الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

محكمة العدل الدولية والأحكام بحق نتنياهو ووزير الحرب ورئيس الأركان

 

 

لا شك أن هناك ناحية إيجابية في قرار المحكمة؛ فهناك فرق كبير بين تظاهرات الشعوب وتظاهرات الطلاب في الجامعات ضد كيان يهود وبين الأعمال السياسية من الدول والأنظمة، فالشعوب موقفها عادة إنساني عموما ولكن ليس لهذه المواقف عادة مردود ملموس على سياسات الدول الغربية إلا ما ندر، أما الدول فهي حينما تتخذ موقفا سياسيا فإن هذا الموقف أكثر تأثيراً وصدى من مواقف الشعوب، وهذا ما يجعل كيان يهود يشتعل غضبا لدرجة أن يقوم سفير الكيان في الأمم المتحدة بتمزيق ميثاقها وقال عنها ما قال.

 

لقد كان هذا القرار الدولي عبارة عن الصعقة المعنوية الأولى التي تلقاها كيان يهود منذ نشأته، وإذا كان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الصعقة العسكرية التي تلقاها الكيان في عمقه ومأمنه فإن هذا القرار من المحكمة الدولية - حتى لو لم يؤد لاعتقال نتنياهو - فإن صداه الكبير معنويا هو بمثابة التخلي المعنوي عن هذا الكيان الذي اعتاد على الدلال والمديح والدعم المعنوي العالمي اللامتناهي.

 

وهذا الجزء المعنوي هو ما أرادته أمريكا للضغط على نتنياهو وحكومته الدينية ذات الأحلام التلمودية وأحلام (إسرائيل الكبرى) من الفرات إلى النيل.

 

وهذا لا يعني إطلاقا تخلي العالم الغربي عن ربيبه كيان يهود، وإنما تحجيم أمريكي للطموح والآمال والأحلام التلمودية في حكومة كيان يهود ومن تسول له نفسه منهم الخروج عن الخط الأمريكي المرسوم لهذا الكيان وللمنطقة وللمصالح الأمريكية فيها عموما.

 

وهذا التأثير المعنوي كبير لأنه يكون على السياسي وعائلته ومستقبله حتى لو لم يتم اعتقاله، وقد تضطر دولته أحيانا للتضحية به وإجباره على الاستقالة حتى لا يؤثر على سمعة الدولة ومكانتها. فوصم الشخص بمجرم حرب معناه أن هذه الوصمة مقيدة لحركته ولحركة عائلته وأحيانا لأمواله، وحتى لو لم يتم اعتقال نتنياهو فهو لن يستطيع بعد ذلك مثلا إلقاء محاضرة في جامعة بعد استقالته أو إقالته أو انتهاء مدة حكمه.

 

إلا أن الناحية السلبية في قرار المحكمة هي أن هذه عقوبات على أشخاص وليس على كيان، وهنا يظهر الهدف من هذه العقوبات أمريكيا، فما معنى أن تعاقب رمز الدولة ولا تعاقب الدولة نفسها؟! أليس هو رئيس الدولة؟ ما هذا الأمر الذي لا يقبله عاقل؟! ورغم أن العقوبات الأمريكية والغربية تطال الدول الكبرى قبل الصغرى من دول العالم، بل حتى المليشيات والجماعات والأفراد. فكيف تقوم دولة بالاحتفاظ بمجرم حرب فيها وإبقائه رئيسا ولا تعاقب هذه الدولة؟ وهذا يعني أن الدعم الدولي لكيان يهود مستمر ودون تلكؤ، وإنما المقصود هو الضغط المعنوي على حكومة كيان يهود لتقبل بما ترتضيه لها أمريكا من سياسات في المنطقة.

 

والدليل الآخر على أنها عقوبات ضد أشخاص وليس ضد كيان وأنها عقوبات معنوية في ما يخص كيان يهود، هو أنه قد سبق كل ذلك قرار وقف النار الفوري، وهذا قرار متعلق بالدولة نفسها ولكن ماذا فعل كيان يهود به؟ لقد قام بعده مباشرة بمجزرة شنيعة في جباليا وفي خيام اللاجئين وحرق اللاجئين وقطعهم إلى أشلاء، وها هو اليوم يقتل وينكل بالمدنيين ويستمر في مجازره الوحشية، فهل أوقفه العالم عن ارتكاب مجازره؟ الجواب ما نراه كل لحظة وكل دقيقة.

 

ولذا من المهم عدم إغفال الحقائق والمعطيات الثابتة التي لا تتغير في التعامل مع الأحداث السياسية:

 

إن هذه المحكمة ليس لها جيش وإنما جيشها هو الدول التي أنشأتها والدول الاستعمارية الكبرى وخصوصا أمريكا. وهذه الدول تعتبر كيان يهود دولة حليفة ومهمة استراتيجيا لمصالحها في الشرق الأوسط كقاعدة متقدمة لهم في بلاد المسلمين. وإن المحكمة الدولية هي ذراع استعماري لتحقيق مصالح الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا، وإنه من السذاجة ومن الخطر النظر إلى أي قرار صادر عن المحكمة الدولية أو هيئة الأمم المتحدة أو مؤسساتها بأنه في صالح المسلمين وإن كان يظهر في بعض الأعمال الزركشة والغلاف الإيجابي.

 

وخلاصة القول: إن قوانين المحكمة الدولية وقوانين هيئة الأمم هي قوانين استعمارية سارية فقط على الدول المناهضة لأمريكا وليست سارية على حلفائها وأصدقائها والدول التابعة لها.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع