- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تطبيق الإسلام بشكل انقلابي هو السبيل الوحيد للتحرير والنصر والتمكين
ما تشهده الشام من استباحة من دول الغرب الكافر المستعمر، والإملاءات الوقحة والشروط الاستعمارية المذلة والتدخل السافر المنكر في قضايا المسلمين، ما كان ليكون لو طبق الإسلام بشكل ثوري انقلابي فوري في أرض الشام، فاستحال أن يكون تحرير ونصر وتمكين بدون هدي الإسلام وبدون قوة خلافته.
فتربص الغرب اللعين الساعة الساعة بسفينة الثوار لخرقها، ما كان ليكون لولا تنكب الإدارة القائمة بدمشق عن تطبيق شرع الله تطبيقا انقلابيا لا تلكؤ فيه. فكل هذه الدعوات النشاز اليوم ما هي إلا همزات شياطين ساسة الغرب التي وجدت آذانا صاغية وأفئدة هواء وعقولا مهزومة ثقافيا، ومكر وكيد استعماري خبيث شُرِّعَت له أبواب دمشق وأضحى ملفا وملفات للنقاش والتداول على طاولة الإدارة القائمة!
* دعوة لمؤتمر وطني للاستفتاء حول نظام الحكم، وكأنك بأهل الشام همل لا دين لهم ولا الإسلام العظيم إسلامهم ولا وحي الحكيم العليم شرعهم وشريعتهم ولا عراقة حضارة الإسلام حضارتهم ولا الأمة الإسلامية المتجذرة جذورها وعروقها في تاريخ البشرية هي أمتهم وهم بعض منها، فالدعوة لمؤتمر وطني هي إقرار بالآليات التي وضعها الاستعمار لجعل الحكم ومنظومته وأجهزته مسألة وضعية وطنية يتواضع عليها أهل الوطن وليس مسألة قضية مصيرية في تحكيم شرع الله بإقامة تاج فروض المسلمين خلافة إسلامهم طاعة وعبادة لربهم!
* دستور بعد ثلاث سنوات، علما أن القائم اليوم هي المنظومة التشريعية العلمانية الكافرة الفاجرة وهي المعمول بها واقعا، فالدول لا تعرف فراغا تشريعيا، فوظيفة الدولة هي تنفيذ وتطبيق التشريعات، والمعمول به اليوم هو ما كان قائما في دولة السفاح الوطنية الوظيفية ومنظومتها ووزاراتها وباقي أجهزتها العلمانية الغربية بحدودها التي رسمها الاستعمار، فالثلاث سنوات هي لإعادة تدوير المنظومة الكافرة الفاجرة وترويض الناس!
* أما السياسة الخارجية القائمة اليوم فقد بدت حقيقتها للعميان، هي الدولة الوطنية الوظيفية في علاقتها الخارجية بالكيانات الوطنية الوظيفية (زيارة وزير خارجية الأمر الواقع ووزير الهيئة إلى مملكة آل سعود الوظيفية وزيارة لإمارات الديانة الإبراهيمية وكر الشرك الجديد والمكر الاستعماري الشديد واستقبال عملاء الاستعمار والتشاور معهم... والحبل على الجرار)، أما عن وفود دول الغرب الاستعمارية فتلك هي الطامة الكبرى فقد باتت دمشق قبلتهم كيدا ومكرا وتجييشا لكل شياطينهم لمنع انبثاق نور الإسلام من أرض الشام، ثم هذه السياسة الخارجية المعمول بها هي طبقا للنظام الدولي الغربي الاستعماري وبحسب قوانينه وأعرافه، فإدارة الهيئة واللقاءات التي لا تنتهي بساسة ووفود المستعمر الغربي هي الإقرار الفعلي بالنظام الدولي الغربي ومنظومته الاستعمارية ودوله الاستعمارية وأجهزة وأدوات استعماره (مجلس الأمن، هيئة الأمم، القانون الدولي...)، وأقبح منها وأشنع الإقرار بتدخل دول الغرب الكافر المستعمر في شؤون أهل الشام المسلمين!
فما يتم في الشام اليوم هو إعادة تركيب للدولة الوطنية الوظيفية للاستعمار بعدما تهاوت أركانها وانهار بنيانها (جيشها، استخباراتها، وسطها السياسي العفن حزب البعث والطائفة العلوية، أجهزتها من الأمن وشرطته، القضاء، الإعلام... فالنظام وأجهزته انهار وهي سابقة في ثورات الربيع العربي). فقد كان ذلك العفو الذي أعلن عليه بعد فرار السفاح غايته إعادة تركيب النظام الوظيفي اللعين من جديد، وبعد سقوط ورقة العفو يتم اليوم تركيب النظام بأساليب أشد خفاء وخبثا وبستار من أصحاب اللحى الوظيفيين، وخلفهم أردوغان واستخباراته، وخلفهم جميعا أمريكا.
فوقائع الشام السياسية المتلاحقة المتسارعة تنبئ وتنذر بأننا لسنا أمام حركة لإدارة متحيرة متخبطة في سعيها لتحكيم شرع الله، بل نحن أمام حركة تدار بمكر خبيث وكيد شديد لإعادة تركيب النظام العلماني القديم اللعين ودولته الوطنية الوظيفية للاستعمار.
نقولها نصيحة خالصة صادقة لمن استنزفتهم عواطفهم الطيبة وأمانيهم الحارة وعِلْمُنا بحبهم لإسلامهم العظيم، لهؤلاء الطيبين وحرصا على إسلامنا وأمتنا نقولها صادقة خالصة، ما ترونه بأرض الشام من الإدارة القائمة وعلى رأسها الجولاني أحمد الشرع ليس خطوات لتحكيم شرع الله ولكنها يقينا خطوات حثيثة لإعادة تركيب النظام العلماني المعادي للإسلام، ووفود دول الغرب الكافر المستعمر التي لا ينتهي حجها إلى دمشق واتصالاتها المكثفة بالإدارة القائمة، وهذا الاتصال والالتصاق السياسي بالإدارة القائمة هو إقرار لها على نهجها السياسي وخريطة الطريق المرسومة لها.
هما طريقان نقيضان؛ صراط الإسلام المستقيم، وسبل الغرب المعوجة، ولا يمكن خوضهما معا، فاستحال أن يجتمع رضا الديان ورضا الشيطان، واستحال أن يجتمع حق الإسلام مع كفر العلمانية، هما منظومتان لا ثالث لهما؛ إما حق الإسلام وإما كفر العلمانية، إما دولة إسلامية وإما دولة وطنية.
حقيق ما ضاع المسلمون من ضعف قوة ولكنهم ضاعوا من ضعف بصيرة بدينهم، ها هي سيرة الهادي ﷺ أسوتنا وقائدنا وإمامنا تنبئكم وهو يقيم أول دولة للإسلام ليحكم أقواما ليست لهم أية سابقة عهد بحكم الإسلام، فأقامها من يومها بل ساعتها بل لحظتها الأولى بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؛ دولة إسلامية خالصة، أورأيتم نبيكم وأسوتكم يدعو لمؤتمر وطني لطوائف المدينة من المسلمين المهاجرين والأنصار والمشركين واليهود ومرضى القلوب المنافقين ليستفتيهم في شكل ومضمون حكمهم، أم كانت محجة بيضاء وإسلاما خالصا وليس شيئا سواه وهيمنة وعلواً لأحكامه وشريعته في الحياة والمجتمع والدولة، وكانت دولته ﷺ التجسيد العملي لتطبيق الإسلام كاملا تطبيقا انقلابيا تغيرت معه الحياة والمجتمع والدولة تغيرا جذريا وكانت دولته حقا إحقاقا لقول المهيمن العزيز: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾؟! وكذلك يجب أن تكون كل دولة تأسيا بالهادي ﷺ.
لمن استنزفتهم الواقعية السياسية والغيبوبة المبدئية فسَلَّطوا ضعف نفوسهم حاكما مُسَلَّطاً على عقولهم، واصطنعوا لهم مذهبا ومسلكا ونهجا سياسيا ظاهره الاستضعاف وباطنه الهزيمة الفكرية والاستلاب الثقافي والواقعية السياسية والاستخذاء بين يدي الغرب وتقليد طرائقه وشرائعه، فاعلموا أن يقين مقدمات الانهزام والانكسار والهزيمة زمن الثورة هو في طلب التحرير والنصر والتمكين بغير هدي الإسلام ولا قوة خلافته.
فالاستسلام لضغط الواقع الاستعماري وواقعيته السياسية واستحضار الممكنات الواقعية كحلول حتى وإن غلفت بصياغة إنشائية وأسندت بشعارات إسلامية، فالمحصلة هي هي في اتخاذ الواقع الذي هو سبب المشكلة والأزمة مصدرا للحلول، ما يعني الانتكاسة والتقهقر نحو القفص الاستعماري مرة أخرى. كما لا يجوز ولا يستقيم مع إيمان مسلم هذه الغيبوبة المبدئية في هذه اللحظة الفارقة والفرصة الاستثنائية السانحة بحجة الظروف والأوضاع غير الملائمة، والغرق في التقليد بدل الإنشاء، علما أن الثورة هي حدث إنشائي بامتياز وهدم للقديم وإنشاء وإقامة للجديد، فالواقعية هي تقليد للواقع والمبدئية هي إنشاء للجديد ولا جديد إلا مع الإسلام ودولته، أما الاستمرار في إلباس الواقعية السياسية لبوس السياسة الحكيمة مع جعل المبدئية مثالية بعيدة المنال أو مغامرة سياسية وخيمة العواقب فهو عين الانحراف المبدئي ويقين الهزيمة، ثم ذلك السقوط المدوي في براثن الاستعمار والوقوع في فخاخ الدبلوماسية الاستعمارية تحججا بذريعة الاعتراف الدولي بالحكم الجديد، وكأنك بالقوم ما فقهوا بعدُ أن التحرير والتحرر يعني القطع الصارم مع الاستعمار وليس نسج علاقات معه.
فتداركوا سفينتكم قبل أن يغرقها المتطفلون الذين اعتلوا كرسي السفاح فحسبوا الأمر إنجازا، ولو فطنوا ووعوا حقيقة دينهم وما يفرضه إيمانهم، لعلموا يقينا أن الإنجاز كل الإنجاز هو في وصول دين رب العالمين، إسلامهم العظيم لسدة الحكم، لا التدرك إلى علمانية الغرب الكافر المستعمر، فما كانت علمانيته ومنظومتها وأنظمتها إلا عنتا وإرهاقا، لا يتهيأ معها صرف أو عدل ولا يستقيم لها شيء ولا تستقيم هي لشيء، هي لمن يبغيها عوجا ويسعى بها فسادا وإفسادا. ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
فاعلموا وأيقنوا أن قطع دابر الغرب الكافر المستعمر عن أرض الشام وكل أرض الإسلام لا يتم إلا بتحكيم شرع الله تطبيقا انقلابيا كاملا غير مجزأ، لقطع دابر الغرب من كل أرض الإسلام، فيكون التحرير الحقيقي لأرض الشام من الاستعمار الغربي اللعين ومعه النصر والتمكين الذي وعد الله به عباده المتقين، حتى تصبح الشام محرمة حرمة البيت الحرام على كفرة المستعمرين، وتقطع حبالهم وخيوطهم بل وأدق نسجهم وغزلهم، حتى لا يسمع لهم صوت أو همس، ويحكم إغلاق أبواب الشام من جهاتها الأربع على الاستعمار وأذنابه وعملائه، ويشرد بكل من توسوس له نفسه خيانة أمانة الإسلام وأمته خدمة للاستعمار. ويتنزل حينها رضا الجليل سبحانه على عباده المستضعفين مَنّاً عليهم بنصره المكين وتمكينه المتين وعونه وتأييده لعباده المؤمنين وتتنزل رحمته وبركاته، فهو القائل سبحانه: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مُناجي محمد