه أو عن طريق عملائه وأدواته من حكام وجماعات، مجازر فظيعة ارتكبتها ولا تزال. على سبيل المثال لا الحصر مذابح الروهينجا في ميانمار، ومجزرة سربرينيتشا في البوسنة والهرسك وغيرها الكثير...

 

أما القتل والتشريد والدمار الذي يقوم به حكام طواغيت سلطهم الغرب الكافر على رقاب المسلمين، فأفظعها ما قام ويقوم به بشار الأسد عندما خرج أهل الشام لإسقاطه وإسقاط نظامه، فلم يُبقِ ولم يذر، أسقط براميل متفجرة على رؤوس أهل الشام وقُتل ما يقرب المليون - وربما تجاوزه - وشرد الملايين ممن هربوا من جرائمه الفظيعة ولا يزال.

 

واليوم وبالتحديد بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها كتائب القسام في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 واقتحموا الجدار ودخلوا إلى المستوطنات وقتلوا منهم الكثير وأسروا آخرين. كانت عملية بطولية قام بها المجاهدون أذهلت العالم. كانت ردة فعل العالم متباينة، لكن المسلمين في كل العالم شعروا بأيام نصر لم يسبق أن عاشوها من قبل؛ وذلك لأن الغرب الكافر استطاع أن يوهم العالم وخاصة المسلمين أن جيش كيان يهود لا يقهر، وأنه انتصر على الجيوش العربية مع أنها كانت حروباً وهمية من أجل ترسيخ فكرة الجيش الذي لا يقهر، فقهرته ثلة مجاهدة أوقعت به هزيمة نكراء، إلا أن شعور النصر هذا لم يدم إلا أياماً معدودات، فبعد أن استفاق كيان يهود من صدمته، شن حرباً شرسة وصلت حد الإبادة الجماعية.

 

أمريكا اللعينة وعلى الفور حركت بوارجها وأساطيلها باتجاه كيان يهود لتحميه، ظنا منها أنه لربما جيش من الجيوش العربية سيهب لنصرة غزة وتحرير فلسطين! ولكن مع الأسف، هذا يعيدنا إلى ما بدأنا به هذه المقالة، فالأمة ليست موحدة، والجسد ليس جسداً واحداً! نعم تحركت بعض الشعوب في مظاهرات ومسيرات احتجاجاً على هذه الإبادة بحق أهل غزة، لكنها لم توجه هتافاتها وشعاراتها الاتجاه الصحيح وهو أن تستنصر جيوش المسلمين، فهم القادرون ليس فقط على وقف الحرب بل قادرون على كنس كيان يهود، ولا أقول قلعه، فهذا الكيان ليس له جذور لتقلع، والدليل على ذلك أن أطناناً من القنابل والصواريخ والتكنولوجيا المتطورة لم تستطع أن تهزم مجاهدين يحاربون بأسلحة من صنع أيديهم، فكيف لو تحركت كتيبة أو لواء من أحد الجيوش الرابضة في ثكناتها وظيفتها فقط حماية عروش الحكام العملاء؟!

 

لكن من ناحية أخرى الأحداث العالمية الأخيرة خاصة الحرب على غزة أظهرت أن الأمة أمة واحدة، فبالإضافة إلى المظاهرات والمسيرات في كثير من بلاد المسلمين، كانت هناك المقاطعة الاقتصادية لشركات عالمية كبرى داعمة ومؤيدة لكيان يهود ولأمريكا ودول أوروبا.

 

وأيضاً كشفت الحرب على غزة أن حدود سايكس بيكو هي فعلاً حدود وهمية، ولا يمنع الشعوب من التوجه للأرض المباركة سوى هؤلاء الحكام العملاء المتواطئين مع يهود وأمريكا، ويتجلى ذلك في المظاهرات التي تخرج من الأردن كل ليلة بالآلاف تحاول الوصول لسفارة الكيان، وتطالب بوقف التطبيع وإسقاط اتفاقية وادي عربة.

 

ويهتف المتظاهرون في الأردن "الشعب المصري عامل إيه.. معبر رفح تسكر ليه"، فيما رد المتظاهرون المصريون "قولوا لرفاقنا في عمان.. لسه مصر صاحية كمان"، كما ذكر موقع القدس العربي.

ومن أجل ذلك، وهو أن تعود دولة الخلافة على منهاج النبوة، وهذا ليس حلماً أو تمنياً، بل هو وعد الله وبشرى رسوله ﷺ «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، لكن الخلافة لن تعود بدون عمل، نعم إن النصر من الله سبحانه وتعالى، لكن الأخذ بالأسباب واجب على كل مسلم.

 

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أم عاصم الطويل

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع