- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الوهن الذي أصاب الأمة
الوهن هو من الأمراض المستشرية فينا، والذي خلف فينا الجمود والجهل والفساد. نعم إنه الاستسلام للواقع والرضا والقبول بالحياة التافهة الذليلة...
لقد استشرى فينا هذا الداء حتى أصبحنا نرى المنكر في مجتمعاتنا فنلتزم الصمت، ونقبل به ونتعايش معه، ونرى الظلم ونستكين له، ونوالي أهله الطغاة الذين يسوموننا أشد أنواع التنكيل، الطغاة الذين يهضمون حقوق الناس ويحرمونهم من الحياة الكريمة العادلة، حتى أصبح المجتمع من شدة الضعف الذي أصابه يقدم التنازلات ويتخلى عن مبادئه من أجل عرض دنيوي تافه، حتى بات الإعلام المضلل يعيد صياغة عقول الناس، ليشكل فكرهم وفق المناهج والمصالح الغربية!
إن ما يحصل في هذه الأيام من جرائم بشعة تجاه إخواننا في غزة على يد كيان يهود المحتل، خير دليل على ضعفنا وهواننا، فحكوماتنا التزمت الصمت واكتفت بإصدار بيانات الشجب والتنديد والتهدئة. هذا أقصى ما تفعله حكوماتنا العميلة ونحن نرى بأعيننا إخواننا يذبحون ويشردون تحت مسمع الضمير العالمي المسخ، في حين نرى في الجانب الآخر الجانب المظلم الذي تقوده أمريكا، فهم يقدمون الدعم كل الدعم لهذا الكيان الغاصب ليعاونوه على هضم الحقوق واغتصاب الأرض، والمسلمون كغثاء السيل!
لقد صدق رسولنا الكريم ﷺ إذ شخص واقعنا اليوم حين قال: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ». فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ». رواه ثوبان مولى رسول الله ﷺ في سنن أبي داود.
أقول: عذراً لإخواننا في غزة الذين تستباح دماؤهم يوميا على يد كيان يهود المجرم، فقد أصابنا الوهن، وتخلت الأمة عن واجباتها. ولكنكم يا أهل غزة حقاً أبطال التاريخ الحديث، فقد أشعلتم في داخلنا لهيب التغيير والتطلع والعودة للمجد والكرامة التي عاشت بها أمتنا قروناً عدة، لقد بينتم لنا أن الأمة محتاجة إلى من يلم شعثها ويوحد صفوفها ويعيد لها مجدها المرتقب، وقد أصبح الجميع يدرك هذه الحقيقة لأن الأمة بلا راعٍ يحمي حماها تكون فريسة لكل طامع.
إن العقيدة الصحيحة تجعل المؤمن قوي الشخصية، يظهر دينه الحق بدون حرج لأنه على يقين بالحق الذي يملكه، فلا يسكت على ظلم أو فجور، بل يسعى بكل ما استطاع من قوة لتغيير الواقع الفاسد، ليكسر قيود الذل التي فرضها الطغاة ويطالب بالكرامة والعزة لتحكيم شرع الله واستئناف الحياة الإسلامية الصحيحة.
فالمسلم الحق لن يرضى بأن تتولى أمره حكومات توالي أعداء الدين، أو تطبع مع الفساد والانحلال. والمسلم الحق لن يقبل بالسلبية والنكوص، بل يبذل ما يستطيع من جهد لنصرة دينه، ولا يقبل أن يكون مع الخوالف، بل يسعى لتحقيق النهوض وإعادة حضارتنا الإسلامية من جديد إلى واقع الحياة.
إن طوفان الأقصى قد بعث فينا الأمل من جديد وعسى أن يكون بشرى لطوفان التغيير داخل أمتنا لتمحو به مظاهر الوهن الذي أصابها، فالأمة الإسلامية لا تموت ولكنها تمرض، ولا ينقطع الخير منها لأنها مؤيدة من الله وستكون الغلبة والنصر بإذن الله لها إذا ما أخذت بأسباب التمكين، ليكون طوفان التغيير قادماً بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مؤنس حميد – ولاية العراق