- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً»
فكيف إذا كانت تلك المرأة تربت في كنف حاكم ظالم مستبد؟!
بنغلادش مثالاً
حسينة واجد، 76 عاما، ابنة الشيخ مجيب الرحمن أول رئيس لبلاده بعد انفصال البنغال عن باكستان، حكمت البلاد 15 عاما بالحديد والنار ودماء العلماء، وتم إعدام الآلاف، وهناك أيضا الآلاف في السجون ممن ينتظرون حكم الإعدام، تماما كوالدها الذي بدأ حكمه بإيصال حوالي 300 ألف شخص إلى المحاكم متهما إياهم بالتعاون مع باكستان وارتكاب جرائم حرب، وهي ثاني امرأة تحكم البلاد، فقد سبقتها من هي على شاكلتها؛ الشيخة خالدة ضياء زوجة الجنرال ضياء الرحمن، والتي لم تحكم البلاد سوى خمس سنوات وانتهى بها المطاف عام 1996 لتكون سجينة مريضة مقعدة، وهذا مصير كل ظالم.
الجدير بالذكر أن هناك صراعا دوليا على بنغلادش بين المستعمر القديم بريطانيا والجديد أمريكا، وأن رئيسة الوزراء حسينة واجد ورثت العمالة لبريطانيا وللفكر الغربي العلماني عن أبيها مجيب الرحمن رئيس حزب عوامي الذي حرض على انفصال بنغلادش التي كانت تعرف بباكستان الشرقية حسب مخطط إنجليزي وبتنفيذ هندي وبتخاذل من حكام باكستان. وقد حكمت حسينة بنغلادش من عام 2009 وفازت بانتخاباتها الرابعة على التوالي في كانون الثاني/يناير من العام الحالي بعد تصويت دون معارضة حقيقية.
ومنذ بداية شهر تموز الماضي شهدت بنغلادش موجة احتجاجات طلابية، كتحدٍ وتهديدٍ غير مسبوق لحكم حسينة واجد التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي، حيث إن أكثر من 18 مليون شاب من أصل 170 مليون نسمة يعانون من البطالة بسبب قانونها الجائر ومحاولة إعادة تطبيقه حيث يعطي حصص أحقية التوظيف لأبناء قدامى المحاربين ممن شاركوا في حرب "الاستقلال" عن باكستان عام 1971م ولفئات أخرى، ويَحرمُ الشباب من 56% من الوظائف لصالح تلك الفئات المؤيدة لها. فيما طالب الطلاب بأن يكون التوظيف حسب جدارة الشخص وليس لاعتبارات أخرى، حيث تستغل رئيسة الحكومة وحاشيتها توظيف أقاربهم وأنصارهم وتحرم المعارضين.
ومن الجدير بالذكر أن الاحتجاجات لم تكن مقتصرة على الطلاب بل إن الناس من جميع الخلفيات انضموا إليهم أيضا، وأطلقت الشرطة الرصاص والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين وأعلنت حظر التجوال في كل أنحاء البلاد وتم نشر قوات الجيش لحفظ الأمن. وقطعت الاتصالات وبث القنوات الإخبارية وبعض خدمات الهاتف المحمول في محاولة لقمع الاحتجاجات. وقد وصفت حسينة المتظاهرين ضد إدارتها بأنهم "إرهابيون يسعون إلى زعزعة استقرار الأمة"!
وبوصول عدد القتلى في الاحتجاجات إلى نحو 300 شخص، بينهم نحو 100 قتيل في يوم الأحد 2024/8/4م وحده، بما يشمل 13 ضابط شرطة، تخلت حسينة في اليوم التالي، الاثنين، عن كرسي الحكم، وغادرت البلاد بعد اقتحام المتظاهرين لقصرها، وكان مصدر مقرب من حسينة، قد صرح في وقت سابق بأنها غادرت قصرها إلى "مكان أكثر أمانا". وبحسب التقارير، فإن "المكان الآمن" الذي اتجهت إليه الشيخة حسينة هو جارتها الهند، أكبر حليفة لها.
وبتصرف يوحي وكأن ما حدث هو انقلاب عسكري مبطن أعلن قائد الجيش في بنغلادش، وقر الزمان، في خطاب متلفز للأزمة في اليوم نفسه، أنه حان الوقت لوقف العنف وأنه "سيتولى المسؤولية كاملة" بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وفرارها من البلاد، رغم أنه ما زال غير واضح إن كان سيرأس الحكومة الجديدة. وأنه سيُجري تشكيل حكومة مؤقتة، وسيلتقي بالرئيس محمد شهاب الدين، آملاً في التوصل إلى حل بحلول نهاية اليوم، كما تعهد أيضاً بتحقيق العدالة لكل أبناء الشعب البنغالي، وأنه تحدث بالفعل إلى الأحزاب السياسية المعارضة في البلاد، مستثنيا حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة، لكن لم يتضح بعد من سيتولى رئاسة الحكومة. كما أعلن الجيش أنه سيرفع، فجر الثلاثاء، حظر التجول الذي فرضه لاحتواء الاحتجاجات، وقال في بيان إن "المكاتب والمصانع والمدارس والكليات... ستكون مفتوحة" كما أمر رئيس بنغلادش محمد شهاب الدين، بعد ساعات من مغادرة الشيخة حسينة البلاد، بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، وكذلك عن الأشخاص الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات.
إن الظلم لا يدوم، والخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة هو مصير كل ظالم، ولكن هل ستنتهي معاناة أهل بنغلادش بعد خروج حسينة؟ لا بل سيأتي من هو على شاكلتها ما دام الحكم وضعيا لا شرعيا، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.
وحدها الخلافة هي التي ستشفي جروح الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء، الجسدية منها والروحية، فلا عدل إلا في ظل الحكم الإسلامي بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، عجل الله لنا بإقامتها، اللهم آمين.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله