- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
استغلال الحدث من قبل الحوثيين هل هو نجاح أمني أم تنفيذ أوامر خارجية؟
ضجت وسائل الإعلام في داخل اليمن وخارجها بما أسمته جماعة الحوثيين انتصارا أمنيا كبيرا؛ حيث "نشرت الأجهزة الأمنية اليوم اعترافات لعدد من عناصر الخلية التجسسية الأمريكية (الإسرائيلية) التي أعلنت الأجهزة الأمنية القبض عليها، وكشفت اعترافات عناصر الخلية المرتبطة بشكل مباشر، بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ"CIA"، بالأعمال التخريبية والتجسسية التي قامت بها لتدمير مقدرات الدولة اليمنية ومؤسساتها الاقتصادية والحيوية، وأظهرت الاعترافات جانبا من المعلومات التي قامت هذه العناصر بتزويد الاستخبارات الأمريكية والموساد (الإسرائيلي) بها". (سبأ، 10 حزيران/يونيو 2024م)
وجاء إعلان جماعة الحوثيين عقب حملة اعتقالات واسعة نفذتها الجماعة منذ الخميس بحق موظفين أمميين وتابعين لمنظمات دولية ومحلية، إذ تم اختطاف أكثر من 50 شخصاً وفقاً لما كشف عنه وزير حقوق الإنسان في حكومة ما يسمى بالشرعية أحمد عرمان، لكن قائمة الذين أعلنت الجماعة عن تورطهم في الخلية اليوم لم تتضمن أيّاً من أسماء المعتقلين في الأيام الأخيرة. وقد أعلنت جماعة ما تسمي نفسها أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، يوم الاثنين، إلقاء القبض على أفراد "شبكة تجسس أمريكية (إسرائيلية) مزودة بتقنيات وأجهزة ومعدات خاصة تمكنهم من تنفيذ أنشطتهم بشكل سري"، كما جاء في بيان الجماعة. ويأتي إعلان الحوثيين عقب حملة اعتقالات واسعة نفذتها الجماعة منذ الخميس الماضي بحق موظفين أممين تابعين لمنظمات دولية.
ووفق بيان الحوثيين، فإن الشبكة "زودت جهاز الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) والموساد (الإسرائيلي) بمعلومات عسكرية وأمنية بالغة الأهمية والسرية والخطورة"، مضيفاً أنها "قامت بأدوار تجسسية وتخريبية في مؤسسات رسمية وغير رسمية على مدى عقود لمصلحة العدو". وأضاف البيان أن الشبكة "مرتبطة بشكل مباشر بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، واستغلال عناصر شبكة التجسس والضباط الأمريكيين صفاتهم الوظيفية بالسفارة الأمريكية لتنفيذ أنشطتهم التخريبية"، مبيناً استمرار عناصر الشبكة بتنفيذ أجندتها بعد خروج السفارة الأمريكية من صنعاء، تحت غطاء منظمات دولية وأممية.
وذكر البيان أن "شبكة التجسس الأمريكية (الإسرائيلية) كانت الذراع الرئيسية لتنفيذ مخططات العدو الأمريكي و(الإسرائيلي) في الجمهورية اليمنية، وتزويد أجهزة المخابرات المعادية بمعلومات مهمة عن مختلف الجوانب في القطاع الرسمي وغيره". وأضاف أن "شبكة التجسس تمكنت لعقود من الزمن من التأثير على صانعي القرار واختراق سلطات الدولة وتمرير القرارات والقوانين، واستقطاب الكثير من الشخصيات ونسقت لهم زيارات إلى الولايات المتحدة للتأثير عليهم وتجنيدهم"، كما ورد في البيان أن الشبكة "جندت اقتصاديين ومالكي شركات نفطية وتجارية وربطتهم بالمخابرات الأمريكية و(الإسرائيلية)".
من جانبه، قال الخبير العسكري العقيد عبد العليم أبو طالب، لـ"العربي الجديد"، إن بيان الحوثيين الذي يتحدث عن كشف خلية تجسس أمريكية (إسرائيلية) هو "هروب نحو الأمام من قبل الجماعة التي تتهرب من التزاماتها نحو الداخل باختلاق عدو خارجي، وتهدف من خلال ذلك إلى توحيد جبهتها الداخلية على اعتبار أنها تواجه عدوّاً بحجم أمريكا و(إسرائيل)". وأكد الخبير العسكري أن "التهم الواردة في البيان تدين الحوثيين وتكشف زيف ادعاءاتهم، حيث اعتبروا أن الشبكة تعمل لمصلحة أمريكا و(إسرائيل)، وتم سرد تهم تشمل جميع الجوانب بما فيها الجانبان الزراعي والصحي، وهذا دليل على أن الحوثيين يريدون تصوير أنهم يواجهون مؤامرة كبرى، فلا يمكن أن يطالب أحد بالرواتب ولا بالإصلاحات الاقتصادية طالما حكومة صنعاء تواجه مؤامرة كونية على حد ادعاءات الجماعة".
وكما نعلم يقيناً فإن كل السفارات التابعة للدول الأجنبية وخاصة أمريكا وبريطانيا ما هي إلا مقرات ومراكز استخباراتية (أوكار للتجسس)، وهذا ظاهر من عملها وتنقل موظفيها في البلاد طولاً وعرضاً ويُطلب منهم رفع تقارير تفصيلية عن واقع البلد في كافة النواحي السياسية والاقتصادية وغيرها. وما أعلنه الحوثيون ليس بجديد، ولكن ألم يكونوا على علم بأن هذه السفارات أوكار للتجسس منذ دخولهم حيث سيطروا على كل السفارات وملحقاتها؟! ولماذا اختاروا هذا التوقيت بالذات لكشف هذه الورقة من اللعبة؟ ألم يقعدوا وجهاً لوجه في اتفاق ستوكهولم مع وزير خارجية أمريكا وسفيرها؟ ألا يعلمون أن أمريكا دولة استعمارية مجرمة؟ إن كشف هذه الأوراق الآن قد يكون بسبب الضغط الحاصل عليهم من جانب الطرف الآخر (من يسمون بالشرعية) عملاء الإنجليز بخصوص موضوع نقل مقرات المنظمات إلى عدن، وأيضاً قرارات البنك المركزي الأخيرة، فهل استغنت أمريكا عن جواسيسها في السفارة فلا تحتاجهم بشكل كبير لوجود عميل جديد تحت السيطرة؛ يرفع وينفذ ما أرادوا بدون أي نقاش؟
قد تكون هذه الحملة ذات أثر إيجابي لصالح الحوثيين، وقد ترفع شعبيتهم في مناطق سيطرتهم وتقوي شوكتهم في المنطقة بأكملها، وتكون أيضا مبررا ومسوغا لما يقومون به من أعمال إجرامية ضد أبناء اليمن تحت شماعة وجود جواسيس لأمريكا وكيان يهود.
ألا يعلم الحوثيون أن هناك دولة لا يقل خطرها على البلد من خطر أمريكا وهي بريطانيا المتحكمة بالبلد منذ عقود عبر عملائها في الحكم؟ ألا يعلمون أن كثيراً من الوزراء الحاليين كانوا ينفذون سياسات بريطانيا في تدمير البلد وإبقائه خاضعا للغرب؟ أم أنهم يرقبون فرصة أخرى يكشفون فيه خلية بريطانيا عندما يحشرون في الزاوية ليلهوا الرأي العام باستغلال هذا الحدث؟
ألا يعلم الحوثيون أن البلد لا يزال مستعمراً في ظل حكمهم؟ فهم يطبقون النظام الجمهوري الذي يفصل الدين عن الحياة، واقتصادنا مرتبط بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، وعملتنا مرتبطة بالدولار الأمريكي، ومناهج التعليم خاضعة لسياسات اليونسكو مع إضافتهم النكهات الطائفية النتنة في المناهج!
إن الانتصار الحقيقي هو بتطبيق نظام الإسلام في ظل دولة تطبقه في الداخل وتحمله للعالم رسالة هدى ونور، وتكنس النظام الرأسمالي برمته وننفك من ربقته.
وفي النهاية مهما حاول الحوثيون أن ينفثوا سمومهم وينشروا رهبتهم في أوساط الناس سيجدون من يتصدى لهم ويكشف للأمة حقيقتهم وعمالتهم بالصراع الفكري والكفاح السياسي الذي سيستمر إلى أن يظهر الله الحق ويزهق الباطل، إنه على ذلك قدير.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس صلاح الدين محمد – ولاية اليمن